“كل يوم هو في شأن” آية من سورة الرحمن … تفسيرها

روى أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل يوم هو في شأن قال: من شأنه أن يغفر ذنبًا ويفرج كربًا ويرفع قومًا ويضع آخرين.[ref]روى أبو الدرداء رضي الله عنه… | صحيح ابن ماجه[/ref]

وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: كل يوم هو في شأن قال: يغفر ذنبًا ويكشف كربًا ويجيب داعيًا. وقيل: من شأنه أن يحيي ويميت، ويعز ويذل، ويرزق ويمنع. وقيل: أراد شأنه في يومي الدنيا والآخرة.

قال ابن بحر: الدهر كله يومان، أحدهما: مدة أيام الدنيا، والآخر: يوم القيامة، فشأنه سبحانه وتعالى في أيام الدنيا الابتلاء والاختبار بالأمر والنهي والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع، وشأنه يوم القيامة الجزاء والحساب، والثواب والعقاب.

ثنا الحارث بن عبدة بن رباح الغساني، عن أبيه عبدة بن رباح، عن منيب بن عبد الله الأزدي، عن أبيه قال: تلا رسول الله ﷺ هذه الآية ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ فقلنا: يا رسول الله، وما ذلك الشأن؟ قال: “يَغْفِرُ ذَنْبَا، ويُفَرّجُ كَرْبا، ويَرْفَعُ أقْوَاما، وَيَضَعُ آخَرِينَ.”[ref]تفسير الطبري | ابن جرير الطبري[/ref]

قَالَ قَتَادَةُ: لَا يستغني عنه أهل السموات وَالْأَرْضِ، يُحْيِي حَيًّا، وَيُمِيتُ مَيِّتًا، وَيُرَبِّي صَغِيرًا، وَيَفُكُّ أَسِيرًا، وَهُوَ مُنْتَهَى حَاجَاتِ الصَّالِحِينَ وَصَرِيخُهُمْ، وَمُنْتَهَى شَكْوَاهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أبو اليمان الحِمْصيّ، حدثنا حرير بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ سُوَيْد بْنِ جَبَلَةَ -هُوَ الْفَزَارِيُّ-قَالَ: إِنَّ رَبَّكُمْ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، فَيُعْتِقُ رِقَابًا، وَيُعْطِي رِغَابًا، وَيُقْحِمُ عِقَابًا.[ref]تفسير ابن كثير | ابن كثير[/ref]

يغفر ذنبًا، ويفرج همًا، ويكشف كربًا، ويجبر كسيرًا، ويغني فقيرًا، ويعلم جاهلًا، ويهدي ضالًا، ويرشد حيران، ويغيث لهفان، ويفك عانيًا، ويشبع جائعًا، ويكسو عاريًا، ويشفي مريضًا، ويعافي مبتل، ويقبل تائبًا، ويجزي محسنًا، وينصر مظلومًا، ويقصم جبارًا، ويقيل عثرة، ويستر عورة، ويؤمن روعة، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل.[ref]تفسير ابن القيم | ابن القيم[/ref]

وقيل: المراد بذلك الإخبار عن شأنه في كل يوم من أيام الدنيا وهو الظاهر. والشأن في اللغة الخطب العظيم والجمع الشؤون والمراد بالشأن ها هنا الجمع كقوله تعالى: ثم يخرجكم طفلًا. وقال الكلبي: شأنه سوق المقادير إلى المواقيت. وقال عمرو بن ميمون في قوله تعالى: كل يوم هو في شأن من شأنه أن يميت حيًا، ويقر في الأرحام ما شاء، ويعز ذليلًا، ويذل عزيزًا.

وسأل أحد الأمراء وزيره عن قوله تعالى: كل يوم هو في شأن فلم يعرف معناها، واستمهله إلى الغد فانصرف كئيبًا إلى منزله فقال له غلام له أسود: ما شأنك؟ فأخبره. فقال له: عد إلى الأمير فإني أفسرها له، فدعاه فقال: أيها الأمير! شأنه أن يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ويشفي سقيمًا، ويسقم سليمًا، ويبتلي معافى، ويعافي مبتلى، ويعز ذليلًا ويذل عزيزًا، ويفقر غنيًا ويغني فقيرًا، فقال له: فرجت عني فرج الله عنك، ثم أمر بخلع ثياب الوزير وكساها الغلام، فقال: يا مولاي! هذا من شأن الله تعالى.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قدر مقادير الأشياء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء. وفي سنن أبي داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له اكتب، قال: وما أكتب يا رب، قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة.

وهو سبحانه وتعالى كل يوم في شأن يخلق ويبرز للوجود ما قدر خلقه من المقادير السابقة، فقد ذكر أهل العلم أن مراتب الإيمان بالقدر أربع:

  • المرتبة الأولى: العلم، فإنه سبحانه يعلم ما كان وما سيكون وما هو كائن وما لم يكن لو كان كيف يكون، لا يخفى عليه من ذلك صغيرة ولا كبيرة.
  • المرتبة الثانية: هي الكتابة فإنه سبحانه قد سجل كل ما كان وما سيكون من أحوال وأفعال وحركات وسكنات في كتاب عنده.
  • المرتبة الثالثة: المشيئة والإرادة، فكل ما يقع في الكون إنما هو بمشيئة الله وإرادته.
  • المرتبة الرابعة: الخلق حيث يخلق الله تعالى ما شاء خلقه في الوقت الذي قدره سبحانه وتعالى.

وفي حلقة من حلقات الدكتور عمر عبد الكافي يشرح من خلالها معنى الآية “كل يوم هو في شأن” من خلال قصة قصيرة للإمام الغزالي. يقول: كل يوم في مسألة. حكاية عن الامام الغزالي أبو حامد يحضر عنده تلاميذ. فإذا بواحد منهم يسأله، يقول ربنا “كل يوم هو في شأن” فما شأن ربنا اليوم؟

 أجابه أبو حامد أخبرك بالإجابة غدًا إن شالله. ويأتي اليوم الذي يليه ويسأله السائل نفس السؤال ثلاث إلى أربع مرات. فدعا ربه أن يعينه على الإجابة. فرأى في المنام حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. قال يا أبا حامد قل له إن لله أمور يبديها ولا يبتديها يرفع أقوامًا ويخفض آخرين. فعندما ذهب الإمام الغزالي إلى السائل في اليوم التالي أخبره بالإجابة. قال السائل: يا أبا حامد أكثر من السلام على من دلك على الإجابة.[ref]أروع تفسير لقول الله تعالي كل يوم هو في شأن | الشيخ عمر عبد الكافي[/ref]

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله