قصة ثمود … قوم صالح عليه السلام

صراع الحق والباطل منذ ولادة آدم عليه السلام وعدو الله إبليس إلى يومنا هذا، نفس قضية نوح عليه السلام مع قومه وهود عليه السلام مع قومه تتكرر قصة ثمود مع نبيهم صالح عليه السلام.

الفرق فقط بالمكان والزمان كانوا هود يسكنون في جنوب شبه الجزيرة العربية بينما ثمود يسكنون في شمال الجزيرة العربية. جميع الأنبياء يدعون إلى قضية التوحيد لله عزوجل وترك كل ما يغضب الله من عبادة أصنام وغير ذلك مما حرمه الله ….

مدائن صالح التي كانت تسكنها ثمود معروفة إلى الآن والنبي مر عليها وهو ذاهب إلى تبوك ونهى الصحابة عن الاقتراب أو الدخول إلى هذه القرية لأنها منطقة ملعونة ويخشى أن يصيب الصحابة مثل ما أصاب ثمود. وإلا يعبروا باكين أو مسرعين.

ما قصة ثمود ولم أرضهم ملعونة وما قصة ناقة صالح عليه السلام؟ ومالعبرة منها؟

قصة ثمود باختصار

دعا صالح عليه السلام قومه ثمود أن يعبدوا الله وحده وأن لا يشركوا به شيئًا، وأن يتركوا عبادة الأصنام. نفس قضية الأنبياء مع قومهم مع تغير الأسلوب في الحوار، ونفس رد المجرمين من تهكم وسخرية وهجوم …

قالو له (يا صالح قد كنت فينا مرجوًا قبل هذا)، أي كنت محبوبًا عندنا ولك مكانتك الخاصة (أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا)، هل جننت مالذي جرى لك كيف لنا أن نترك ما كان آباؤنا يفعلون؟ (إننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب)، إن كلامك غريب وفيه شك ولا نثق بكلامك.

كانت ثمود لها حضارة عريقة، كانوا ينحتون الجبال بيوت ومن السهول يتخذون أرض زراعية يبنون فيها القصور، كانت لهم حضارة قوية معروفة إلى الآن. طلبوا منه معجزة بعد نقاش طويل أن يخرج لهم من الصخرة ناقة لها صفات مميزة. منها أن تكون حامل بالشهر العاشر وأن يكون لونها بيضاء وطويلة وصفات متعددة …

اختاروا الناقة لأنهم أصحاب رعي ويعرفون كل ناقة المنطقة، لذا يريدون ناقة لم يروا بحياتهم مثلها. قال لهم إن خرجت الناقة بالمواصفات التي طلبتموها أتؤمنون؟ قالوا: نعم، وأعطوه المواثيق والعهود أن يؤمنوا بالله وحده.

فدعا صالح ربه واستجاب الله له واهتز الجبل وانفجرت الصخرة وخرجت ناقة عظيمة كما طلبوا تحديدًا. أرادوا أن يتحدوا نبيهم ويعجزونه إلا أنهم خسروا التحدي، وسماها صالح ناقة الله، وفيها آية. أنها تشرب مياه الآبار في يوم واحد واليوم التالي يشرب قوم ثمود من البئر وهي لا تشرب.

الآفات التي ابتلوا بها

معترضين على كل شيء، لأي سبب تافه، المهم أن يعترضوا، كيف يؤمنون لبشر؟ معترضين على الرسالة بالأصل. لو أرسل إليهم ألف نذير لن يؤمنوا. (كذبت ثمود بالنذر).  إنه الكبر والعناد. ذكرهم القرآن الكريم في آية أخرى مع عاد وهم قوم هود عليه السلام، (كذبت ثمود و عاد بالقارعة).وذكرهم أيضًا بقوله تعالى: (كذبت ثمود بطغواها).

ومن الآفات أيضًا أن ثمود شقية لأنهم تركوا الشقي يقوم بالشقاء وهي عقر الناقة ولم يوقفوه عن فعلته.

تخطيطهم لقتل الناقة ونبيهم

اجتمع كبار القوم على قتل الناقة، لأنهم خافوا أن يتولى الزعامة صالح ويفقدون بذلك الزعامة، همهم الدنيا. والناقة أزعجتهم، حيل كثيرة اخترعوها. (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر). وهو قدار وهو أشقى الناس وكان له أصحاب شباب فاسدين. (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون).

(كذبت ثمود يطغواها إذ انبعث أشقاها). وكل الكفار وافقوا على المهمة التي أوكلت لقدار وتآمر التسعة على قتل الناقة وابنها ونجحوا في ذلك.

ثم قرروا أن يقتلوا نبيهم صالح عليه السلام بالليل بعد أن هددهم بالعذاب الذي سينزل عليهم بعد ثلاثة أيام، (ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون). وذهب صالح ومن آمن معه إلى فلسطين بأمر من الله، لأن العذاب سيبدأ.

دمرهم الله عزوجل للتسعة بالبداية (فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ أَنَّا دَمَّرۡنَٰهُمۡ وَقَوۡمَهُمۡ أَجۡمَعِينَ). ثم تحول العذاب الى جميع الكافرين.

أنواع العذاب الذي نزل عليهم

أصناف العذاب نزل عليهم لأنهم طلبوا معجزة بشروطهم واستجاب الله لهم ثم جحدوا بها. لأنهم تحدوا الله عزوجل وعصوا أمره! في اليوم الأول اصفرت الوجوه واليوم الثاني احمرت وجوههم والثالث اسودت وجوههم، وعرفوا أن صالح عليه السلام صادق.

واستعدوا للعذاب، وحفروا قبورهم بأنفسهم. بدأت الزلازل تهتز بقوة فنزلوا على ركبهم، ثم بدأت الصواعق تحرقهم من السماء ثم ختم الأمر من جبريل عليه السلام بصيحة واحدة أهلكتهم أجمعين. ونجا الله صالح ومن معه من خزي يوم عظيم لأنهم كفروا رغم أنهم رأوا الآيات أمامهم.

(فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ، وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ).

ويقول سبحانه مذكرًا إيانا. (فَتِلۡكَ بُيُوتُهُمۡ خَاوِيَةَۢ بِمَا ظَلَمُوٓاْۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُون، وَأَنجَيۡنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ). إنها معجزة وعبرة وليست مجرد قصة تتلى. ويقول بحسرة نبيهم صالح عليه السلام وهو مهاجر إلى فلسطين. (فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) .

بعض العبر والعظات المستخلصة من قصة ثمود

  • نفس المعاناة التي نراها الآن. إذا تحجبت فتاة خشية من الله وطاعة له، ونصحتهم، رأيت الناس يهاجمونها ويناقشوها لم الحجاب؟ قد كنت لطيفة قبل ذلك! نفس قضية ثمود مع صالح كان محبوبًا لديهم وعندما أمرهم بالعودة إلى الفطرة وهي عبادة الله فقط اتهموه بالجنون وبدؤوا يسخرون منه، ويجادلونه.
  • الترف من دون شكر واستخدام النعمة في أشياء تغضب الله عزوجل، سينزل الله بهم العذاب ولو بعد حين.
  • الصحبة لها دور كبير في نهوض الأمة أو انحطاطها، وليست مجرد فساد أو نهوض فرد لوحده، كما حدث في قصة ثمود عندما اتفق قدار مع أصحابه الفاسدين مثله ودمرت قبيلة بأكملها بسببهم.
  • كثير من الناس إلى الآن يرون معجزات القرآن الكريم ورغم ذلك كله لا يريدون أن يسمعوا ويعتبروا ويصرون على كبرهم وعنادهم، كما حدث في قصة ثمود.

المصادر

المكتبة الوقفية – waqfeya

قصص الأنبياء – لابن كثير

صفوة الصفوة للشيخ الدكتور عمر عبد الكافي

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله