حضن الذات – يمكنك ويجب أن تعانق نفسك

يجعلك تشعر بالاهتمام، القرب، يزيد مشاعر السعادة، الرضا… العناق قادر على تقديم أكثر من ذلك، فهو حاجة أساسية لذا فحتى في حال لم تكن مدرك لذلك أنت تحتاج إلى العناق، والعناق يملك تأثير كبير على صحتك الجسدية والنفسية، ولكن هذا لا يعني أنك تحتاج لشخص آخر ليعانقك!

نعم، هذا قد يكون خبر جيد بالنسبة للأشخاص الذين يجدون العناق غريب، أو الذين لا يملكون أحد لمعانقته… أنت تملك نفسك، ويمكنك أن تمنح نفسك حضن كبير، وعليك ذلك!

إنه حضن الذات، والذي يعتبر من أهم الأشياء التي يجب أن تقدمها لنفسك كل يوم وعدة مرات في اليوم… حتى لو كنت تجد الأمر مختلف عنك وغريب، تابع وجرب فهناك فوائد كثيرة قد تفوتك.

فوائد حضن الذات – لماذا عليك معانقك نفسك؟

قبل التحدث عن طريقة حضن النفس، يجب أن تكون على علم بالفوائد المذهلة التي يضمنه، وكل ما يحتاجه منك الأمر ضمة!

1 – تخفيف الآلام

في دراسة تمت عام 2011 على 20 مشارك [1]، وجدت أن معانقة النفس لها دور فعّال في تخفيف الآلام، ففي هذه الدراسة تم استخدام الليزر بهدف توليد شعور يشبه الوخز بالإبر. وعندما قام المشاركون بعقد أذرعهم بطريقة معانقة الذات، كان شعورهم بالألم أقل.

اقترح الباحثون أن هذا التأثير يرجع إلى ارتباك الدماغ حول مصدر الألم، فالألم يحدث في مكان واحد إلا أنه في حال قمت بشبك ذراعيك فهذا سوف يربك عقلك في تحديد موضع الألم. وعندما يعمل عقلك على حل هذه المشكلة وتحديد مصدر إشارات الألم فهو عمليًا تقل قدرته على معالجة المعلومات الأخرى بما فيها الشعور بالألم.

قد تكون بالفعل قد اختبرت شيء مماثل من قبل، فعندما تعاني من الألم وتقوم مثلًا بالضغط على المنقطة المؤلمة أو فركها أو حكها… فكل ذلك يزيد من المعلومات التي يحب على الدماغ معالجتها، وبالتالي تقل قدرته على الشعور بالألم بنفس المستوى السابق.

كذلك من الممكن أن يكون تخفيف الألم ناتج عن سبب آخر، وهو هرمون الأوكسيتوسين oxytocin، ففي بحث من عام 2015 [2]، وجد أن اللمس اللطيف المهدئ يعمل على تحفيز إطلاق هرمون الأوكسيتوسين، ولهذا الهرمون دور مهم في تخفيف الشعور بالألم.

2 – زيادة الشعور بالأمان

التواصل مع الآخرين، والتواجد بالقرب من الأشخاص الذين نهتم بهم ويهتمون بنا… كل ذلك يقدم الدعم للشخص ويمنح الشعور بالأمان ويقلل من مشاعر الوحدة والحزن. ولعل عناق الآخرين (الأشخاص المقربين) يعتبر أحد أهم أشكال التعبير عن ذلك.

عناق الذات يملك التأثير نفسه، فهو سوف يمنحك المزيد من مشاعر الراحة والأمان، كذلك سوف يخفف الشعور بالوحدة والعزلة…

يمكنك أن تعتبر حضن الذات كبديل عن معانقة الآخرين. فهو بنفس الفعالية، ومن خلال الاستمرار بحضن نفسك، مع تقنيات التركيز وتعزيز حب الذات يمكنك زيادة فعالية حضن النفس أكثر بكثير… ويمكنك أن تحصل على فوائد ومشاعر إيجابية هائلة.

3 – تحسين المزاج

في حال شعرت بالقليل أو الكثير من الكآبة، في حال كان ذلك بدون سبب واضح، أو نتيجة لوجود مشكلة أو المرور بموقف صعب…

العناق الذاتي سوف يفي بالغرض، قد لا يحل المشكلة ولا يتعامل مع الموقف الصعب بشكل مباشر، ولكنه سوف يتعامل مع التوتر والحزن والمشاعر السلبية، أيضًا سوف يجعلك أكثر قدرة على البحث واكتشاف الحلول المناسبة.

وذلك يرجع إلى قدرة العناق الذاتي على حفض مستويات هرمون التوتر (هرمون الكورتيزول)، إلى جانب دوره في الدعم النفسي.

4 – يزيد من التعاطف مع الذات

واحدة من أكبر المشاكل التي تؤثر بشكل سلبي على حياة الشخص، هي انخفاض تقديره لذاته، وكره الذات، وعدم التعاطف معها…

في المقابل ووفقًا للنتائج التي وصل إليها الباحثة كريستين نيف الحاصلة على درجة الدكتوراه، فقد تبين أن حضن النفس يمثل عناق للذات فهو يزيد من مشاعر الحب والحنان والتقدير اتجاه ذاتك، وتصبح أكثر قدرة على التعاطف مع نفسك…

حضن النفس والتمسيد على نفسك والطبطبة… كلها تعمل على جعلك أكثر تقبل لنفسك كما هي الآن، بكل الأخطاء والمصاعب التي ارتكبتها ومررت بها، وكل نقاط القوة والضعف التي تمتلكها…

5 – يجعلك أكثر قوة واتزان

الذكاء العاطفي واحد من أهم أنواع الذكاء التي يجب أن يتم تنميتها، في كثير من الأحيان يمكن للضعف أو الشعور بالنقص بما في ذلك النقص للاحتياجات النفسية مثل العناق، أن يملك تأثير سيء على الاتزان والذكاء العاطفي.

على الجهة المقابلة فإن عناق الذات سوف يجعلك أكثر اتزان، واكتفاء وبالتالي أكثر ذكاء عاطفي…

6 – تنشيط استجابة الاسترخاء

لحسن الحظ جسمك يعمل على حمايتك، نعم، فهو يعمل وفق لاستجابتين: استجابة الاسترخاء (الحالة الطبيعية)، استجابة الإجهاد (حالة الطوارئ).

استجابة الإجهاد أو التوتر تعتبر في غاية الأهمية فهي تزيد من اليقظة وتجعلك أكثر حذر، تحميك من الخطر المحيط بك، حتى ولو لم يكن هذا الخطر هو نمر يلحق، يكفي أن يجعلك تشعر بالتهديد فيمكن أن يكون التحدث أمام جمهور خطر بالنسبة لك!

على الرغم من أهمية هذه الاستجابة إلا أنها تعمل على حساب وظائف الجسم الأخرى، فهي تعطل الجهاز المناعي، الهضم… وغيرها، والبقاء في هذه الحالة لفترات طويلة يمكن أن يهدد بأخطار كبيرة على الصحة.

عناق الذات يعمل على تخفيض هرمون التوتر (هرمون الكورتيزول)، إلى جانب زيادة الشعور بالأمان والقوة، والراحة والهدوء… كل ذلك يحفز العودة لحالة الاسترخاء.

كيف أخضن نفسي؟

إذا لم تتمكن من تخيل طريقة حضن النفس بوضوح، أو في حال كنت تجد أنها أمر غريب بعض الشيء… فهذا فقط في البداية، والحقيقة أنها تقنية بسيطة وسهلة ومريحة جدًا في وقت واحد.

  • تمامًا كما تفعل عندما تعانق شخص آخر، سوف تعانق نفسك، بثني ذراعيك حول نفسك أو على كتفيك…
  • تخيل العناق الذي تريده، سواء كان عناق مهدئ، أو عناق تشجيع، أو عناق مواساة…
  • استمر بالحضن بالقوة التي تريدها، وللمدة التي تجعلك تشعر بالراحة.
  • يمكنك أن تربت على نفسك لزيادة الشعور بالطمأنينة.

هناك عدة تقنيات لمعانقة النفس، أهمها:

1 – حضن الفراشة

هذه التقنية يمكن أن تمنحك الشعور بالأمان والقوة، كذلك تؤمن لمس لطيف للكتفين والوجه. إنها التقنية المناسبة في حال كنت تشعر بالتوتر، الغضب، الخطر…

  • ضع يديك على كتفيك بشكل متعاكس، مباشرة عند العضلة ذات الرأسين.

2 – حضن الذراعين

إنها تقنية أسهل بكثير، فالعديد من الأشخاص يجدون ثني الذراعين أسفل الصدر أو حول المعدة أسهل من احتضان الكتفين.

  • اثني ذراعيك حول المعدة أو أسفل الصدر.

3 – حضن مزدوج

إنها تقنية تجمع ما بين حضن الفراشة وحضن الذراعين، فهي سهلة جدًا وفي الوقت نفسه ذات تأثير عالي بالأمان والراحة، وتؤمن مساحة أكبر من حضن الذات.

  • ضع إحدى اليدين على الكتف المعاكس.
  • قم بلف الذراع الأخرى حول المعدة أو أسفل الصدر.

4 – حضن الأيدي

في حال لم تكن ترغب بحضن نفسك بأي من التقنيات السابقة، أو في حال كان من الغير الممكن تنفيذها، فيمكنك الاكتفاء بحض الأيدي.

  • قم بعقد يديك أو ربت على يد بالأخرى أو حتى قم بتدليك يديك…

5 – عناق الوسادة

هذه طريقة رائعة للحصول على عناق، كذلك تعتبر من التقنيات التي تساعد على النوم ولكنها لا تقتصر على النوم.

  • يمكنك حضن وسادة، وفي حال عدم وجود وسادة يمكنك الاعتماد على بطانية، سترة، حقيبة، لعبة محشوة…

6 – التربيت على النفس

التربيت على النفس سواء كان جزء من حضن النفس أو فقط قمت بالتربيت على نفسك، هو من أكثر الأشياء أهمية وذات تأثير مهدئ وداعم.

  • يمكنك التربيت على نفسك مع تقنيات الحضن.
  • إذا كنت ستكتفي بالتربيت بدون حضن، فيمكنك التربيت على: الذراعين، الكتفين، أعلى الصدر…

تحدث إلى نفسك

حضن النفس رائع وذو تأثير كبير، ولكن التحدث إلى نفسك خلال العناق الذاتي أو فقط التحدث (بدون عناق)، يمكن أن يكون له دور فعال في زيادة التأثير والفوائد.

من المهم أن تركز على الأفكار الإيجابية، اللطيفة، المحبة، خلال احتضان النفس، ومجرد التركيز على هذه الأفكار سيكون فعال، ولكن قولها لنفسك بصوت عالٍ سوف يعزز من تأثيرها. فيمكنك أن تقول لنفسك عبارات مثل:

  • سوف تتمكن من النجاح.
  • هذا لن يستمر للأبد.
  • أنا فخور جدًا بك.
  • أنت قوي جدًا.
  • أنت فعلت وبذلت قصارى جهدك.
  • أنا أحبك.
  • أنت جميل جدًا.

قد يكون من الغريب أن تقول لنفسك مثل هذه العبارات أو أن تخبرك نفسك أنك تحبها، ولكن يجب اتخاذ هذا الحديث الذاتي الإيجابي عادة لأنه يزيد من تقدير الذات ومشاعر المحبة اتجاه نفسك وكذلك يرفع الثقة بالنفس…

طرق أخرى لإظهار الحب لنفسك

حضن النفس ليس الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن تظهر الحب والتقدير لنفسك، هناك الكثير غيرها، فيمكنك:

التأمل

قد لا تكون معتاد على التأمل، ولكن بمجرد أن تعتاد عليه سوف تشعر بالتأثير الكبير!

التأمل يمكن أن يكون من أكثر الأشياء فعالية في التعامل مع القلق والتوتر، كذلك يزيد من المشاعر الإيجابية…

يمكنك أن تعتمد على تأملات إرسال واستقبال طاقة الحب والمحبة لنفسك ولأشخاص آخرين.

احتضان الطبيعية

أثبتت العديد من الأبحاث أن قضاء الوقت في الطبيعية له تأثير كبير في تحسين الحالة النفسية والصحية لديك، وخاصة في حال كنت من الأشخاص الذين يقضون الكثير من الوقت في منزلهم أو في العمل [3].

تأكد من تخصيص وقت لقضائه في أحضان الطبيعية وأشعة الشمس أو ضوء القمر، يمكنك كذلك أن تتمرن في المنتزع أو على الشاطئ أو في غابة…

تناول وجبتك المفضلة

تناول الأطعمة المفضلة لديك يعتبر من الطرق التي تحفز إنتاج الأوكسيتوسين، الذي يساعد في تحسين المشاعر والحالة النفسية ويزيد من حب الذات وتقديرها…

تناول الأطعمة الصحية ليس فقط طريقة للعناية بالنفس وإنما كذلك هو طريقة لإظهار حبك لنفسك.

كذلك فإن الوقت الذي تقضيه في تحضير طبقك المفضل يمكن أن يكون وقت رائع لترتيب الأفكار وتصفية الذهن.

ملاحظة: تدرب على الأكل الواعي، بحيث تتناول الطعام وتشعر بكل النكهات وتتذوق تفاصيل المكونات الموجودة في كل قضمة.

كافئ نفسك دائمًا

سواء بتناول قطعة من طعام تحبه، أو الذهاب في نزهة، سواء كان ذلك بحضن الذات أو بالحديث الذاتي الإيجابي، أو بأي طريقة أخرى… المهم أن تكافئ نفسك على الأشياء الجيدة والنجاحات التي حققتها مهما كانت بسيطة أو صغيرة.

المصادر

Yes, You Can (and Should) Give Yourself a Hug – healthline

WHY HUGGING YOURSELF MATTERS – sherryduquet

Give Yourself a Hug – psychologytoday

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله