فوائد الاستغفار وفضله – 20 فائدة لمن داوم على الاستغفار

أمرنا الله تعالى بالاستغفار وقد ذكرها لنا في القرآن الكريم في العديد من السور، منها قوله تعالى: «وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» وقوله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ».

فوائد الاستغفار كثيرة منها أن الله تعالى وعد المتقين الذين يستغفرون الله جنات عرضها السموات والأرض. قال تعالى: «وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ».

قال أبو موسى رضي الله عنه: كان لنا أمانان، ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا، وبقي الاستغفار معنا، فإذا ذهب هلكنا. لذا دعونا نكثر من الاستغفار الدائم لعل الله يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، ويستجيب دعاءنا إنه هو القريب المجيب…

فوائد الاستغفار وفضلها

عن أنس بن مالك: قال اللهُ تعالى في حديث قدسي: يا بنَ آدمَ إنَّك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لك على ما كان منك، ولا أُبالي، يا بنَ آدمَ لو بلغتْ ذنوبُك عنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لك، يا بنَ آدمَ لو أتيتَني بقِرابِ الأرضِ خطايا، ثمَّ لَقِيتَني لا تُشرِكُ بي شيئًا لأتيتُك بقِرابِها مغفرة. (1)

فوائد الاستغفار كثيرة، وفضائلها كبيرة وسنذكر عشرين منها، نستنبطها من القرآن الكريم والسنة النبوية:

1 –  الاستغفار طاعة لله عز وجل، وسببًا لمغفرة الذنوب، قال تعالى: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا» [نوح:10]،

2 – الاستغفار ربما يكون سببًا في نزول المطر، كما قال تعالى: «يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا» [نوح:11].

3 – الاستغفار يكثر من الأموال والبنين، ويطرح فيهم البركة. قال تعالى: «وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ» [نوح:12].

 4 – الاستغفار يساعدك على الدخول في جنات النعيم، قال تعالى: «وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ» [نوح:12].

 5 – كثرة الاستغفار والإنابة إلى الله تعالى تزيد من قوة الإنسان، قال تعالى: «وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ» [هود:52].

6 – يمتع الاستغفار الإنسان بالمتاع الحسن في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ» [هود:3]،

7 – كثرة الاستغفار ترفع البلاء، قال تعالى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» [الأنفال:33].

8 – الاستغفار يكون سببًا لإيتاء كل ذي فضل فضله، كما في قول الله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ». [هود:3].

9 – الاستغفار يندرج تحت العبادة وهي نوع من أنواع الدعاء، وحكمه حكم الدعاء، فعندما يدعو المسلم ربه ويناجيه يشعر بالقرب من الله أكثر، وخاصة عندما ينكسر ويتذلل لله تعالى بقلب صادق وعين دامعة.

10 – الاستغفار تكفير للذنوب والخطايا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلس فَكثُرَ فيهِ لَغطُهُ فقال قَبْلَ أنْ يَقُومَ منْ مجلْسه ذلك: سبْحانَك اللَّهُمّ وبحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إله إلا أنْت أسْتغْفِركَ وَأتَوبُ إليْك: إلا غُفِرَ لَهُ ماَ كان َ في مجلسه ذلكَ» رواه الترمذي.

11 – كثرة الاستغفار يصفي القلب وينقيه، ويشعر بالراحة والطمأنينة.

12 – “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة” فالاستغفار طاعة لله تعالى واتباع نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكان عليه الصلاة والسلام يستغفر الله في المجلس الواحد سبعين مرة، وفي رواية: مائة مرة.

 فعَنْ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» رواه مسلم، وقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» رواه البخاري.

13 – الاستغفار سنة الأنبياء والمرسلين وطريق ووسيلة الأولياء والصالحين، يلجؤون إليه في كل وقت وحين، في السراء والضراء، به يتضرعون وبه يتقربون. (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

نبي الله آدم عليه السلام عندما عصا ربه وأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }.

 نبي الله نوح عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا}. وقال: {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}.

نبي الله موسى عليه السلام عندما قتل رجلًا من الأقباط عن غير قصد: { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

نبي الله شعيب عليه السلام عندما نصح قومه بعبادة الله وترك كل ما يعصي الله: {وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.

نبي الله صالح عليه السلام بعد أن أمر قومه بعبادة الله: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}.

قال الإمام النووي رحمه الله:

قوله صلى الله عليه و سلم: (إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة) قال أهل اللغة: المراد هنا ما يتغشى القلب، قال القاضي قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذى كان شأنه الدوام عليه فإذا فتر عنه أو غفل عد ذلك ذنبًا واستغفر منه.

 قال وقيل هو همه بسبب أمته وما اطلع عليه من أحوالها بعده فيستغفر لهم. وقيل سببه اشتغاله بالنظر فى مصالح أمته وأمورهم ومحاربة العدو وتأليف المؤلفة ونحو ذلك فيشتغل بذلك من عظيم مقامه فيراه ذنبًا بالنسبة إلى عظيم منزلته.

وان كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال فهي نزول عن عالي درجته ورفيع مقامه من حضوره مع الله تعالى ومشاهدته ومراقبته وفراغه مما سواه فيستغفر لذلك. وقيل يحتمل أن هذا الغين هو السكينة التي تغشى قلبه لقوله تعالى: “فأنزل السكينة عليهم”.

 ويكون استغفاره إظهارًا للعبودية والإفتقار وملازمة الخشوع وشكراً لما أولاه.

أحاديث صحيحة وردت عن فوائد الاستغفار

سنذكر 7 من الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضل الاستغفار وما له من فوائد عظيمة على الإنسان إذا لزمها مع صدق القلب والنية.

1 – عن الزهري قال أخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن قال قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة».

2 – وعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب».

3 – وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا“.

4 – وعن عكرمة رضى الله عنه قال: قال أبو هريرة رضى الله عنه: إني لأستغفر الله عز وجل وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة، وذلك على قدر ديتي.

5 – وعن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: “من أحب أن تسره صحيفته; فليكثر فيها من الاستغفار“.

6 – وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال: «أذنب عبد ذنبًا فقال اللهم اغفر لى ذنبى. فقال تبارك وتعالى أذنب عبدى ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال أى رب اغفر لى ذنبى، فقال تبارك وتعالى: عبدى أذنب ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال أى رب اغفر لى ذنبى. فقال تبارك وتعالى أذنب عبدى ذنبًا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب واعمل ما شئت فقد غفرت لك».

7 – عن زيد مولى النبى صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قال أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف». في هذا الحديث دلالة على أن الاستغفار يمحو الذنوب سواء كانت كبائر أو صغائر، لأن الفرار من الزحف من الكبائر.

وقت الاستغفار

تستطيع الاستغفار في كل وقت وحين، فما أجمل أن يكون الإنسان في حله وترحاله يرطب لسانه بذكر الله تعالى، ليطهر قلبه ويبعده عن الشرود ومضيعة الوقت. لكن هناك أوقات فضيلة مخصص فيها ذكر الله تعالى:

  • الاستغفار في وقت السحر، أي بالليل يناجي ربه ويطلب منه الغفران. قال تعالى: «الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ» آل عمران: 17».
  • الاستغفار بعد ارتكاب الذنوب والخطايا. قال تعالى: “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ”.
  • الاستغفار بعد الفراغ من أداء العبادات، ليكون كفارة لما يقع فيها من خلل أو تقصير أو سهو …
  • الاستغفار بعد الفراغ من الصلوات الخمس، فقد كان النبي إذا سلم من الصلاة المفروضة يستغفر الله ثلاثًا؛ لأن العبد عرضة لأن يقع منه نقص في صلاته بسبب غفلة أو سهو.
  • الاستغفار في ختام صلاة الليل، قال تعالى مادحًا المتقين: (كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:17-18].
  • وشرع الاستغفار بعد الإفاضة من عرفة والفراغ من الوقوف بها قال تعالى: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة:199].
  • الاستغفار بعد الانتهاء من مجلس ذكر أو جمعة أصحاب، حيث أمر نبينا صلى الله عليه وسلم عندما ينتهي الإنسان من مجلسه أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك، فإن كان مجلس خير كان زادًا له، وإن كان غير ذلك كان كفارة له.
  • الاستغفار عند اقتراب الأجل، فقد قال الله تعالى لنبيه عند اقتراب أجله: بسم الله الرحمن الرحيم: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) [سورة النصر]. فقد جعل الله فتح مكة، ودخول الناس في دين الله أفواجًا، علامة على قرب نهاية أجل النبي، وأمره عند ذلك بالاستغفار.
  • الاستغفار بعد الجدال والنقاش بأمور دنيوية، لأنها أشغلته عن الآخرة، فيكثر من الاستغفار لله تعالى.

صيغة الاستغفار

هناك صيغ عديدة للاستغفار وتستطيع أن تستغفر كما تشاء لكن هناك صيغ مستحبة واردة سنذكرها، ومنها ما وردت من أحاديث صحيحة:

الصيغة الأولى: «اللهم أنت ربي لا إله الا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت». وسمي هذا بسيد الاستغفار.

الصيغة الثانية للاستغفار أن يقول العبد لفظ -«أستغفر الله»، ثلاثًا

الصيغة الثالثة: «رب اغفر لي»

الصيغة الرابعة: «اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» الصيغة الخامسة: «رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور، أو التواب الرحيم».

الصيغة السادسة: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا الله، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»

الصيغة السابعة:  «أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه».

عن علي بن أبي طالب: عن رسولِ اللَّهِ صلّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ كانَ إذا افتتحَ الصَّلاةَ كبَّرَ، ثمَّ قالَ: وجَّهتُ وجهيَ للَّذي فطرَ السَّمواتِ والأرضَ حَنيفًا وما أَنا منَ المشرِكينَ إنَّ صلاتي ونُسُكي ومَحيايَ ومماتي للَّهِ ربِّ العالمينَ لا شريكَ لَهُ وبذلِكَ أُمِرتُ وأَنا أوَّلُ المسلِمينَ، اللَّهمَّ أنتَ الملِكُ لا إلَهَ إلّا أنتَ، أنتَ ربِّي، وأَنا عبدُكَ، ظلمتُ نفسي واعتَرفتُ بذنبي فاغفِر لي ذنوبي جميعًا، إنَّهُ لا يَغفرُ الذُّنوبَ إلّا أنتَ، واهدِني لأحسَنِ الأخلاقِ لا يَهْدي لأحسنِها إلّا أنتَ، واصرِف عنِّي سيِّئَها لا يصرِفُ سيِّئَها إلّا أنتَ، لبَّيكَ وسعديكَ والخيرُ كلُّهُ في يديكَ، والشَّرُّ ليسَ إليكَ، أَنا بِكَ وإليكَ، تبارَكْتَ وتعالَيتَ، أستَغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ وفي روايةٍ: لا إلَهَ لي إلّا أنتَ. ( 2 )

ما ثبت في الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: “أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه“.

ماذا قال علماؤنا عن فوائد وفضل الاستغفار

قال الإمام القرطبي رحمه الله:

قال علماؤنا: الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان، لا التلفظ باللسان. فأما من قال بلسانه: أستغفر الله، وقلبه مصر على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار، وصغيرته لاحقة بالكبائر. وروي عن الحسن البصري أنه قال: استغفارنا يحتاج إلى استغفار.

الاستغفار معناه طلب المغفرة من الله بمحو الذنوب، وستر العيوب، ولا بد أن يصحبه إقلاع عن الذنوب والمعاصي. وأما الذي يقول: أستغفر الله بلسانه، وهو مقيم على المعاصي بأفعاله فهذا الشخص لا ينفعه الاستغفار.

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: استغفار بلا إقلاع توبة الكذابين، وقال آخر: استغفارنا ذنب يحتاج إلى استغفار! يعني: أن من استغفر ولم يترك المعصية، فاستغفاره ذنب يحتاج إلى استغفار. فلننظر في حقيقة استغفارنا، لئلا نكون من الكذابين الذين يستغفرون بألسنتهم، وهم مقيمون على معاصيهم.

ثم تابع الإمام القرطبي رحمه الله كلامه قائلًا:

هذا يقوله في زمانه، فكيف في زماننا هذا الذي يرى فيه الإنسان مكبًا على الظلم! حريصًا عليه لا يقلع، والسُّبْحة في يده زاعمًا أنه يستغفر الله من ذنبه وذلك استهزاء منه واستخفاف. وفي التنزيل {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً}.

(لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).  (وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).

 آثار السلف في الاستغفار

قال قتادة رحمه الله: “إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم: فالذنوب، وأما دواؤكم: فالاستغفار”.

وعن الحسن البصري قال: “أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، أينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.

وعن أبي المنهال قال: ” ما جاور عبد في قبره من جار خير من استغفار كثير”.

وقال أبو عبد الله الوراق: لو كان عليك مثل عدد القطر وزبد البحر ذنوبًا لمحيت عنك إذا دعوت ربك بهذا الدعاء مخلصًا إن شاء الله تعالى اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه وأستغفرك من كل ما وعدتك به من نفسي ولم أوف لك به وأستغفرك من كل عمل أرد به وجهك فخالطه غيرك وأستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علي فاستعنت بها على معصيتك وأستغفرك يا عالم الغيب والشهادة من كل ذنب أتيته في ضياء النهار وسواد الليل في ملأ أو خلاء وسر وعلانية يا حليم.

لكن مما ينبغي أن يعلم هنا أن المراد بالاستغفار ما اقترن به ترك الإصرار، فهو حينئذ يعد توبة نصوحا تجب ما قبلها، أما إن قال المرء بلسانه: أستغفر الله، وهو غير مقلع عن ذنب، فهو داع لله بالمغفرة، كما يقول: اللهم اغفر لي، وهذا طلب من الله المغفرة ودعاء بها، فيكون حكمه حكم سائر الدعاء لله، ويرجى له الإجابة.

وقد ذكر أهل العلم أن القائل: أستغفر الله وأتوب إليه له حالتان:

الأولى: أن يقول ذلك وهو مصر بقلبه على الذنب، فهذا كاذب في قوله: وأتوب إليه؛ لأنه غير تائب، فإن التوبة لا تكون مع الإصرار من العبد على الذنب.

والحالة الثانية: أن يقول ذلك وهو مقلع بقلبه وعزمه ونيته عن المعصية، وجمهور أهل العلم على جواز قول التائب: أتوب إلى الله، وعلى جواز أن يعاهد العبد ربه على أن لا يعود إلى المعصية أبدا، فإن العزم على ذلك واجب عليه، فهو مخبر بما عزم عليه في الحال.

 وقد تقدم أن من شروط قبول التوبة العزم من العبد على عدم العودة إلى الذنب، فإن صح منه العزم على ذلك قبلت توبته، فإن عاد إلى الذنب مرة ثانية احتاج إلى توبة أخرى ليغفر له ذنبه، ولهذا فإن العبد ما دام كذلك كلما أذنب تاب وكلما أخطأ استغفر فهو حري بالمغفرة وإن تكرر الذنب والتوبة.

المصادر

  • القرآن الكريم
  • الباحث الحديثي
  • اسلام أون لاين
  • المكتبة الشاملة
شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله