مدائن صالح … موطن ثمود “قوم صالح عليه السلام”

تعرف مدائن صالح بمدينة الحجر سابقًا والتي ذكرها لنا القرآن الكريم وسمى سورة باسمها تدعى سورة الحجر، وهي موطن لقوم ثمود الذين خالفوا نبيهم صالح عليه السلام وعصوا أوامره وعقروا الناقة التي أخرجها لهم من الصخرة كما طلبوا.

أين تقع مدائن صالح؟ وهل لها علاقة بمدينة الأنباط؟ وهل يجوز لنا زيارتها؟ قصتهم باختصار …

مدائن صالح قوم ثمود

أين تقع مدائن صالح؟

تقع مدائن صالح في شبه الجزيرة العربية في الحجاز شمال غرب السعودية في محافظة العلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة. كانت تحتل موقعاً إستراتيجياً هامًا على الطريق الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية ببلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، ولها شهرتها التاريخية بسبب موقعها الهام على طريق التجارة الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية والشام.

علاقة مدائن صالح بالأنباط

تعد مدائن صالح من أهم حواضر الأنباط بعد عاصمتهم البتراء، أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط موجودة فيها، والتي تفصلها عن مدائن صالح مسافة 500 كم، أهم أدوارها الحضارية  يعود إلى القرنين الأول قبل الميلاد والأول الميلادي، وذلك خلال فترة ازدهار الدولة النبطية وقبل سقوطها على يد الإمبراطورية الرومانية عام  106م.

آثار مدائن صالح

تضم آثار مدائن صالح 153 واجهة صخرية منحوتة. تم تسجيل موقع مدائن صالح من مواقع التراث العالمي سنة  2008م، ليصبح بذلك أول موقع يتم تسجيله في السعودية، كما يوجد موقع أثري آخر يعرف بمدائن شعيب يقع شمال غرب مدائن صالح، والذي يشبه إلى حد كبير الآثار الموجودة في مدائن صالح.

قصة أهل مدائن صالح باختصار

صالح عليه السلام من أحفاد ثمود، وثمود من بني عاد، تركوا اليمن وانتقلوا إلى شمال الجزيرة العربية بمنطقة تسمى الحجر. قال تعالى: (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين)، والمقصود هم قوم صالح الذين سكنوا مدائن صالح شمال غرب المدينة المنورة.

نحتت ثمود المساكن في الجبال، ورثوا هذه الصناعة من عاد. (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد)، (وعادًا وثمودًا وقد تبين لكم من مساكنهم)، أي ما زالت موجودة بيتوهم إلى الآن. (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم من الأرض تتخذون من سهولها قصورًا وتنحتون الجبال بيوتًا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين).

نفس طريقة عاد قوم هود عليه السلام لأنهم من ورثة عاد. وقد أنعم الله عليهم لعلهم يتعظون قال تعالى: (أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ، وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ).

نفس التجربة وأعطاهم الله الفرصة لعلهم يتعظون لكنهم كفروا بالله وما اعتبروا وعبدوا الأصنام. فبعث الله من بينهم نبيهم صالح عليه السلام، وكان عاقلًا حكيمًا، وكانوا يسمعون منه ويحبونه لكن لما طلب منهم عبادة الله وترك الأصنام أجابوه: (قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ).

اتهموه بالكذاب وبأنه مجنون واتهموه بالسحر وطالبوا بطرده هو ومن آمن معه، فحذرهم من عذاب الله. فتحدوه وطلبوا منه أن تنشق من الصخرة ناقة وليست ناقة عادية بل أرادوا أن يصعّبوا الأمر على صالح طلبوا ناقة ضخمة وأن تكون حامل بالشهر العاشر وكل واحد بدأ يتشرط ويتفنن بالتعجيزات.

فتحداهم صالح عليه السلام، وجمع الناس، ودعا ربه واستجاب الله له، وخرجت ناقة ضخمة حامل في شهرها العاشر كما طلبوا تمامًا. وسماها ناقة الله لأنها معجزة من الله. وحدد لهم شروط عليهم الالتزام بها وإلا سينزل العذاب عليهم.

 (إِنَّا مُرۡسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتۡنَةٗ لَّهُمۡ فَٱرۡتَقِبۡهُمۡ وَٱصۡطَبِرۡ، وَنَبِّئۡهُمۡ أَنَّ ٱلۡمَآءَ قِسۡمَةُۢ بَيۡنَهُمۡۖ كُلُّ شِرۡبٖ مُّحۡتَضَرٞ). لكن ظل معظمهم على الكفر فقال تعالى (فظلموا بها)، (وآتيناهم آيتنا كلها فكانوا عنها معرضين).

ولم يؤمنوا واجتمع الملأ على أن يقتلوها ويتخلصوا منها (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر)، (إذ انبعث أشقاها). فقرر قدار وأصحابه على أن يقتلوا الناقة وكان قدار أشقى الناس، كان  عددهم تسعة. (وَكَانَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ تِسۡعَةُ رَهۡطٖ يُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا يُصۡلِحُون

شباب ليس فيهم خير. على الفساد الدائم … وقتلوا الناقة وابنها وعجلوا العذاب، (وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين). والكل شارك في الجريمة وأكلوا من لحم الناقة إلا القوم المؤمنين. ولما علم صالح بما حدث قال لهم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب.

فعندها قرروا قتل النبي صالح، (قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِۦ مَا شَهِدۡنَا مَهۡلِكَ أَهۡلِهِۦ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ). وتوجهوا إلى بيت صالح (ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين). أول تدمير نزل على هؤلاء التسعة، تزلزت الأرض من تحتهم ونزلت عليهم الصخور فأهلكتهم.

ثم بدأ العذاب … قال تعالى: (ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدًا لثمود). أما صالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين رحلوا من المكان. وظهرت علامات العذاب على قومه الكفرة بتلوين بشرة وجوههم من أصفر إلى أحمر إلى أسود. وعرفوا أن الأمر حق وأنه لا مفر. بدأت الأرض تهتز فسقطوا ثم بدأت الصواعق تنزل عليهم ثم ختم الأمر بصيحة فأهلكتهم جميعًا. ونجا الله صالح ومن معه. (وَأَنجَيۡنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ).

وبقية آثرهم إلى اليوم في مدائن صالح. (فَتِلۡكَ بُيُوتُهُمۡ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ). (فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ). وهاجر صالح عليه السلام إلى فلسطين وسكن في مدينة الرملة ومات هناك عليه السلام.

الأحاديث التي وردت عن مدائن صالح

وردت أحاديث تنذر من الذهاب إلى تلك الديار الملعونة. وسنذكرها لعل الناس تتعظ وتعلم أن مدائن صالح ليست للسياحة والمرح. بل يكفي ما قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن أنس بن مالك: عن ابنِ عمرَ قال نزل رسولُ اللهِ ﷺ بالناس عامَ تبوكَ الحِجرَ عند بيوتِ ثمودَ فاستقى الناسُ من الآبارِ التي كانت تشربُ منها ثمودُ فعجَنوا ونصبُوا القدورَ باللحم فأمرهم رسولُ اللهِ ﷺ فأَهرِقوا القدورَ واعلفوا العجينَ الإبلَ ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئرِ التي كانت تشربُ منها الناقةُ ونهاهم أن يدخلوا على القومِ الذين عُذِّبوا فقال إني أخشى أن يُصيبَكم مثلُ ما أصابهم فلا تدخُلوا عليهم. (1)

عن عبدالله بن عمر: لا تَدخُلوا على هؤلاءِ القومِ المُعَذَّبينَ إلّا أنْ تَكونوا باكينَ فإنْ لم تَكونوا باكينَ فلا تَدخُلوا عليهم أنْ يُصيبَكم مِثلُ ما أصابهم. (2) وفي رواية أخرى فإن لم تبكوا فتباكوا

عن أبي كبشة الأنماري: لما كان في غزوةِ تبوكَ فسارع الناسُ إلى أهل الحجرِ يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ فنادى في الناسِ الصلاةُ جامعةٌ قال فأتيت النبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يمسك بعيرَه وهو يقول ما تدخلون على قومٍ غضب اللهُ عليهم فناداه رجلٌ نعجب يا رسولَ اللهِ قال أفلا أُنبِّئُكم بأعجبَ من ذلك رجلٌ من أنفسكم يُنبِّئكم بما كان قبلَكم وما هو كائنٌ بعدكم فاستقيموا وسدِّدوا فإنَّ اللهَ لا يعبأ بعذابِكم شيئًا وسيأتي قومٌ لا يدفعون عن أنفسِهم شيئًا. (3)

فيديو يوضح أمور تتكلم عن مدائن صالح

https://www.youtube.com/watch?v=ihRWkL1_4uU

المصادر

المكتبة الوقفية – waqfeya

قصص الأنبياء – لابن كثير

الباحث الحديثي

تفسير القرآن لابن كثير والقرطبي

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله