أحمد شوقي أمير الشعراء أم شاعر الأمراء

أحمد شوقي أمير الشعراء أم شاعر الأمراء، مقال أدبي يلقي الضوء على قامة شعرية عربية فذّة، من الواجب التعريف به حتى لا يهمل أو ينسى.

أحمد شوقي قدر الشعر العربي حيث أخذ بيده وبث فيه روحًا جديدة من الحياة والحركة، أعادت له دماءً جديدة في أوصاله، فأعاد له بريقه وتوردت وجنتاه من جديد وازدادت جمالًا ونضرة على يديه.

أنه أحمد شوقي أمير الشعراء أم شاعر الأمراء، لنبحر في عالم الشعر من خلال شاعرنا شوقي.

من هو أحمد شوقي

احمد شوقي امير الشعراء أم شاعر الامراء

هو أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك، ولد في السادس عشر من شهر تشرين الأول من عام 1868 للميلاد، والموافق للعشرين من شهر رجب من العام 1287 للهجرة، وتوفي في الرابع عشر من شهر تشرين الأول أيضًا من عام 1932، عن عمر يناهز الرابعة والستين عامًا، أحد أعظم الشعراء العرب إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق، ويلقب (بأمير الشعراء).

والده شركسي وأمه يونانية من أصول تركية، وكانت جدته إحدى الوصيفات في قصر الخديوي (إسماعيل) حيث نشأ عندها في القصر.

لمّا بلغ الرابعة من عمره ألحق بكتاب (الشيخ صالح) وكان معروفًا في عصره، فتعلم على يديه الكتابة والقراءة وحفظ قدرًا كبيرًا من القرآن الكريم، وبعد ذلك التحق بمدرسة (المبتديان) الابتدائية فبرز نبوغه فيها مما أدى لمكافأته بأن أعفي من الرسوم المدرسية، وانكب على الدواووين الشعرية والقصص ينهل منها مما جعل الشعر يجري على لسانه باكرًا.

عندما بلغ الخامسة عشرة من عمره انتسب إلى مدرسة الحقوق واختار قسم الترجمة الذي كان قد استحدث فيها حديثًا، في هذه المرحلة لفت انتباه الشيخ (محمد بسيوني) إلى موهبته الشعرية والذي تنبأ له بأنه سيكون شاعرًا كبيرًا وهذا ما حصل.

وبلغ حد إعجاب الشيخ بموهبة أحمد شوقي أنه كان يعرض عليه قصائده التي يؤلفها بمدح الخديوي قبل أن يقولها بحضرة الخديوي، ومن الجدير ذكره أن (الشيخ بسيوني) قد ذكر الموهبة التي يتمتع بها أحمد شوقي أمام الخديوي مما جعل الخديوي يقابل أحمد حيث قدم له الرعاية.

سفره للدراسة في فرنسا

وبعد أن تخرج من المدرسة التحق بقصر الخديوي الذي أوفده بعد ذلك للدراسة في فرنس لينهل من ثقافتها وعلمها الكثير، فالتحق بداية بجامعة مونبلييه (University of Montpellier) حيث بقي فيها لمدة سنتين غادرها بعد ذلك إلى باريس ليكمل دراسته ليحصل على إجازة في الحقوق في العام 1893، وبقي بعد ذلك في باريس لمدة أربعة أشهر لدراسة الإنتاج الشعري لكبار الشعراء في فرنسا وأوربا، وتعلق يومها بشعر راسين (Racine) وموليير (Moliere).

وفي فرنسا كوّن مع رفاق بعثته (جمعية التقدم المصري) حيث كانت إحدى محطات العمل الوطني لأحمد شوقي، وتوطدت حينذاك صداقته مع زعيم الأمة (مصطفى كامل)،

عودة أحمد شوقي إلى مصر

عندما رجع إلى مصر كان الخديوي (عباس حلمي) متربعًا على عرش مصر فعينه في القصر بقسم الترجمة، ولم يلبث أن توطدت علاقته مع الخديوي الذي وجد في شعر (أحمد شوقي) مساندة له ضد الإنكليز، فقربه منه وخص شوقي الخديوي بقصائد مدح عظيمة.

وقد مدحه بقصيدة عصماء تتألف من ستة وثمانون بيتًا وذلك عندما قصد الخديوي مكة للحج قال فيها:

“إلى عرفات الله يا خير زائــــــر *** عليك ســلام الله في عرفات

إذا حديت عيس الملوك فإنهم *** لعيسك في البيداء خير حداة

يحييّك طـه في مضاجع طهره *** ويعلم ما عالجت من عقبـــات”

ولكون (أحمد شوقي) قد مدح الخديوي قام الإنكليز بنفيه إلى اسبانيا في العام 1915، وهناك نهل من الحضارة الاندلسية، وبان في شعره بهذه الفترة حزنه لبعده عن مصر وحنينه لوطنه فيقول في إحدى فصائده:

“وطني لو شغلت بالخلد عنه *** نازعتني إليه في الخلد نفسي”

عودة أحمد شوقي

عودته من المنفى

حين عاد (أحمد شوقي) من المنفى إلى الوطن كانت الحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارها وأصبح شوقي أكثر التصاقًا بقضايا الشعب وذلك بعد أن استطاع أن يتحرر من القيود التي كانت تشده إلى القصر، تجلى ذلك باقترابه من الشاعر (حافظ إبراهيم) الذي كان ارتباطه بالحركة الوطنية وثيقًا، وغدا كلاهما أي (أحمد شوقي وحافظ إبراهيم) من الفرسان الناطقين باسم الحركة الوطنية، والدفاع عنها.

 وتعد هذه المرحلة من حياة شوقي أغزر الفترات في الإنتاج الأدبي على اختلاف أنواعه من شعر وقصة ومسرحية، وفي العام 1927 عقد مهرجان كبير في مدينة الإسكندرية لتكريم شوقي حضره عدد غفير من الشعراء من كل الوطن العربي وبايعوه خلال المؤتمر بإمارة الشعر، ومن يومها أصبح يعرف (بأمير الشعراء)، بعد أن كان يلقب (بشاعر الأمراء).

معايشته لآلام الأمة العربية

كتب لدمشق ومعاناتها وأحزانها خلال الاحتلال الفرنسي فقال في إحدى قصائده:

    “ســـــــلام من صبا بردى أرقّ *** ودمه لا يكفكف يا دمشــــــق

      وبي مما رمتك به الليـــــــالي *** جراحات لها في القلب عمق

                      جزاكم ذو الجلال بني دمشف *** وعز الشرق أوله دمشـــــــق”

وبين عامي 1932و1932 أنجز شوقي الكثير من الروايات التمثيلية والمسرحيات منها (مجنون ليلى وعلي بك الكبير وقمبيز والست هدى والبخيلة)، ولكن ذلك التعب والارهاق لم يتحمله جسد شوقي الضئيل مما ألزمه الفراش تحت وطأة المرض.

وله عدد آخر من المسرحيات الشعرية ألفها في وقت سابق من بينها (عنترة وكليوباترا)،

مميزات شعر شوقي

له قصب السبق والريادة في النهضة الفنية والأدبية والسياسية والاجتماعية والمسرحية، أمّا في مجال الشعر فالتجديد واضح المعالم في معظم قصائده التي كان قد ألفها، ومن يقرأ ديوانه (الشوقيات) يرى بروز النهضة فيه، وهو ديوان يتألف من أربعة أجزاء اشتمل على أشعاره المنظومة في القرن الثامن عشر، فقد منحه الخالق عز وجلّ موهبة شعرية خلّاقة فكان لا يجد عناءًا عند نظم القصائد، فكانت المعاني تنهال عليه كالمطر فكان يتكلم الشعر في كل مكان ماشيًا كان أو مع أصحابه حيث كان من أخصب شعراء العربية انتاجًا شعريًا.

وبالإضافة لثقافته العربية فقد أتقن اللغة الفرنسية مما مكنه من الاضطلاع وأن ينهل من الأدب الفرنسي وفنونها المختلفة، وكان شوقي قد كتب الشعر في كل المناسبات حتى الاجتماعية منها وقال يمتدح المعلم فيقول:

                  “قم للمعـــــــــــلم وفّه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رســـولا

أعلمت أشرف أو أجل من الذي *** يبني وينشئ أنفسًا وعقولا”

ونظم في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خمسة قصائد فقال:

“ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبســم وثناء”

وفاته

بقي شوقي في وجدان الناس وموضع تقديرهم وإعجابهم، حتى فاجأه الموت بعد انتهائه من تأليف قصيدة طويلة يتكلم فيها عن (مشروع القرش)، حيث فاضت روحه في الثالث عشر من شهر جمادى الآخرة الموافق للرابع عشر من شهر تشرين الأول من العام 1932.

الخاتمة

(أحمد شوقي) لم يكن (شاعر الأمراء) بل (أمير الشعراء)، لكنهم عابوا عليه مدح الخديوي والدولة العثمانية، إلّا أن ذلك تم لرد معروف الخديوي له، فقد كان ولي نعمته وتحت رعايته، كما كان مدحه للخلافة العثمانية كونها خلافة إسلامية فقط، من هنا نرى بأنه كان (أمير الشعراء ولم يكن شاعر الأمراء).

قد يهمك أيضًا:

المراجع:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله