صناعة الفخار … كل ما يهمك معرفته عنها

تعد صناعة الفخار من أقدم الفنون الزخرفية وأكثرها انتشاراً، على الرغم من أنه لم يتم الكشف عن منشأها بوضوح، إلا أن الاكتشافات القديمة، أظهرت أن أقدم قطع فخارية تم اكتشافها، يعود تاريخها إلى الحضارة الحثية عام 1400-1200 قبل الميلاد.

يعد الصلصال هو المادة الأولية الأساسية التي تقوم عليها صناعة الفخار، وقد تم إدخال إضافات عديدة عليه عبر الزمن للحصول على جودة أعلى، حيث تتم هذه الصناعة على عدة مراحل، وقد مرت هذه الصناعة بتحول كبير على مدار آلاف السنين، فبعد الحرب العالمية الثانية، ساهم الخزف في توسع التكنولوجيا والإلكترونيات والمعدات الطبية والنقل وغير ذلك. اليوم، يمكنك تعلمها لأغراض فنية أو عملية.

مكونات الفخار الأساسية

يوجد مكونان أساسيان يدخلان في تركيب الفخار هما:

1 – الكاولين (kaolin) أو الطين الابتدائي

وهو عبارة عن طين نقي، مكون من 40% من أكسيد الألمنيوم، مع 46% أكسيد السيليكون، و14% ماء. تم العثور على هذا الطين الأساسي في نفس مكان الحجر الذي اشتق منه، أي أنه لم يتم نقله بواسطة الماء أو الأنهار الجليدية، وبالتالي لم يختلط مع أشكال أخرى من الرواسب. ويكون عادةً ثقيل وكثيف ونقي.

2 – الطين الثانوي أو الرسوبي

يتكون الطين الثانوي أو الرسوبي من رواسب أخف، يتم حملها من مسافة بعيدة مع الماء وتترسب في مصبات الأنهار، لذا فهو مكون من خليط من الرواسب، ويكون عادةًأخف من الطين الأساسي.

 وهو طين مكون من سيليكات الألومنيوم، مع إضافات تشمل: أكاسيد الحديد، والقلويات، والكوارتز، والجير، بأوزيدات الحديد، ومركبات الكربون، وما إلى ذلك. هذه الإضافات المتباينة تعطي للصلصال خصائص مختلفة.

أنواع الفخار

أنواع الفخار

يوجد ثلاث أنواع معروفة من الفخار، تم تصنيفها بناءً على خصائصه، ودرجة الحرارة التي يجب أن يتم شيّه فيها حتى يصبح ناضجًا ويصل إلى الصلابة والمتانة المثلى، بالإضافة إلى نسبة امتصاصه للماء، وانكماشه أيضًا، يمكن تلخيصها كمايلي:

1 – الخزف

الخزف هو الفخار الذي لم يتم حرقه للتزجيج، مما يجعل هذا النوع من الفخار أكثر مسامية، وخشونة عند اللمس، وغالبًا ما يكون أبيض أو رمادي.

تنصهر الأواني الفخارية هذه عند درجة حرارة أقل من أنواع الطين الأخرى، حيث تتراوح درجة انصهارها بين (2100-1700) درجة فهرنهايت، أي ما يعادل (926 -1150 درجة مئوية)، بسبب شوائبها الكثيرة، لذا يُسمى الطين منخفض النار، حيث يذوب بعد تعريضه للنار، إلا أنه يحتفظ بخصائصه المسامية.

 كان الفخار الخزفي هو أكثر أنواع الخزف شيوعًا حتى القرن الثامن عشر، وعُرف بالخزف غير المصقول، وقد اسُتخدم في صناعة الأواني الفخارية، وخاصة أواني التراكوتا (أحواض الأزهار)، وبلاط الأرضيات، وغيرها من الأدوات التي لا يتطلب استخدامها التعرض للنار.

2 – الخزف الحجري

الخزف الحجري عبارة عن طين صلب ومتين، يتم حرقه في درجات حرارة تتراوح بين (2100-2300) درجة فهرنهايت، (1205- 1260) درجة مئوية.

 تتنوع ألوان الخزف الحجري، من الرمادي الفاتح، أو البني الفاتح، إلى الرمادي الداكن، أو البني الشوكولاتي. تاريخياً، اسُتخدم الخزف الحجري في صناعة الأواني والأباريق، وهي تُستخدم الآن عادةً في صنع أواني الطعام.

3 – الخزف الصيني

يعد الخزف الصيني أنقى أنواع الطين، وهو الكاولين، أو الطين الصيني. يسمى الطين الأساسي لأنه يوجد بالقرب من مصدره، يحتوي الكاولين على القليل من الشوائب وهو المكون الرئيسي المستخدم في صناعة الخزف. نظرًا لأن حجم جزيئاته أكبر من الطين الآخر، فهو ليس مرنًا جدًا.

الكاولين هو طين عالي النيران، يحتاج إلى حرارة من (2335 – 2550) درجة فهرنهايت، (1280 – 1400درجة مئوية)، لتزجيجه. حيث يساعد حرق الخزف على تحويله إلى خزف شديد الصلابة وشفاف، مع سطح أملس ولامع للغاية، بحيث لا تكون هناك حاجة إلى التزجيج.

4 – بورسلين

يصنع البورسلين الخزفي عادةً من طين الكاولين، حيث يتم حرقه في فرن لدرجة حرارة تتراوح بين (2200- 2600) درجة فهرنهايت. يعد البورسلين مادة شديدة المقاومة للحرارة، مقارنة بأنواع السيراميك الأخرى، ويعود السبب في ذلك إلى عملية التزجيج.

استخدم هذا النوع من الفخار المعروف بسيراميك البورسلين في صنع بلاط الحمام والمطبخ، والأواني، والمنحوتات الزخرفية، وأكثر من ذلك.

تقنيات صناعة الفخار

تقنيات صناعة الفخار

تنوعت التقنيات المستخدمة في صناعة الفخار عبر العصور، حيث لجأ البعض إلى الصناعة التشكيل اليدوي، في حين استخدم البعض الآخر عجلة الخزف، ولعل الطريقة الأقدم التي تم اللجوء إليها هي القولبة.

1 – صناعة الفخار بالأيدي

 حيث يتم بهذه الطريقة تشكيل الأوعية والأباريق يدويًا من الطين فقط، باستخدام الإصبع والإبهام وبطرق مختلفة، بدون استخدام عجلة الخزاف، حيث يقوم الخزاف إما بالضغط على كرة من الصلصال وتشكيلها بيديه للحصول على الشكل المطلوب، أو باستخدام طريقة الفتل او لفائف الطين.

 حيث يقوم الحرفي باستخدام هذه الطريقة بتشكيل حبال من الصلصال، ولفها على شكل دوائر، تتوضع فوق بعضها البعض، طبقة فوق طبقة، حتى الوصول إلى الإرتفاع المطلوب، غالبًا ما يتم تنعيم هذه اللفات بعد الانتهاء من جدران الوعاء بالكشط والتنعيم. للحصول على بعض أنواع الأواني المبكرة الرائعة.

2 – استخدام ألواح الصلصال

استخدمت هذه الطريقة لصنع أوعية مربعة أو مستطيلة، عن طريق استخدام ألواح مسطحة تشبه الفطيرة، حيث يتم تسطيح كرة الصلصال عليها للحصول على لوح، بعد ذلك يتم تقطيع هذا اللوح إلى مستطيلات، ثم يتم ربطها ببعضها البعض بواسطة الطين الرطب للحصول على الأوعية المربعة. كما يمكن تشكيل الألواح على شكل أسطوانة وتزويدها بقاعدة مسطحة بنفس الطريقة.

3 – تشكيل الصلصال بالقولبة

 تم صنع الأواني بهذه الطريقة عن طريق تلطيخ الطين حول وداخل سلة، أو كيس منسوج بشكل خشن. إلا أن الإغريق استخدموا طريقة أكثر تقدمًا، وهي الضغط على جسم الفخار في قوالب من الطين المحروق.

 على الرغم من أن القوالب المبكرة كانت بسيطة نسبيًا، إلا أنها أصبحت فيما بعد أكثر تعقيدًا، وهو اتجاه يظهر بشكل أفضل في تلك القوالب المستخدمة في صناعة الأشكال الفخارية.

4 – عجلة الخزف

تم اختراع عجلة الخزاف، حوالي 5000 قبل الميلاد، على الأرجح من قبل السومريين في حوض دجلة والفرات أو الصينيين. تسمح عجلة الخزاف للخزاف بصنع أشكال متساوية ومتماثلة في وقت أقل بكثير وبجهد أقل.

حيث يرمي الخزاف الطين على قرص يدور بسرعة، ويشكل وعاءه عن طريق التلاعب به بكلتا يديه. هذا إنجاز كبير للبراعة اليدوية التي تؤدي إلى قدر أكبر من الدقة والتناسق في الشكل.

أدوات صناعة الفخار

ادوات صناعة الفخار

على الرغم من أنه يمكنك البدء في صنع الفخار في المنزل باستخدام الطين فقط، وعجلة فخارية، وفرن، إلا أن هناك عددًا لا حصر له من الأدوات التي يمكن أن تساعدك في إنشاء قطع أكثر دقة، وذات شكل جيد وذات مظهر احترافي. إذ يجب أن تحتوي مجموعة أدوات الفخار في المنزل على الأدوات التالية:

  • الإبر: تستخدم لقياس السماكة والنحت والتشذيب والثقب من الطين.
  • سلك القاطع: يستخدم لتقسيم كتل الطين الكبيرة إلى قطع صغيرة.
  • أدوات الشريط: تستخدم للتشذيب والنحت عند تشكيل الطين باليد.
  • الكاشطات: تستخدم للتمهيد النهائي للقطع.
  • السكاكين Fettling: وهي متعددة الاستخدامات للغاية، حيث يمكن استخدامها لفصل القوالب، والتشذيب، والثقب، والنحت، وحتى قطع الطين.
  • قماش الشامواه: يستخدم لضغط الصلصال أثناء وجوده على العجلة، لإنشاء أسطح ناعمة.
  • الفرجار: يستخدم لقياس المسافة بين وجهين متقابلين.
  • الفرش: تستخدم في أغراض متنوعة ولكن بشكل خاص للتزجيج أو وضع الزلاقات.
  • الإسفنج: يستخدم لتشكيل وتنظيف الأسطح.
  • تعتمد أدوات النمذجة الأخرى على القطع الدقيقة التي تريد صنعها.
  • المناشف والمآزر: يمكن أن تتسبب صناعة الفخار في المنزل في حدوث فوضى، ستساعدك بعض المناشف والمئزر في الحفاظ على نفسك ومساحتك نظيفة قدر الإمكان.

مراحل صناعة الفخار

تمر قطعة الفخار بعدة مراحل قبل أن تصبح جاهزة، بدايةً من خلط الطين وحتى حرقه وتتضمن مايلي:

1 – خلط الطين

يعد خلط الطين هو الخطوة الأولى في عملية صنع الفخار، حيث يتم إحضار كمية الطين المطلوبة، ثم يتم وضعها في وعاء الخلط.

 بعد ذلك يتم إضافة الماء بالتدريج، مع الاستمرار بالخلط، حتى يصبح الطين جاهز للتشكيل. حيث تبلغ كمية الماء المطلوبة لوصول الطين لهذه المرحلة، 30% من كمية الطين الجاف.  

2 – ضغط الطين

يتم ضغط الطين بعد وضعه في فلاتر ومرشحات، من أجل التخلص أي نسبة أو كَمّيَّة زائدة من المياه، باستخدام مكبس يشبه مكبس عصير التفاح، يسمى الطاحونة، وذلك بهدف الحصول على طين سميكًا وجافًا نوعًا ما، حيث يحتوي على حوالي 20%، ويسمى الآن كعكة.

 تحتوي الطاحونة التي يشكل الفَخَّار عليها أيضًا على أسطوانة، يتم تثبيت الكعكة التي تم الحصول عليها، ثم تبدأ هذه الأسطوانة في الدوران، حتى تساعد العامل الذي صنع الفَخَّار على تشكيله بطريقة سليمة.

3 – التجويف

في هذه الخطوة، يقوم العامل باستخدام يديه في لصنع تجويف في الأواني والأدوات الفخارية. إما باستخدام آلة خاصة تساعده بعملية تجويف الأواني الفخارية بكل سهولة.

يعتمد نجاح هذه الخطوة على التزامن بين دوران الأسطوانة ولف الطين الذي تم وضعه عليها من أجل تشكيله.

4 – الصب

يتم استخدام العديد من القوالب التي تصنع من الجبس أو الجص في هذه الخطوة، وتستخدم من أجل أن يُصب الفَخَّار بداخلها مما يجعله أكثر صلابةً ومتانة وجفافًا أيضًا. ويُعزى السبب في ذلك، إلى خاصية الجبس في امتصاص كَمّيَّة المياه الزائدة في الطين.

يمكن استخدام بعض قوالب الجبس التي تحتوي على رسوم ونقوش وزخارف، من أجل تزيين الأدوات والأواني الفخارية. حيث تظهر هذه النقوش والزخارف على الأدوات الفخارية من الخارج لتعطي مظهرًا وشكلًا رائعًا وجذابًا بعد أن تجف تمامًا.

5 – التزجيج

 يعد التزجيج هو الخطوة ما قبل الأخيرة في عملية تشكيل الفَخَّار، حيث يجب التأكد من جفاف الفَخَّار بشكل تام قبل استخدام الألوان لطلاء الأدوات والأواني الفخارية، بهدف إضافة لمسة فنية على القطعة سيما في حال لم تحتوي القطعة على نقوش أو زخارف.

6 – الحرق

وهي الخطوة الأخيرة في عملية صنع الفخار، وتتم هذه الطريقة باستخدام أفران تعمل على الخشب أو الفحم أو الكهرباء وذلك من أجل أن تتعرض الأواني والأدوات الفخارية إلى أكبر قدر ممكن من درجة الحرارة.

حيث تساعد إن هذه الحرارة على تجفيف الفَخَّار، وتصلبه لتمكينه من الاحتفاظ بالماء، وكذلك تجفيف الألوان الموجودة عليها أيضًا، وبعد أن تتم هذه المرحلة يصبح حينها الفَخَّار جاهز للاستخدام.

يعد إضافة جزء لا يتجزأ من هذا الحرق هو إضافة طبقة زجاجية سائلة (يمكن دهنها أو غمسها في التزجيج) إلى سطح الوعاء غير المشتعل، مما يغير التركيب الكيميائي والصمامات على سطح الوعاء المحروق. ثم يسمى الفخار الزجاجي، مما يعني أنه يمكن أن يحتفظ بالماء.

لمحة عن تاريخ صناعة الفخار

  • تم العثور على أقدم دليل على صناعة الفخار في اليابان، في موقع أثري يُعرف باسم أودي ياماماتو (Odai Yamamoto) ، حيث تم تأريخ أجزاء على وعاء يعود إلى حوالي 16500-14920 سنة.
  • استخدمت حضارات مصر القديمة والشرق الأوسط الطين في البناء والاستخدام المنزلي منذ عام 5000 قبل الميلاد. بحلول 4000 قبل الميلاد، حيث عمل قدماء المصريين في صناعة الفخار على نطاق أوسع بكثير.
  • أنتج الصينيون القدماء الفخار الأسود بحلول 3500 قبل الميلاد. مع قواعد دائرية وزخرفة مضفورة. في الألفية الأولى قبل الميلاد، بدأ الإغريق في إلقاء الأواني على عجلات وإنشاء أشكال رائعة.
  • ظهر الفخار لأول مرة في العصر الحجري الحديث، حوالي منتصف الألفية السادسة قبل الميلاد.
  • في ألمانيا، لم تظهر الأواني الحجرية لأول مرة إلا في القرن الثالث عشر. أطلق الخزافون طينًا أنعم في درجات حرارة أعلى. ساعد هذا في الحصول على أواني قوية غير مسامية بشكل طبيعي.

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله