قصة إدريس عليه السلام الصحيحة … “ورفعناه مكانًا عليًا”

إدريس عليه السلام اسمه خنوخ وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث، يقال أن جده الخامس هو شيث عليه السلام، ولأنهم كانوا يعمرون في ذلك الوقت فقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات.

قيل أنه سمي إدريس لأنه أول من درس الوحي المكتوب، وقيل أن إدريس عليه السلام أول من علم بالقلم، وأول من خاط الثياب، وهو أول من أعلن الجهاد عندما ازداد الفساد في الأرض.

ذُكر في قصة إدريس عليه السلام الكثير من الإسرائيليات والأحاديث المكذوبة. لذا ذكرنا كل ما هو صحيح وأشرنا إلى الضعيف والمنكر في بعض ما هو مشهور عنه.

مكانة إدريس عليه السلام عند الله عزوجل

  • كان له معزة عظيمة عند الله، قال تعالى: ((واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صدّيقًا نبيًا)) في سورة مريم. جمع معه الصّدّيقيّة والنّبوة. ويقال أنه أحكم الأنبياء والله أعلم.
  • ((ورفعناه مكانًا عليًا)). في سورة مريم

والرفعة تحتمل في قواعد التفسير نوعين: رفع حسي ورفع معنوي.

 الحسي أي أن الله تعالى رفعه إلى السماء الرابعة والدليل أن النبي رأه هناك في ليلة المعراج. أما المعنوي فهو أن الله رفعه درجات عاليه مثل مقامات الأنبياء، لكنها غير محددة وغير مبينة لنا.

  • نعت الله عز وجل سيدنا إدريس عليه السلام أيضًا بالصبر والصلاح قال تعالى: ((وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين)).

فبين الله السبب الذي من أجله أدخلهم في رحمته بأنهم أهل صلاح، وقال لهم في البداية أنهم أهل صبر، والصبر من أعظم ما يعين على طاعة الله، والمؤمن في طريقه إلى الله إما على سراء تحتاج إلى شكر أو إلى ضراء تحتاج إلى صبر، وهو في كلا الحالتين يفوز بمرضاة الله وجنته.

نسب إدريس عليه السلام

فيه خلاف! قال فريق من أهل العلم نعم هو من عمود نسبه، وقال آخرون وهو الأظهر لا ليس من عمود نسبه، والحجة في ذلك أن النبي عندما رأى إدريس عليه السلام ليلة الإعراج في السماء الرابعة قال له “مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح ” ولم يقل بالابن الصالح كما فعل إبراهيم وآدم عليهما السلام. والله أعلم.

رسالة إدريس عليه السلام الدعوية

النبي إدريس عليه السلام ليس برسول لأن الناس ما زالوا يعبدون الله ورسالة التوحيد ما زالت قائمة. لكن جاء يذكرهم بالله ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكرات. وكان من أنشط من دعا إلى الله، ما ترك أحدًا في الأرض إلا وعلمه الخير ونصحه وأرشده.

 حتى وصل به الأمر إلى أن الله أوحى إلى إدريس، أنه ما من يوم إلا ويكتب له مثل عمل أهل الأرض كلهم. فالدال على الخير كفاعله. فكان كل من يعمل خيرًا في ميزان إدريس. فرح إدريس بهذا فدعا الله عز وجل أن يمد في عمره.

ذكر سيدنا إدريس عليه السلام في القرآن

ذكره الله في القرآن مرتين

  • ((واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صدّيقًا نبيًا* ورفعناه مكانًا عليًا)) في سورة مريم.
  • وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين)). في سورة الانبياء

ما ذا قدم إدريس عليه السلام للبشرية؟

يقال أنه أول من خط بالقلم وخاط وجاهد.

عن معاوية بن الحكم السلمي: “كان نبيٌّ مِنَ الأنبياءِ يخُطُّ، فمَنْ وافقَ خطَّهُ فذاكَ”

الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح الجامع ٤٤٦٢  •  صحيح  •  أخرجه مسلم (٥٣٧) 

عن أبي ذر الغفاري: قلتُ يا رسولَ اللهِ كم الأنبياءُ قال مائةُ ألفِ نبيٍ وأربعةَ وعشرونَ ألفًا قلت يا رسولَ اللهِ كم الرسل ُمنهم قال ثلثمائةُ وثلاثةَ عشرَ جمٌ غفيرُ قال يا أبا ذرٍ أربعةٌ سريانيونَ آدمُ وشيثٌ ونوحٌ وخنوخُ وهو إدريسُ وهو أولَ من خط بقلمٍ وأربعةٌ من العربِ هودٌ وصالحٌ وشعيبٌ ونبيكَ وأولُ نبيٍ من أنبياءِ بني إسرائيلَ موسى وآخرهُم عيسى وأولُ النبيينَ آدمَ وآخِرُهم نبيكَ

السيوطي (ت ٩١١)، الدر المنثور ٥‏/١٣٢.  الصواب أنه ضعيف لا صحيح ولا موضوع

يقال أيضًا هو أول من نفذ التخطيط العمراني، ويقال أنه عبقري الهندسة، وأنه أدرك 72 لغة، والله أعلم.

قصة إدريس عليه السلام مع ملك الموت

ثمة أثر ينقل عن كعب الأحبار وليس عن النبي، وكعب الأحبار أحد الذين أسلموا من أهل الكتاب وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يستشيره ويقربه. ينقل لنا أن إدريس عليه السلام يرفع له من العمل الصالح مقدار ما يرفع لأهل الأرض في زمانه كلهم فأحب أن يزداد من عمله، فأتاهُ خليلٌ له من الملائكةِ فقال:

“إنَّ اللهَ أوحى إليَّ كذا وكذا، فكلمْ لي ملكَ الموتِ، فليؤخرنِي حتى أزدادَ عملا. فحملهُ بين جناحيه، ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ، فلما كانَ في السماءِ الرابعةِ تلقاهمْ ملكُ الموتِ منحدِرا، فكلم ملكَ الموتِ في الذي كلمهُ فيه إدريسُ، فقال: وأينَ إدريسُ فقال: هو ذا على ظهرِي: قال ملكُ الموتِ فالعجبُ ! بعثتَ وقيل لي: اقبضْ روح إدريسَ في السماءِ الرابعة، فجعلتُ أقول: كيف أَقبضُ روحهُ في السماء الرابعةِ، وهو في الأَرضِ؟ فقبضَ روحهُ هناكَ، فذلكَ قولُ اللهِ: وَرَفَعْناهُ مَكانُا عَلِيًّا”. والله أعلم علق عليه ابن كثير، وفي بعضه نكارة.

تنسب أقوال لإدريس كثيرة لكن يصعب التحقق من صحة نسبتها إليه، والقول عن أنبياء الله عليهم أفضل الصلاة والسلام بما لم يثبت أمر صعب على النفوس لذا نكتفي بذلك.  

العبر والعظات من قصة إدريس عليه السلام مع ملك الموت

بالنسة لنا لا نستطيع أن نجزم بصحة الحديث المذكور سابقًا لأنه لم يذكر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإنما عن كعب الأحبار، لكن المهم لنا العبر والاعتبار بأن العمل الصالح مع الإيمان بالله جل وعلا هو السبيل إلى الرفعة الحسية والمعنوية وهو السبيل الأول لنيل درجات عظيمة في جنات عدن قال تعالى: (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلًا)).

فالله ليس بينه وبين خلقه نسب إنما هي أعماله الصالحة. والعاقل من العباد يجب أن يتوخى من أوقاته وأعماله أوقاتًا صالحة حتى لو قدر أنه مشغول شغل مباح غير محرم مثل الذين يعملون ليل نهار ليكسبوا المال الحلال وذلك لضيق العيش…

يحاول الإنسان أن يستغل الوقت ما بين الفينة والأخرى، يؤدي عمرة مثلًا إذا استطاع ذلك. يقول الرسول صلى الله عليه سلم “العُمرةُ إلى العُمرةِ تُكفِّرُ ما بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلّا الجنَّة”.

الترمذي (ت ٢٧٩)، مختصر الأحكام ٤‏/١٩٦.  صحيح. أخرجه البخاري (١٧٧٣)، ومسلم (١٣٤٩) باختلاف يسير، والترمذي (٩٣٣) واللفظ له.  

وفي حديث آخر [عن أبي هريرة:] مَن أصبحَ منكُم اليومَ صائمًا؟ فقال أبو بكرٍ: أنا فقالَ: مَن أطعَم منكُم اليومَ مِسكينًا؟ فقال أبو بكرٍ: أنا فقالَ: من تبعَ منكُم اليومَ جنازةً؟ قال أبو بكرٍ: أنا قال: مَن عاد منكُم اليومَ مَريضًا؟ قال أبو بكرٍ: أنا فقالَ رسولُ اللهِ: ما اجتَمعَت هذهِ الخِصالُ قطُّ في رجُلٍ في يومٍ إلادخلَ الجنَّةَ.

الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح الترغيب ٣٤٧٣  •  صحيح  •  أخرجه مسلم (١٠٢٨)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٨١٠٧)، وابن خزيمة (٢١٣١) واللفظ له  • 

تستطيع أن تفعلها أنت أيضًا وتطبقها عمليًا، إذا عدت مريضًا حتى ولو لم تعرفه، وإذا تصدقت ولو بدينار، وما إلى ذلك من الأعمال الصالحة… فهذا حتمًا يقربك إلى الله وتتدارك بذلك ذنوبك وتُكفّر، وتتدارك ذاتك عند الله فترفع في درجاتك بمثل هذا مع اليقين التام بما عند الله من النعيم.

 وأن الله تعالى لا يستوي عنده أهل الكفر وأهل الإيمان، أهل الطاعة وأهل الفجور، إذا وجد هذا الأمر فيه مع اليقين بالله والاعتصام به والإكثار من ذكره، هذا الشي يرفعه الله كما فعل بإدريس عليه السلام مكانًا عليًا.

قصة إدريس عليه السلام للأطفال

إدريس عليه السلام ويدعى خنوخ وهو نبي من أنبياء الله عزوجل وترتيبه هو الثالث بعد آدم وشيث عليهما السلام. وقد ذكره الله عز وجل في القرآن مرتين، في سورة الأنبياء، قال تعالى: ( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين). فقد وصفه الله بالصبر.

 وفي سورة مريم، قال تعالى: (واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقًا نبيًا* ورفعناه مكانًا عليًا). وصفه الله بالنبوة والصديقية، وهي تجمع الخصال الحميدة من الإيمان بالله يقينًا وأعماله الصالحة الكثيرة.

لم يذكر الله عز وجل قصة إدريس عليه السلام مع قومه الذين أرسل إليهم, لكن يقال والله أعلم أنه كان خياطًا فكان لا يغرز إبرة إلا وذكر الله وقال سبحان الله. ولم يكن في الأرض أحد أفضل منه عملًا.

وكان أول من خط القلم، واستشهدوا بذلك بالحديث الصحيح عن معاوية بن الحكم السلمي: “كان نبيٌّ مِنَ الأنبياءِ يخُطُّ، فمَنْ وافقَ خطَّهُ فذاكَ” أخرجه مسلم.

في ليلة الإسراء والمعراج مر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بإدريس عليه السلام وهو في السماء الرابعة فسلم عليه. وقال له “مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح “.

اختلف بولادته هل في العراق ببابل أم في مصر. وكان يدعو الناس إلى عبادة الله وحده ويذكرهم بالدين ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وكان يكثر من الأعمال الصالحة التي جعلته من أفضل البشر الذين كانوا موجودين آنذاك. قيل أنه عاش ألف عام يدعو قومه وقيل 89 سنة والله أعلم.

 واختلف العلماء في موت إدريس عليه السلام فقيل إنه لم يمت بل رفعه الله إليه كما فعل بعيسى. لاستشهادهم بالآية ” ورفعناه مكانًا عليًا” لكن معظم المفسرين يقولون أنها رفعة معنوية أي درجات عاليه منحها الله له، وقيل وهو الأرجح أنه استمر بالدعوة إلى الله إلى أن توفاه الله ومات كما مات غيره من الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام. والله أعلم.

العبر والدروس المستفادة من القصة

  • أن كل الأنبياء رسالتهم واحدة وهي التوحيد أي عبادة الله وحده وترك كل ما يغضب الله.
  • إن التحلي بالعلم والصبر والأخلاق الحميدة تجعل العبد مقرب إلى الله أكثر في الدنيا والآخرة.
  • المثابرة على طريق الدعوة إلى الله وعدم الاستسلام مهما كان السبب.

أسئلة طرحت عن قصة إدريس عليه السلام

هل إدريس عليه السلام هو نفسه إلياس؟

لقد ذكر الله سبحانه وتعالى إلياس عليه السلام في القرآن الكريم في موضعين، الأول قوله تعالى: (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ). والثاني قوله تعالى: (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ).

كما ذكر إدريس عليه السلام في موضعين أيضاً.

الأول قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا )، الثاني قوله تعالى: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ)، وقد ذهب بعض العلماء من الصحابة ومن بعدهم إلى أنهما – أي إلياس وإدريس- اسمان لنبي واحد، وأن إلياس هو إدريس وإدريس هو إلياس.

وقد رجح ابن كثير أنهما مختلفان وأن إلياس ليس هو إدريس، فقال: والصحيح أنه غيره كما تقدم.  وسواءً كان هو أو غيره فنحن مطالبون بالإيمان بالرسل والأنبياء عموماً.

هل توفي إدريس عليه السلام في السماء الرابعة؟ وهل ما زال حيًا؟

لم يذكر لا بالقرآن ولا بالأحاديث الصحيحة عن وفاته، وربما تكون رفعته إلى السماء الرابعة رفعة معنوية والله أعلم. وقد ورد عن قصة إدريس عليه السلام أحاديث موضوعة كثيرة وإسرائيليات، كل هذه أخبار غير موثَّقة، ولا يَجب علينا أن نؤمن إلا بأن إدريس ـ عليه السلام ـ من الرُّسل وأن الله رفع منزلته، وما وراء ذلك من كونه في السماء الرابعة حيًّا أو ميتًا لا نُلزَم باعتقاده.

تعرف على قصة إدريس عليه السلام من خلال هذا الفيديو للشيخ المغامسي.

المصادر

المكتبة الوقفية – waqfeya

قصص الأنبياء – لابن كثير

الباحث الحديثي – sunnah

حكم رفع الله إدريس إليه –    – islamonline

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله