الثقب الأسود (Black Holes) هو مكان في الفضاء يملك كثافة عالية جدًا، أي أن كتلته غاية في الكبر نسبةً إلى حجمه، وكتلته تعادل ملايين المرات من كتلة شمسنا.
وقوة الجاذبية فيها من الكبر بحيث لا يستطيع حتى الضوء الذي يسير بسرعة 300000 كيلو متر في الثانية الإفلات من تلك الجاذبية.
مفهوم الثقوب السوداء
إن تساؤلًا من نوع لماذا لا تزيد سرعة الضوء عن 300000 كيلو متر في الثانية؟ أدى إلى فرضية وجود الثقب الأسود، أي تم تفسير ذلك بإمكان وجود قوة جاذبية تؤثر بشكل كبير على الضوء، وأشار إلى ذلك العالم (جون ميتشل) سنة 1783في أحد مقالاته العلمية حيث قال:
قد يمتلك نجم غاية في الكثافة جاذبية شديدة حتى الضوء لا يستطيع التغلب عليها والإفلات من تأثيرها، أي أن الضوء المنبعث من سطح ذلك النجم ترجعه تلك الجاذبية إلى داخله، ومن المفترض وجود عدد من هذه النجوم التي لا نستطيع أن نرى ضوءها بفعل جاذبيتها الشديدة، وهي ما يسمى بالثقوب السوداء (Black Holes) إنما يمكننا أن نتحسس جاذبية تلك النجوم، إلّا أن هذه التفسيرات أهملت في ذلك الوقت لأن النظرية (الموجية للضوء) كانت هي السائدة آنذاك.
وأعاد هذه الفكرة إلى الأذهان العالم (بيير سيمون لابلاس) الفرنسي الجنسية في كتابه ذي العنوان (مقدمة عن النظام الكوني (Exposition du Syste,me du Monde، لكن العلماء الذين كانوا معاصرين له قد شككوا بهذه الفكرة وذلك لضعفها، حتى جاءت النظرية (النسبية العامة) على يد العالم (البيرت اينشتاين (Alpert Einstein التي استطاعت أن تبرهن على وجود الثقب الأسود.
وتم اكتشاف نجم (الدجاجة) الذي من المحتمل أن يكون ثقبًا أسودًا في العام 1971، وتحقق ذلك عن طريق (التلسكوب الراديوي) مما أكد أن نظرية اينشتاين النسبية حقيقة واقعة.
الثقوب السوداء في النظرية النسبية
يمكن تعريف الثقب الأسود في النظرية النسبية بأنه منطقة من الزمان والمكان (الزمكان) التي تكون الجاذبية فيها من القوة بحيث تتمكن من منع أي شيء مهما كان من الخروج من لإطار تأثيرها.
وتزداد كثافة الثقب نتيجة اندماج وتراصّ الذرات والجسيمات بحيث تنعدم الفراغات البينية مما يجعل الجاذبية تزداد بشكل مذهل وتستطيع أن تجذب إليه أي جسم يقترب إلى نطاق تأثيرها، مهما بلغ حجمه وسرعته، وبحسب النظرية النسبية فإن الثقب الأسود يحني الفضاء من حوله ويؤدي بالأشعة الضوئية لتسير بشكل مقوس وليس بشكل مستقيم كما كان شائعًا.
ولكي تتحول كرتنا الأرضية التي نعيش عليها إلى ثقب أسود يجب أن تصبح كرة يصبح نصف قطرها بطول (0,9) سنتي متر وتبقى كتلها كما هي.
إن النظرية النسبية لاينشتاين يمكنها التنبؤ بأن الأسام الكبيرة والمتحركة بإمكانها بث الموجات الجاذبة تؤدي إلى تقوس وانحناء الفضاء، إن دوران الأرض يؤدي إلى إطلاق موجات جاذبة تؤثر في تغيير شكل مدار الأرض حول الشمس مما يؤدي في آخر الأمر إلى اقتراب الأرض من الشمس إلى أن تبتلعها الشمس.
حجم الثقوب السوداء ودليل وجودها
لقد بين العالم (براندون كارتر) غي عام 1970 على أن شكل وحجم الثقوب السوداء الثابتة الدوران يتوقف حجمها على معدل دورانه وعلى كتلته شريطة أن يملك محور تناظر، أما الأدلة على وجود الثقب الأسود ما هي إلّا الحسابات المبنية على حلول النظرية النسبية العامة لاينشتاين، لكن مع ذلك بقي هناك من العلماء من لم يقتنع بهذه الأدلة.
رصد العالم الفلكي (مارتن سميدت) انزياح نحو اللون الأحمر في مقياس الطيف لأحد الأجسام يعتقد أنه نجم فتبين له أن هذا الانزياح في الطيف الأحمر ناتج عن تأثير مجال جاذبية لجسم بالغ الكبر لكي نستطيع مشاهدته عن تلك المسافة الهائلة، ولا بد من ان يبث طاقة كبيرة ناتجة عن تحطيم أكثر من نجم واحد تحت تأثير القوة الجاذبية الهائلة تلك.
الإشعاع الناتج من الثقوب السوداء
تمكن عالم الفيزياء (ستيفن هوكينغ) من اثبات أن الثقوب السوداء تصدر إشعاعات مختلفة، واستنتج أن كتلتها تتلاشى مع مرور الوقت وقدر الوقت الذي يتلاشى فيه الثقب بستة آلاف وسبع مائة وعشرة أعوام، وذلك بعد تطبيق مبادئ نظريات الترموديناميك ومبادئ النظرية النسبية.
كيف استطاع العلماء أن يفسروا إصدار الثقوب السوداء للإشعاع مع كون أنه لا يمكن لشيء أن يقلت من نطاق جاذبية الثقب الأسود؟
إن الإشعاع أو الجسيمات التي تبثها الثقوب السوداء ليست ناتجة من داخلها ولكن من الفراغ الفضائي خارج نطاق الحدث للثقب، لذلك لا بد لنا من أن نعيد النظر في اعتقادنا أن الفضاء خاليًا تمامًا، مما يعني أنه يجب أن تكون جميع قوة الحقل من حقل كهرمعناطيسي وحقل الجاذبية مساوية للصفر أي معدومة، وهذا مخالف لمبدأ (عدم التأكد) الذي يعني أنه كلما تم قياس إحدى هاتين القوتين بدقة عالية تناقصت الدقة في قياس القوة الأخرى.
إذًا لابد من وجود الجسيمات الأولية التي تختفي تارة وتظهر تارة أخرى، على هيئة ازواج من الجسيمات التي لا تلبث أن تفنى، مما يؤدي إلى نقصان كتلة الثقب الأسود وبالتالي مع مرور الوقت لا أحد يعرف ماذا يحدث للثقب الأسود عندما تتلاشى كتلته.
ولكن الأمر الأقرب إلى الأذهان حدوث انفجار نهائي وهائل جدًا من الإشعاعات نعادل انفجار الملايين من القنابل الهيدروجينية.
رصد ومتابعة الثقوب السوداء
بالرغم من أننا لم نتمكن من تصوير أو رؤية الثقب الأسود إلّا أن هناك طرقًا لمعرفة أماكن وجودها والاستدلال عليها، فقد اكتشف العلماء وجود الثقوب السوداء في مراكز المجرات، لم يشاهدوا الثقوب مباشرة ولكن لاحظوا حركة النجوم في مركز المجرة ودوران هذا النجم المتواري عن الأنظار واعتمادًا على قياس كتلة النجم وطول قطره الفلكي، أمكن العلماء من استنتاج وجود الثقب الأسود في مركز المجرّة، وكانت كتلة الثقب تساوي مليوني من كتلة الشمس.
الثقوب السوداء والنظريات الفيزيائية
من البديهي كون القوانين الفيزيائية تعتمد على النظريات وبالتالي فإن وجود الثقوب السوداء التي تملك جاذبية خارقة القوة فلا بد للأشياء من أن تسقط أو تنجذب إلى داخلها، دون إمكانية الرجوع، ومن المؤكد وجود اجسام تنطلق منها الأشياء أو تخرج منها تعرف بالثقوب البيضاء، وبالتالي يمكن أن نفترض أنه بالإمكان الدخول على الثقب الأسود من مكان ما والخروج من ثقب أبيض في مكان آخر.
وهذا نوع من أنواع السفر ممكن الحدوث في الفضاء، لكن بشكل نظري لأن الدخول إلى الثقب الأسود يعني الفناء بفعل قوة الجاذبية التي يملكها، فيوجد حلول للنظرية النسبية تمكن من السفر عبر الفضاء بالسقوط في الثقب الأسود والخروج في مكان آخر بالخروج من الثقب الأبيض.
لنجيب على السؤال التالي ماذا يحصل لو أن أحد رواد الفضاء سقط في أحد الثقوب السوداء؟ فإن الإجابة هي أن نهاية رائد الفضاء هذا ستكون ليست سعيدة على الإطلاق بل على العكس ستكون أقل ما يقال عنها أنها أليمة، سيتطاول مثل المكرونة السباكتي أولًا ومن ثم سيتعرض للتمزق بسبب فارق القوى المطبقة على جسم رائد الفضاء على رأسه وقدميه، والجسيمات الصغيرة التي تكون جسمه سوف تهرس وتسحق بسبب قوى الجذب الرهيبة، ثم تعبر لتخرج في مكان آخر من أحد الثقوب البيضاء مثل جسيمات مشعة.
هل يمكن رؤية الثقوب السوداء
الأجسام التي تمر بالقرب من الثقب الأسود وتنجذب له فترتفع حرارتها بشكل كبير جدًا بسبب السرعة العالية التي تكتسبها من تأثير قوة جذب الثقب التي يؤثر بها على الأجسام المنجذبة له، وأكبر التلسكوبات الأرضية يمكنها رؤية الدوامات العالية الحرارة، ولا نستطيع رؤية الثقب بذاته، ويمكننا أن تعرف على مكان وجود الثقب بواسطة الأشعة التي تصدرها الأجسام المجذوبة إليه لأن سرعة هذه النجوم تزداد بشكل كبير. ويمكننا نحن البشر أن نطمئن ولا نخاف الثقوب السوداء لأن العلماء لم يرصدوا أي ثقب أسود قريبًا من مجموعتنا الشمسية.
طرق تشكل الثقوب السوداء
يتكون الثقب الأسود من تجمع مكونات كثافتها عالية جدًا وبالطبع صغيرة الحجم، وفي أغلب الأحيان توجد هذه الثقوب في مركز المجرة، وعند نهاية حياة نجم كبير أكبر من حجم الشمس بعدة ملايين من المرات على أقل تقدير يحدث ضمنه أعداد هائلة من التفاعلات النووية التي تمنعه من أن ينهار، إلّا أنه عند توقف هذه التفاعلات فإن ذلك النجم ينهار ويؤدي انهياره إلى تشكيل الثقب الأسود.
ما هي أنواع الثقوب السوداء
للثقوب السوداء عدد من الأنواع هي:
1 – الثقب الأسود البالغ الدقة
هو أصغر ثقب أسود ممكن أن يتشكل.
2 – الثقب الأسود النجمي
تشكل نتيجة انفجار لنجم يبلغ حجمه عدة أضعاف من حجم الشمس.
3 – الثقب الأسود ذو الكتلة المتوسطة
لقد تم تفسير نشوئه بأنه نتج من اتحاد ثقب أسود نجمي مع الأجسام المضغوطة بسبب قوة جذب الثقب لها، أو بسبب اصطدام النجوم الكبيرة الحجم مع تجمعات نجوم عالية الكثافة مكونة الثقب المتوسط الكتلة.
4 – الثقب الأسود بالغ الضخامة
يعتبر أكبر الثقوب السوداء من ناحية الحجم، ومن الممكن أن يكون قد تشكل بسبب الأجسام التي انجذبت إليه، أو يكون قد تشكل مع بدء تكون الكون.
هكذا نرى أن الثقب الأسود يعتبر أمرًا شديد الغرابة في الفضاء الخارجي، فهذه الظاهرة المعروفة بالثقوب السوداء جعلت العلماء في حيرة طوال سنوات وسنوات قبل أن يستطيعوا حل لغز هذه الثقوب.
فسبحان الله الخالق المبدع في عظمة خلقه كما أن هناك العديد من المظاهر الغريبة في الكون لم يستطع العقل البشري حتى الآن من حل لغزها، سبحان الخالق عز وجل (وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا).
قد يهمك أيضًا:
- حقائق عن كوكب المشتري.
- أسئلة قبل البحث عن أطلانتس.
- مثلث برمودا وتفسيرات منطقية للأحداث الغامضة التي تحدث فيه.