مرض ADHD اضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه لدى الأطفال والكبار

مرض ADHD أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واحد من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعًا بين الأطفال واليافعين والذي يمكن أن يستمر حتى سن البلوغ وربما بعده، وهو حالة مزمنة تصيب ملايين الصغار حول العالم وتظهر على شكل فرط نشاط وحركة لدى الطفل وصعوبة في التحكم بردّات الفعل والتركيز، الأمر الذي يعيق الطفل في العملية التعليمية ويحول دون حدوثها بشكل سلس.

وتقول الاحصائيات إن هذا الاضطراب أكثر شيوعًا في الذكور منه في الإناث، وفي الغالب ما يتم ملاحظة الأطفال الذين يعانون منه في سنين حياتهم الأولى وخلال المراحل الدراسية الأولى عندما يواجهون صعوبة في أداء المهام التي تتطلب تركيز وصفاء ذهني.

أعراض مرض ADHD

مرض ADHD اضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه لدى الأطفال والكبار

من اسم المرض والذي هو فرط النشاط وقصور الانتباه نستطيع أن ندرك بأن أعراض المرض تتركز كلها حول السلوكيات التي تظهر على الطفل ورد فعله تجاه المؤثرات المختلفة من حوله، بالإضافة إلى قدراته الذهنية فيما يتعلق بالتركيز والانتباه. إذ تظهر على الطفل الكثير من الأعراض والتي تشمل

  • تشتت الانتباه وصعوبة في التركيز لفترات طويلة.
  • عدم تمكن الطفل من التركيز على التفاصيل وخاصة عندما يتعلق الأمر في الواجبات المدرسية والدراسية.
  • لا يتمكن الطفل من الالتزام الكامل بأي تعليمات قد توجه له، بما في ذلك تعليمات الوالدين أو المدرسين.
  • لا يتمكن الطفل من التركيز على ذات الشيء لفترة طويلة مثل متابعة التلفاز أو حتى إتمام حوار كامل مع شخص آخر.
  • يظهر على الطفل دائمًا فوضى وتشتت وغياب التنظيم في أغراضه ومقتنياته الشخصية، ودائمًا ما يتسبب في ضياع بعض حاجياته مثل أقلامه وكتبه أو حتى قد يعمد أحيانًا لتخريبها بسبب سلوكه الاندفاعي المتهور.
  • يعاني الأطفال الذين يظهر عليهم أعراض مرض ADHD من النسيان وعدم التذكر للعديد من الأمور بسبب ضعف التركيز لديهم.
  • الحديث بإفراط في أي مكان أو موقف وحتى لو كان التكلم مع نفسه.
  • يكون الأطفال بهذا الاضطراب أكثر طيشًا واندفاع عند اللعب مع الأطفال الآخرين، وقد يتسببون أحيانًا بالأذى الجسدي نتيجة ذلك، سواء لأنفسهم أو لغيرهم. إذ دائمًا ما نلاحظهم يجرون بسرعة ولا يمشون بتروي وهدوء، يقفزون كثيرًا، ويكونون أقل ميلًا للأنشطة التي تتطلب هدوء وتركيز.

هذه أبرز الأعراض التي تظهر على من يعانون من اضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه. يذكر إنه من المحتمل جدًا أن يعاني الطفل من جانب واحد من جوانب المرض وليس من الجانبين معًا، كأن يعاني الطفل من فرط الحركة فقط أو من قصور الانتباه فقط، وهناك احتمالية بالتأكيد لأن يعاني البعض الآخر من الأمرين معًا، وتشير الملاحظات الطبية أن فرط الحركة أكثر ما يظهر على الأطفال الذكور في حين يظهر قصور الانتباه لدى الإناث بصورة أكبر.

الأسباب

لا تزال حتى اليوم أسباب مرض ADHD غير معروفة على وجه الدقة، فبينما يرجعها البعض إلى أسباب وعوامل وراثية وجينية لدى أحد الأبوين أو أقارب الطفل، يستبعد آخرون هذا الأمر، بينما يقول غيرهم إن الأمر قد يعود لأسباب على صلة بفرط الغدة الدرقية، ويشير البعض الآخر إلى عوامل أخرى مثل تعرض الأم للملوثات البيئية والمواد السامة أو التدخين خلال الحمل أو حتى شرب الكحول أو أي من المواد الإدمانية الأخرى.

وكانت قد بينت الدراسات والبحوث حول هذا الأمر إن الأشخاص الذي يعانون من اضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه تظهر لديهم في الدماغ تغييرات على صعيد البنية والأداء الوظيفي في المناطق المسؤولة عن النشاط والحركة لدى الشخص، وتكون على شكل تدني في أداء تلك المناطق.

ولكن برغم ذلك تبقى على ما يبدو الأسباب الحقيقية وراء مرض ADHD غير معروفة ولم يتم تحديدها بشكل دقيق حتى اليوم، خاصة وإنه في أغلب الأحوال يتم التخلص تلقائيًا من هذا الاضطراب بعد سن البلوغ لدى الطفل ونادرًا ما يستمر بعده.

مضاعفات الاضطراب

مرض ADHD اضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه لدى الأطفال والكبار

كثيرًا ما يقوم الوالدين بإلقاء اللوم على أنفسهم نتيجة معاناة طفلهم من قصور الانتباه أو فرط الحركة أو الحالتين معًا، على الرغم من إنه لا تظهر على الطفل أية أعراض مرضية جسدية وعضوية باستثناء الأعراض السلوكية والذهنية التي تكون على صلة بالتركيز والانتباه. وحتى مع المضاعفات التي قد تصل إليها الحالة فأنه تبقى الأسباب هي ذاتها ولا علاقة للوالدين بها ولا يمكن أن تؤدي أي عوامل خارجية إلى مضاعفة الحالة أو ظهورها.

اقرأ أيضًا: تأثير المشاكل الأسرية على الطفل

أما بالنسبة للمضاعفات والتأثيرات التي يمكن أن تصل إليها الحالة فهي كما الأعراض لا تتجاوز كونها مضاعفات على صلة بسلوك الطفل المصاب ويمكن أن تكون على الشكل التالي

  • نتيجة الصعوبة في التركيز التي يواجهها الطفل المصاب تظهر لديه صعوبة في متابعة العملية التعليمية سواء في المدرسة أو المنزل وكثيرًا ما يحتاج إلى جهد من قبل الوالدين والمدرسين أكثر من الأطفال الآخرين الغير مصابين، الأمر الذي قد يؤثر على تحصيله الدراسي والعلمي.
  • صعوبات في التواصل مع الآخرين من حولهم نتيجة عدم قدرتهم على التركيز والمتابعة في حديث أو حوار وعدم القدرة على الالتزام بالتعليمات والأوامر التي قد تصدر عن الوالدين أو المعلمين.
  • نتيجة سلوكهم الاندفاعي المتهور كثيرًا ما يكونون أكثر عرضة للتورط في المشاكل أو التسبب بها لأنفسهم أو الأخرين من حولهم، وبناء على ذلك قابليتهم للانخراط مع مجموعات من الأشخاص سيئي الطباع أو ذوي تصرفات منحرفة.

لا تشمل مضاعفات مرض ADHD أي مشاكل نفسية قد تؤثر على الصحة النفسية للطفل، ولكن هذا لا ينفي قابلية الأطفال بهذا النوع من الاضطرابات إلى ظهور اضطرابات أخرى عليهم بنتيجته مثل ما يعرف باضطراب المعارضة والتمرد، عسر التعلم، وقد يصل الأمر حد الاكتئاب في حالات نادرة.

التشخيص

بحكم طبيعة الاضطراب فأنه ليس من السهل تشخيص الحالة، لدى الأوساط الطبية يعتمد الأمر على سلسلة من الاختبارات توجه للطفل والوالدين ويمكن أن تشمل المعلمين ليتم تحديد الحالة وإذا ما كان فعلًا يعاني من اضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه. يذكر إن الاختبارات لهذا الغرض تكون مقسمة على جزأين كل منها يشخص حالة واحدة من الاضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة.

ولأن العديد من الاضطرابات الأخرى تشترك مع هذا النوع في العديد من الأعراض فأنه دائمًا ما يحاول الأطباء قدر الإمكان توخي الدقة والحذر في التشخيص ويتجنبون الحكم على الحالة من مجرد عرض واحد أو عرضين. وبناءً على ذلك يعتمد الأطباء العديد من المعايير لكل فئة نقص الانتباه وفرط الحركة، ويجب أن يتواجد لدى الطفل ستة عوامل أو أكثر على الأقل من كل فئة حتى يمكن تشخيص الحالة على إنها اضطراب ADHD.

وطبعًا في بعض الحالات لا يقتصر أمر التشخيص على ذلك، بل قد يشمل التشخيص مقابلات مع والدي الطفل ومعلميه وربما بعض الاستبيانات والاستمارات التي تمكن الطبيب من التعرف إلى الحالة عن قرب وبدقة أكثر.

العلاج

يمكن أن يتضمن علاج مرض ADHD لدى الأطفال المعالجة النفسية والدوائية معًا، وطبعًا هنا المعالجة النفسية لا يقصد بها جلسات العلاج والتحليل النفسي وإنما نوع من المعالجة السلوكية أكثر منها نفسية والتي تتم بمساعدة الوالدين والمعلمين وباقي الأشخاص حول الطفل. إذ يمكن أن يتضمن مساعدة الطفل على أن يكون أكثر هدوءً أثناء الحصص الدراسية عبر تقليص مساحة الحرية بالحركة المسموحة له مثلًا، مساعدته على تنظيم حاجياته وترتيب غرفته بنفسه، بذل مزيد من الجهد معه لفترات تركيز أطول وغير ذلك من العوامل التي تركز على مساعدة الطفل على التحسين من سلوكه.

أما العلاج الدوائي فيشمل المسكنات والمهدئات الدوائية والتي تستخدم على نطاق واسع في العالم مع هذا الاضطراب واضطرابات أخرى غيره، وهذه الأشكال من الأدوية بمجملها يكون دورها على شكل إحداث تأثيرات على الناقات العصبية في الدماغ وموازنة تركيز المواد الكيمائية والتي تسهم في التخفيف من أعراض الاضطراب والحد من السلوك الاندفاعي لدى الطفل.

العيب في هذه الادوية هو التأثيرات التي يمكن أن تحدثها بالإضافة إلى انها ذات مفعول مؤقت سريع الزوال. أما التأثيرات فأنها يمكن أن تؤدي إلى فقدان الشهية لدى الطفل وبناءً على ذلك نقصان الوزن، إلى جانب أعراض جانبية أخرى مثل اضطرابات في النوم وعصبية زائدة بعد انتهاء مفعول الدواء، لذلك هي لا تعد خيار علاجي جيد للأطفال.

اضطراب ADHD لدى الكبار

مرض ADHD اضطراب فرط الحركة وقصور الانتباه لدى الأطفال والكبار

يعتقد الكثيرين إن مرض ADHD يقتصر على الأطفال فقط وإنه هو الاضطراب الذي يلازم الطفل في سنوات حياته الأولى ومن ثم يزول تدريجيًا مع نموه وحتى وصوله سن البلوغ. ولكن تشير الإحصائيات إلى غير ذلك، إذ إنه هناك نسبة لا بأس بها يلازمها هذا الاضطراب حتى مع تقدمها بالعمر رغم إنه تتطور أعراضه وتختلف عما عليه مع الصغار.

فمثلًا الكبار الذين يلازمهم هذا الاضطراب يلاحظ عليهم صعوبة في الالتزام بمواعيدهم، صعوبة في تنظيم أمورهم الشخصية مثل غرفهم ومكاتب عملهم وحتى المهمات التي تتطلب منهم، كثيرًا ما يؤثر هذا أيضًا على علاقات الشخص مع من حوله ويكون أكثر عصبية وسرعان ما يفقد توازنه وهدوءه في المواقف الصعبة. يذكر إن الاضطراب هذا لا يصيب البالغين دون مقدمات، وإنما فقط يظهر لدى الأشخاص الذين كانوا يعانون منه في صغرهم وخلال مراحل طفولتهم.

وأيضًا خيارات العلاج عند الكبار لا تختلف عنها عند الصغار، إذ تشمل المسكنات والمهدئات ومنشطات النواقل العصبية في الدماغ والتي تساعد على التركيز أكثر، بالإضافة إلى العلاج السلوكي والإرشادي.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله