قصة علي بابا والأربعين حرامي بأحداثها الحقيقية – حكاية من ألف ليلة وليلة

قصة علي بابا والأربعين حرامي، حكاية أسطورية اخترقت الآفاق، وعبرت كل لغات العالم، تغلغلت في المخيال الشعبي لتصبح أثرًا تاريخيًا خالدًا على مر العصور. أضيفت قصة علي بابا والأربعين حرامي إلى كتاب ألف ليلة وليلة في القرن الثامن عشر بواسطة مترجمها الفرنسي أنطوان غالان الذي سمعها شفويًا من الراوي السوري حنا دياب، وباعتبارها واحدة من أكثر الحكايات شعبية، فقد تم إعادة سردها على نطاق واسع، وتم عرضها في العديد من وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم.

تدور قصة علي بابا والأربعين حرامي حول شاب فقير استطاع صدفةً أن يحصل على كلمة سرية تفتح له باب مغارة مليئة بالكنوز التي يغتنمها اللصوص، وبالرغم من أنه تعرض للمكيدة من قبل أخيه، وللقتل من قبل اللصوص الأربعين إلا أنه تغلب عليهم وظفر بالفوز بكنوز المغارة، وذلك بفضل جارية ذكية زوجها علي بابا لابنه الوحيد، هيا بنا لنستمتع سويًا بأحداث مشوقة تحبس الأنفاس.

قصة علي بابا والأربعين حرامي

بداية قصة علي بابا والأربعين حرامي (مراقبة اللصوص)

بداية قصة علي بابا والأربعين حرامي (مراقبة اللصوص)

كان يا مَا كان في قديمِ الزّمان، كان هناك رجل طيب يدعى علي بابا وكان له أخ شجع اسمه قاسم، كان قاسم وعلي بابا أخَوان يعيشان في إحدى المُدن القديمة، وكان والدُهما يعمل في التّجارة، وبعد وفاة الأب استولى الابن الأكبر قاسم على جميع ثروة والده، ومنع أخيه علي بابا من أن يأخذ قرشًا واحدًا من مال أبيه، وترك أخاه الأصغر علي بابا يعيش حالة فقر لا تُطاقُ. حيث تزوج قاسم من امرأة ثرية ليزداد غناه ويصبح أكبر تاجرًا في المدينة، بينما تزوج علي بابا من امرأة فقيرة الحال لا تملك إلا ملابسها التي ترتديها، فعمَل علي بابا حطابًا في الغابة المجاورة، يقطع الأشجار ويبيع حطبها في البلدة لتأمين قوته وقوت زوجته ببعضًا من المال الزهيد.

وذات يوم، بينما كان علي بابا يجمع الحطب في الغابة، رأى مجموعة من الرجال يمتطون صهوة الجياد ويقتربون نحوه وسط سحابة من الغبار. اعترى علي بابا الخوف من مظهر الفرسان الملثمين، فخبأ حماره في مكان آمن، وتسلق شجرة ذات أوراق كثيفة لمراقبة الفرسان دون أن يروه. فلما تقدموا أكثر ونزلوا أحصى عددهم فوجدهم 40، فعلم حينها أنهم الأربعون لصًا الذين تعج البلاد بالحديث عنهم.

التزم علي بابا الصمت حتى توقف الأربعون لصًا بالقرب من كهف مغطى بصخرة ضخمة، ونزلوا عن خيولهم المحملة بالأكياس والحقائب وبعض الجرار الثقيلة، حيث تقدم زعيمُ عصابة اللصوص بضع خطوات باتجاه صخرة المغارة وقال بصوت مرتفع: (افتح يا سمسم)، وهنا حصل أمر غريب بالفعل، فقد تحركت الصخرة الكبيرة من مكانها بصوت مدوي، وما أن انفتحت تمامًا دخلوا الرجال إلى المغارة وكل منهم يحمل خلف ظهره كيسًا يبدو عليه الثقل، وعندما دخل آخرهم أغلق باب المغارة عليهم.

اندهش علي بابا مما رآه أمام عيناه، وقال في نفسه: لابد أنها المسروقات التي يجمعونها من بلادنا والبلاد المحيطة بها، هكذا إذًا.. يجمعونها ويخبؤونها بهذه المغارة السحرية. وبينما كان علي بابا ملتزمًا الهدوء والصمت يراقب ما سوف يحدث فتح باب المغارة، وخرج الأربعين حرامي منها بأيديهم الفارغة، ثم وقف زعيمهم مقابل الصخرة وقال: (أغلق يا سمسم)، فأغلقت المغارة بالصخرة، وامتطوا اللصوص جيادهم وغادروا.

وبمجرد ابتعادهم وغيابهم عن الأنظار، نزل علي بابا من على الشجرة، واتجه نحو المغارة ليستكشفَ المكان ويعيد ترديد الكلمات التي سمعها من زعيم اللصوص، وقال: (افتح يا سمسم)، فتحركت الصخرة وفتحت المغارة، فتقدم علي بابا إلى الداخل، وأغلقت المغارة عليه كما حصل مع الّلصوصُ تمامًا. وهنا، أصابت الدهشةُ علي بابا مِن هَوْلِ ما رآه. ولكن ماذا رآى علي بابا داخل المغارة؟ وكيف تصرف آخاه قاسم عندما علم بالأمر؟

قصة علي بابا والأربعين حرامي (اكتشاف الكنز)

قصة علي بابا والأربعين حرامي (اكتشاف الكنز)

عندما دخل علي بابا المغارة توقع أن يرى مكانًا موحشًا ومظلمًا، ولكنه تفاجأ كثيرًا عندما وجد المغارة كبيرة ومضاءة جيدًا، فقد كان ينبعث الضوء من فتحة في سقفها. وما أن نظر حوله حتى وجد أكوام من الذهب والفضة، وأقمشة حريرية غالية الثمن، وحقائب جلدية ممتلئة بالنقود، وجرار فخارية تفيض بالماس والأحجار الكريمة والنفيسة.

لم يصدق علي بابا ما قد رأته عيناهُ، حيث أن اللصوص يتخذون من هذه المغارة مكانًا لتخزينِ ما يسرقونه من الناس، أخذ علي بابا بعضًا من الحقائب والجرار الممتلئة بالأموال والمجوهرات وأغلق البوابة بالكلمات ذاتها، (أغلق يا سمسم)، ثم وضع ما أخذه على ظهر حماره وعاد منزله سعيدًا فرحًا، ثم أدخل الحمار إلى فناء منزله وأغلق الباب وراءه، وحمل حقائب النقود والمجوهرات إلى زوجته وأفرغها أمامها. أصابتها دهشة عجيبة أعجزتها عن السؤال، فشرح لها ما حدث معه، وطلب منها أن تحافظ على السر، واقترح عليها أن يذهب ويدفن الذهب في مكان بعيدًا عن الأنظار. فقالت له بعد ما صحت من صدمتها: (دعني أكيلها أولًا. سأذهب واستعير ميزانًا من بيت أخيك بينما تحفر أنت الحفرة). فركضت زوجة علي بابا إلى زوجة قاسم واقترضت منها ميزانًا، ولكن زوجة القاسم كانت امرأة ماكرة وفضولية، فشكت في الأمر، لأن علي بابا لا يملك ما يزنه، فلماذا يحتاج الميزان إذًا؟

فكرت زوجة قاسم الحسودة في حيلة ماكرة تكشف لها هذا الأمر، فقامت بوضع بعضًا من الغراء في قاع الميزان وأعطتها إياه، وعندما فرغ علي بابا وزوجته من وزن الذهب، أعادوا الميزان إلى زوجة أخيه قاسم دون أن يلاحظوا أن ثمة قطعة من الذهب عالقة بإحدى كفتي الميزان، فرأت زوجة قاسم ما رأته، وما أن عاد زوجها إلى المنزل قالت له: أصبح أخوك علي بابا أغنى منك، فإنه لا يحسب ماله فحسب، بل يزن الذهب أيضًا. فطلب منها أن تشرح له هذا اللغز، فروت له ما حدث. ولكن هل سيدع قاسم الجشع أخاه علي بابا يتمتع بما لديه من الذهب، وإلى أين سيقوده طمعه وشجعه؟

قصة علي بابا والأربعين حرامي (موت شقيقه قاسم)

قصة علي بابا والأربعين حرامي (موت شقيقه قاسم)

شعر قاسم بالغبطة، وملئت قلبه الغيرة الشديدة عندما أخبرته زوجته بما حدث، لدرجة أنه لم يستطع النوم، وما أن بزغ الفجر ذهب إلى بيت أخيه علي بابا وقال له وهو يعرض عليه القطعة الذهبية: علي بابا، أنت تتظاهر بالفقر ومع ذلك تقيس الذهب بالميزان، هيااااا إحكي لي ما الأمر.

هنا أدرك علي بابا أنه من خلال حماقة زوجته عرف أخيه قاسم وزوجته سرهما، فاعترف علي بابا بكل شيء وعرض على قاسم نصيبًا من الذهب والمال، فقال له قاسم: وهل تحسبني أحمقًا، يجب أن أعرف مكان الكنز، وإلا سأكتشف كل شيء بنفسي، وستخسر أنت كل شيء. فأخبره علي بابا بدافع الطيبة أكثر من الخوف بكل ما حدث معه بما في ذلك (افتح يا سمسم).

غادر قاسم منزل علي بابا، ونهض في وقت مبكر من صباح اليوم التالي، وانطلق ومعه عشرة بغال محملة بصناديق كبيرة، وسرعان ما وجد المكان والصخرة الكبيرة التي تغلق باب المغارة، وقال: افتح يا سمسم. فُتح الباب ودخل قاسم ببغاله وصناديقه إلى المغارة ومن ثم أغلق الباب من ورائه. سال لعابه حين رأى أكوام الذهب والنقود أمام عينيه وباشر على الفور بملئ الصناديق التي جلبها معه حتى امتلأت جميعها.

عندما هم قاسم للخروج نسي كلمة السر التي فُتح من خلالها باب المغارة، وأخذ يجرب ويقول: (افتح يا شعير)، (افتح يا فول)، ولكن دون جدوى، وبدأ يذكر جميع أنواع الحبوب المختلفة ماعدا الاسم الصحيح، فقد نسي الكلمة كما لو لم يسمعها من قبل، ومازالت المغارة موصدة والوقت ينقضي عليه، حتى بدأ الخوف يتسلل إلى قلبه الممتلئ بالندم، فقد أيقن أن طمعه وشجعه أعميا بصيرته، وأنسياه كلمة السر التي سوف تنقذ حياته. وأثناء وجوده داخل المغارة إذ باللصوص جاؤوا ودخلوا المغارة ليضعوا فيها ما قاموا بسلبه ونهبه من المدن، فرأوا فيها قاسم وبغاله المحملة بالذهب والمجوهرات.

استشاط زعيم العصابة غضبًا لأن أحدهم عرف مكان مخبأهم السري للكنوز، وسيفضح أمرهم في البلاد كلها، فأمر اللصوص أن ينالوا منه على الفور، انقض اللصوص على قاسم وقتلوه وأبقوه في المغارة وغادروا. ولكن هل سيكتشف علي بابا مقتل أخيه، وماذا سيفعل؟

قصة علي بابا والأربعين حرامي (البحث عن قاسم ودفنه)

قصة علي بابا والأربعين حرامي (البحث عن قاسم ودفنه)

عندما أسدل الليل ستاره ولم يعد القاسم بعد، شعرت زوجته بالقلق الشديد، وذهبت إلى علي بابا لتخبره أن زوجها تأخر عن موعد رجوعه إلى المنزل على غير عادته. بذل علي بابا قصارى جهده لتهدئتها، وانطلق إلى الغابة بحثًا عن أخيه قاسم، وحين وصوله إلى المغارة استخدم كلمة السر (افتح يا سمسم) ففتحت المغارة، وأول ما رآه علي بابا هي جثة أخيه قاسم، أصاب علي بابا حزنًا شديدًا، وبدأ بالبكاء ندمًا لأنه هو الذي أرشده إلى طريق المغارة جاهلًا الخطر الذي ينتظره هناك. وضع علي بابا جثة أخيه القاسم على أحد البغال وأخذ البغال الأخرى التي وضع القاسم عليها الذهب، وصل علي بابا إلى بيته ووضع البغال المحملة بالذهب في فناء منزله، ثم ذهب بجثة أخيه قاسم ليسلمها إلى زوجته ويعلمها بمقتله.

فتحت الباب خادمة أخيه قاسم، تدعى (مرجانة) التي كانت تعرف بذكائها وشجاعتها. وقال لها علي بابا: هذه جثة سيدك المقتول ولكن يجب أن ندفنه وكأنه مات على فراشه، وعلينا أن نجعل الآخرين يعتقدون أن قاسم قد مات موتًا طبيعيًا وليس قتلًا، والآن أخبري سيدتك بأنني جئت، وعندما علمت زوجة قاسم بمصير زوجها، انهالت بالبكاء والنحيب، فطلب منها علي بابا أن تذهب هي ومرجانة لتعيشا معه ومع زوجته في منزله، وتترك أمر الدفن له وللخادمة مرجانة.

وفي صباح اليوم التالي ذهبت الخادمة مرجانة إلى متجرًا للعقاقير الطبية (الصيدلية)، وقالت أن سيدها قاسم مرض مرضًا شديدًا، وتريد أن تشتري له الدواء، وأثناء عودتها للمنزل ذهبت إلى خياط القرية، المعروف بأبا مصطفى، وضعت مرجانة بيده قطعة من الذهب، وطلبت منه أن يتبعها بقماش أبيض (الكفن) ويساعد علي بابا بدفن أخاه. وبذلك استطاع علي بابا وعائلته دفن قاسم بشكل لائق دون أن يشك أحد في أي شيء، وتوكل ابن علي بابا بإدارة أعمال عمه الراحل قاسم، ولكن هل سيكشف أبا مصطفى سرهم.. وماذا فعل زعيم اللصوص عندما عرف أن الرجل الذي قتل في المغارة قد اختفى؟؟

علي بابا والأربعين حرامي (البحث عن علي بابا وذكاء مرجانة)

علي بابا والأربعين حرامي (البحث عن علي بابا وذكاء مرجانة)

عندما عاد اللصوص في اليوم التالي إلى المغارة لم يعثروا على جثة قاسم، وهنا علموا أن هناك أحدًا آخر غيره يعلم بأمرهم، فقال زعيمهم: هناك رجلين قد عرفا سرنا، قتلنا واحدًا، ويجب علينا الآن العثور على الآخر وقتله. ومن ثم طلب زعيم اللصوص من أحد رجاله الأقوياء في الذهاب إلى القرية بزي مسافرًا، ويحاول معرفة أي أخبار عمن توفى منذ وقت قريب، ومن هم الأشخاص الذين من حوله، وما إذا كان أهل المدينة يتحدثون عن رجل مات بطريقة غريبة. حيث هدد زعيم اللصوص اللص الذي وكله بالمهمة بأنه سوف يقطع رأسه إذا فشل في ذلك.

وقبل شروق شمس اليوم التالي وصل اللص إلى البلدة، ووقف عن طريق الصدفة بجوار دكان الخياط أبا مصطفى، وكانت ثياب الخياط ملطخة بالطين والتراب عندما كان يساعد علي بابا بدفن أخاه قاسم، فاستغرب اللص وأثاره الفضول قائلًا لأبا مصطفى: مرحبًا ياهذا، أنت خياط ودكانك مليئًا بالأقمشة الجميلة والنظيفة، وترتدي ملابسًا قد جف الطين عليها وغير التراب لونها، وبهذا الحال لن يرغب أحدًا بأن يشتري القماش من دكانك. أجاب أبا مصطفى: لقد اتسخت ثيابي عندما كنت اساعد أحدهم بدفن آخاه ولم يتسنى لي أن أذهب إلى المنزل وأغير ثيابي، فلدي الكثير من الأعمال التي يجب أن أنجزها اليوم.

شعر اللص بسعادة غامرة لحسن حظه، ثم أعطاه قطعة من الذهب كي يرشده إلى مكان البيت الشخص المتوفي، ولكن أبا مصطفى رفض ذلك وقال: لن أستطيع الذهاب معك ،فأنا مشغول جدًا وليس لدي متسع من الوقت. ولكن عندما أعطاه اللص قطعة أخرى من الذهب، قال أبا مصطفى حسنًا سأنجز ما علي من مهام فور عودتي، هيا بنا.

مشى أبا مصطفى وخلفه اللص حتى توقف أمام منزل قاسم مباشرةً، وقال له هذا هو بيت الميت الذي طلبت مني أن أدلك عليه، ثم انصرف متجهًا نحو دكانه. وبعد ذهاب أبا مصطفى وضع اللص علامة بقطعة من الطباشير تميز باب القاسم عن غيره، حتى يتمكن اللصوص الآخرون من العودة في تلك الليلة وقتل كل من في المنزل. ثم عاد اللص سعيدًا ليخبر سيده بما جرى معه. فرح زعيم اللصوص بهذا الخبر وأمر أعوانه بأن ينقضوا على المنزل ذاته عند منتصف الليل ويقتلوا كل من فيه، ولكن مرجانة انتبهت على العلامة التي وضعها اللص على الباب، وعلمت بذكائها وحنكتها أن هناك أحدًا ما يمكر بهم.

قامت الخادمة بوضع العلامة ذاتها على كل أبواب بيوت القرية، وعندما جاء اللصوص تاهوا عن منزل علي بابا وعادوا أدراجهم، وعندما علم زعيم اللصوص بفشل الخطة قام بقطع رأس اللص الذي أوكله في هذه المهمة، ثم أرسل لص آخر إلى أبا مصطفى ليرشده إلى المنزل بالطريقة ذاتها، فوضع اللص أمام عتبة البيت حجرة ملونة ليتمكنوا من تمييز المنزل عن دونه عند مجيئهم في الليل، ولكن مرجانة أحبطت خطتهم مرة أخرى ووضعت أحجار مماثلة أمام جميع أبواب القرية، ففشلوا في تتبع أثر على بابا وقام زعيم اللصوص بقطع رأس الرسول الثاني وقرر أن يقوم في هذه المهمة بنفسه. ولكن هل سينجح في ذلك… وهل ستكشف مرجانة خطته في هذه المرة؟؟

قصة علي بابا والأربعين حرامي (التخطيط لقتل علي بابا)

قصة علي بابا والأربعين حرامي (التخطيط لقتل علي بابا)

بعد أن فشل اللصَّين بمعرفة مكان بيت قاسم قرر زعيم العصابة أن يقوم في هذه المهمة بنفسه، فذهب إلى الخياط أبا مصطفى وطلب منه أن يرشده إلى المنزل ذاته بذات الطريقة، وحفظ الزعيم مكان البيت جيدًا، وعرف أن الرجل الذي قتلوه هو قاسم، وأن لديه أخ يدعى علي بابا، فظن أنه شريكه، وبعد ذلك أعدَّ زعيمُ عصابة اللصوص خطة محكمة للنزول إلى بيت علي بابا وقتله هو ومن معه، فتنكر زعيم اللصوص بزي تاجر زيت للمصابيح يحتاج إلى ضيافة أحدهم والمبيت عنده، وكان قد أحضر معه 38 جرة فخاريّة عملاقة محملة على البغال، ووضع في كل جرة لصًا من أعوانه مدججًا بالسلاح إلا جرة واحدة قد ملأها بالزيت.

وعند وصول زعيم اللصوص إلى منزل علي بابا قال له: لقد أحضرت معي بعض الزيت من مسافة بعيدة لبيعه غدًا في السوق، ولكن أصبح الوقت متأخر جدًا، ولا أعرف أين أمضي هذه الليلة مع جرار الزيت هذه، هلّا تكرمت علي وسمحت لي بالبقاء عندك الليلة؟

رحب علي بابا بالضيف، وفتح بواباته لدخول البغال التي تحمل الجرار، وذهب إلى مرجانة ليطلب منها إعداد سرير نظيف وعشاء لضيفه. أدخل علي بابا الرجل الغريب إلى قاعته، وبعد أن تناولوا العشاء ذهب علي بابا إلى المطبخ ليطلب من مرجانة أن تجهز الغرفة التي سوف يقيم بها الضيف، بينما ذهب زعيم اللصوص إلى فناء المنزل متظاهرًا بأنه يريد أن يطمئن على بغاله، ولكن في الحقيقة ذهب ليخبر رجاله بما يجب عليهم فعله، حيث قال لهم: بمجرد أن أرمي بعض الحجارة من نافذة الغرفة التي أرقد فيها، افتخوا الجرار واخرجوا، وسأكون معكم في اللحظة ذاتها.

وبعد أن ذهب علي بابا وزعيم اللصوص كلًا إلى غرفته بدأت مرجانة بغسيل الأطباق وترتيب المطبخ قبل أن تخلد إلى نومها هي الأخرى، وفجأة نفذ الزيت من مصباحها وانطفأ، ولم يكن لديهم في المنزل زيت إضافي، فقررت أن تستعير بعض الزيت من جرار التاجر لتكمل عملها.

وعندما دخلت إلى الفناء، وباشرت بفتح الجرة الأولى قال اللص الذي بداخلها بصوت منخفض: هل حان الوقت يا سيدي؟ ثم ذهبت إلى جرة ثانية وثالثة ورابعة.. وفي كل مرة تسمع الجملة ذاتها (هل حان الوقت يا سيدي؟). أحصت مرجانة الجرار فكانوا 39 جرة، ومن بينهم جرة زيت واحدة، وهنا أدركت حقيقة أن سيدها في خطر، وأن الرجل الذي في الداخل ما هو إلا زعيم عصابة الأربعين حرامي الذين تضج بسيرتهم البلاد جاؤوا لقتل علي بابا.

ملأت مرجانة مصباح الزيت الخاص بها، وعادت إلى المطبخ، وبعد أن أشعلت مصباحها، ذهبت مرة أخرى إلى جرة الزيت وملأت إبريقًا كبيرًا مليئًا بالزيت وتركته يغلي على النار، ثم ذهبت وصبت ما يكفي من الزيت في كل جرة لخنق وقتل اللص الذي بداخلها. وعندما أنجزت هذا العمل الشجاع عادت إلى المطبخ، وأطفأت النار والمصباح، وانتظرت لترى ما سوف يحدث.

علي بابا والأربعين حرامي (هروب زعيم اللصوص)

علي بابا والأربعين حرامي (هروب زعيم اللصوص)

بعد مضي بعضًا من الوقت استيقظ زعيم اللصوص وقام وفتح نافذة الغرفة التي يبات فيها، وعندما بدا له أن كل شيء هادئًا وعلى ما يرام ألقى ببعض الحصى الصغيرة نحو الجرار، ولكنه تفاجأ أنه أيًا من رجاله لم يحرك ساكن، شعر بعدم الارتياح، ونزل إلى الفناء وذهب إلى الجرة الأولى وقال: هل أنت نائم؟.. وعندما فتح الجرة شم رائحة الزيت المغلي الساخن واللص الذي بداخلها قد مات، ثم تفقد باقي الجرار ليجد أعوانه كلهم قد ماتوا بالزيت المغلي، وهنا أدرك أنه تم اكتشاف خطته لقتل علي بابا وأسرته. ثم كسر قفل الباب المؤدي إلى حديقة، وتسلق الجدار ليفر هاربًا بسرعة البرق، راقبت مرجانه وسمعت كل ما حدث، ففرحت بنجاحها، وذهبت إلى فراشها ونامت.

وعند بزوغ الفجر، نهض علي بابا من النوم، ورأى أن البغال المحملة بجرار الزيت لا تزال هناك، فسأل علي بابا عن سبب عدم ذهاب التاجر دون بضاعته، فطلبت منه مرجانة أن يفتح الجرة الأولى ليرى ما إذا كان هناك أي زيت فيها. وعندما فتح علي بابا الجرة رأى رجلاً، فأصيب علي بابا بحالة من الرعب والدهشة، ثم قالت له مرجانة لا تخف يا سيدي، هذا الرجل لن يستطيع أن يؤذيك لأنه قد مات، حاله حال رفاقه جميعًا، وبعد أن صحا علي بابا من صدمته سألها عن التاجر، فقالت مرجانة: أي تاجر ما هو إلا زعيم الأربعين حرامي والذين أصبحوا 38 بعد أن قضوا اثنين على يد زعيمهم، وقصت عليه حكاية العلامات التي كانوا يضعوها على بابه لينالوا منه. فرح علي بابا فرحًا شديدًا، ثم أعطى مرجانة حريتها، وقال لها أنه مدين لها بحياته. ثم دفنوا جثث اللصوص في حديقة علي بابا، بينما باع خدمه البغال في السوق. ولكن هل سيعود زعيم اللصوص وينتقم لأفراد عصابته، وماذا سوف يحل به؟؟

قصة علي بابا والأربعين حرامي (عودة زعيم اللصوص)

قصة علي بابا والأربعين حرامي (عودة زعيم اللصوص)

بعد اكتشاف مرجانة خطة زعيم اللصوص وهروبه من منزل علي بابا عاد إلى كهفه وحيدًا، وكان قد بدا له الكهف مخيفًا موحشًا دون أتباعه الذين قتلوا على يد مرجانة، فقرر الانتقام لهم بقتل علي بابا بأي طريقة كانت. فارتدى ملابس أنيقة وثمينة، وتوجه إلى المدينة وأقام في نزل هناك، ومن خلال العديد من جولات السرق والنهب، كان لديه الكثير من الأشياء الثمينة والأقمشة الفاخرة، فاستأجر متجرًا ضخم مقابل متجر ابن علي بابا، وأطلق على نفسه اسم (كوجيا حسن)، ولأن متجره كان أكبر متجرًا في السوق ويحتوي على أغلى وأثمن البضائع، سرعان ما كون صداقات مع العديد من التجار ومن ضمنهم ابن علي بابا الذي كان يدير متجر عمه الراحل قاسم، حيث أصبح زعيم اللصوص يتقصد التقرب من ابن علي بابا ويدعوه يوميًا لتناول الغداء معه.

وفي يوم من الأيام رغب علي بابا في رد لطف هذا التاجر مع ابنه، ودعاه إلى منزله ليستمتعوا بوقتهم، ويتناولوا وجبة العشاء معًا، فوافق التاجر على تلبية الدعوة برحابة صدر، وكيف لا وهذه كانت هي الفرصة التي ينتظرها زعيم اللصوص بفارغ الصبر لينتقم من علي بابا ويقتله. ذهب علي بابا إلى منزله وطلب من مرجانة تحضير وليمة تليق بهذا التاجر ومكانته.

 وعند حلول المساء جاء التاجر إلى ببت علي بابا ملبيًا الدعوة، وبدأ الخدم يحملون الأطباق الشهية التي أعدتها مرجانة ووضعها على المائدة في غرفة استقبال الضيوف، لكن مرجانة لم تستطع مقاومة فضولها ورغبتها في رؤية هذا التاجر الغريب، فساعدت الخدم في حمل الأطباق، وبمجرد أن وقعت عينها على كوجيا حسن عرفته على الفور أنه هو نفسه زعيم اللصوص الذي شاهدته وهو يهرب عندما وجد جثث أعوانه في براميل الزيت، وتأكدت أكثر عندما لمحته يضع خنجرًا فضيًا تحت ثوبه. فهل سينال زعيم اللصوص من علي بابا، وماذا فعلت مرجانة؟؟

نهاية قصة علي بابا والأربعين حرامي (موت زعيم اللصوص)

نهاية قصة علي بابا والأربعين حرامي (موت زعيم اللصوص)

بعد أن عرفت مرجانة بحقيقة التاجر لم تدع أحدًا يشعر بذلك، وبدأت تستعد لتجهيز خطة تفسد على اللص ما جاء من أجله وتُلحقه بأتباعه، فلبست مرجانة رداءً يشبه رداء الفتاة الراقصة، وأحاطت حزاماً حول خصرها، ووضعت في داخله خنجرًا حادًا، ثم طلبت من أحد الخدم أن يحضر الدّف (آلة موسيقية) ويدخل معها على علي بابا وضيفه ليضيفوا على سهرتهم مزيدًا من المرح والبهجة. فدخلت وهي ترقص وتتمايل على صوت نغمات الدف الذي يمسكه الخادم، فضحك علي بابا وقال: تعالي يا مرجانة ودعي كوجيا حسن يرى رقصاتك الجميلة.

ثم التفت إلى كوجيا حسن وقال له: إنها مدبرة منزلي ولا يمكنني الاستغناء عنها وعن فطانتها وحكمتها. لم يكن كوجيا حسن سعيدًا بأي حال من الأحوال، لأنه كان يخشى أن تكون فرصته في قتل علي بابا قد ضاعت في الوقت الحاضر، لكنه تظاهر بشغف كبير لرؤية رقصة مرجانة، فبدأ الخادم العزف ومرجانة بالرقص. وبعد أن أدّت عدة رقصات، بدأت تمرر يدها على خنجرها، وكانت تشير تارةً إلى صدرها، وتارةً إلى سيدها، كما لو كانت هذه الحركات جزءًا من الرقصة، قاصدة تنبيه علي بابا بالأمر، ولكنه لم ينتبه لها على الإطلاق. وفجأة، نفذ صبرها، وانتزعت الدف من الخادم بيدها اليسرى، وأمسكت الخنجر في يدها اليمنى، ومدت الدف لعلي بابا كي يضع فيه المال. وضع علي بابا وابنه قطعة من الذهب في الدف، وعندما رأى كوجيا حسن أنها قادمة باتجاهه، أراد أن يخرج من حقيبته قطعة ذهبية ليقدمها هدية كما فعل علي بابا وابنه، ولكن بينما كان يضع يده في جيبه، أدخلت مرجانه الخنجر في قلبه ووقع ميتًا.

صرخ علي بابا وابنه بمرجانة وقالا: ماذا فعلت أيتها المجنونة.. لماذا قتلتي الرجل؟

أجابت مرجانة: قتلته من أجل الحفاظ على حياتك وحياة ابنك يا سيدي، لا لإفساد سهرتك.. انظر هنا.. فتحت مرجانة ثوب التاجر المزيف وأرته الخنجر الذي كان يريد أن يقتله به، وأخبرته بأنه هو ذاته تاجر الزيت المزيف، وزعيم الأربعين حرامي، ثم طلبت من الخدم أن يدفنوا زعيم اللصوص في الحديقة، لينتهوا منه كما انتهوا من أعوانه إلى الأبد.

كان علي بابا ممتنًا جدًا لمرجانة لأنها أنقذت حياته، فقدمها للزواج من ابنه الوحيد الذي وافق عن طيب خاطر دون تردد، ثم أخبر ابنه بسر الكهف الذي بقي محصورًا بين علي بابا وابنه وزوجة ابنه مرجانة، ثم عاشوا جميعًا حياة ترف ورخاء تملأها السعادة والحب حتى نهاية حياتهم.

أسئلة وأجوبة حول قصة علي بابا والأربعين حرامي

من هو صاحب قصة علي بابا والأربعين حرامي؟

غالبًا ما ينسب الفضل في سرد قصة علي بابا والأربعين حرامي إلى المستشرق وعالم الآثار الدبلوماسي الفرنسي أنطوان غالان (1646 – 1715)، ولكن صاحب القصة الحقيقي هو الرحالة السّوري الحلبي الماروني حنا دياب، حيث رواها لأول مرة في القرن السابع عشر، لأنطوان غالان، وأعجب بها إعجابًا شديدًا، ثم أدرجها في نسخته الفرنسية من كتاب ألف ليلة وليلة، لتترجم لاحقًا إلى اللغة العربية، كما قص عليه أيضًا قصة (السندباد) و(علاء الدين والمصباح السحري) ليتم نشرهم في القرن الثامن عشر.

هل شخصية علي بابا مستوحاة من شخصية حقيقية؟

لقد اختلف الباحثون حول ما إذا كانت شخصية علي بابا في الحكاية مستوحاة من شخصية حقيقية أم لا، حيث أن هناك رواية تشير إلى أن الشخص المقصود الذي استوحيت منه قصة (علي بابا) هو الملك علي بابا البجاوي من قبيلة البجة التي استوطنت شرق السودان منذ قديم الزمان. ويذكر أن الملك علي بابا كانت له معاهدة مع العرب، ولكن نقضها وأغار على مصر فنهب وسلب، فأرسل له الخليفة العباسي المتوكل جيوشه ليهزم الملك علي بابا رغم أنه جهز جيش كبيرًا هو الآخر، ومن ثم اقتيد الملك علي بابا إلى سامراء أسيرًا، وهناك قرر المتوكل العفو عنه، وأعيد ملكًا على قومه.

وهنا يمكننا القول أنه ما يربط شخصية (علي بابا) التي وردت في القصة مع علي بابا ملك قبيلة البجة هو تشابه الاسم فقط، ولا يوجد هناك أي دليلًا على أن الحكاية مصدرها هذا الرجل، أو أنها استوحيت منه.

من هو أول من ترجم قصة علي بابا والأربعين حرامي إلى العربية؟

وفقًا للكاتب والباحث ريتشارد ليا في التقرير الذي نشرته صحيفة غارديان البريطانية، أن أول من قام بترجمة كامل كتاب ألف ليلة والذي يضم قصة علي بابا والأربعين حرامي هي المترجمة السورية ياسمين سيل.

ماذا تعلمت من قصة علي بابا والأربعين حرامي؟

  • يجب ألا يكون الإنسان جشعًا وطماعًا وأن يكون قنوعاُ بما يملك، (فالطمع ضر ما نفع).
  • تعلمت أن هناك مواقف حرجة قد يصادفها المرء، لذا يجب أن يكون الإنسان حكيم في تصرفاته، متمهلًا في قراراته، تمامًا كما فعلت مرجانة.
  • تعلمت أن يتمنى الإنسان الخير للجميع، لأن الخبث والمكر يعود إلى صاحبه (كما تزرع تحصد).

المزيد من قصص الأطفال:

المصادر:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله