انحراف العمود الفقري: الأسباب، والأعراض، وطرق العلاج

يتميز العمود الفقري ببنيته المتوازنة، والتي تمنحه مرونة عالية وقدرة كبيرة على تحمل وزن الجسم، حيث يلاحط عند النظر من الجانب إلى العمود الفقري، أن له 3 انحناءات لطيفة، حيث تعمل هذه الانحناءات بانسجام لربط مركز الجاذبية في الجسم بالحوض والوركين، الأول منها يقع في الجزء السفلي عند الفقرات القطنية وينحني إلى الداخل، والثاني منها يقع في منتصف العمود الفقري، في منطقة الدر وينحني إلى الخارج، في حيث يقع الجزء الثالث منها في منطقة الرقبة وينحني إلى الداخل.

يعد العمود الفقري أحد أهم أجزاء الجسم، حيث يساعد في الانحناء، والجلوس، والحركة بشكل عام، وعند النظر إلى العمود الفقري من الخلف، نجد أن له شكلًا مستقيمًا في الأوضاع الطبيعية، لكن في بعض الأحيان قد يحدث خلل في هذه الانحناءات نتيجة أسباب عديدة، فما هي أسباب انحراف العمود الفقري؟ وكيف يتم علاجه؟ تعرف على الإجاية من خلال هذا المقال.

أنواع انحراف العمود الفقري

الحداب

يعد الحداب أحد أنواع انحراف العمود الفقري التي تظهر مع التقدم في السن، كما يمكن ظهورها بعد إجراء عملية جراحية، حيث يظهر تقوس أعلى الظهر نتيجة وجود فرط في الانحناء إلى الخارج في الجزء العلوي من العمود الفقري، مما يفقد الشخص القدرة على الوقوف باستقامة واحدة، وتبلغ درجة الانحراف حوالي 50 درجة.

ومن الممكن أن يحدث الحداب في أي عمر، إلا أنه أكثر شيوعًا في سن المراهقة، التي تتميز بسرعة نمو العظام، ومن الجدير بالذكر أن العمود الفقري في الجزء الأوسط منه أي منطقة الصدر، لديه حداب طبيعي يتراوح مابين 20 إلى 45 درجة، إلا أن الحداب المرضي يزيد من هذا الانحناء، ويمكن تقسيم الحداب إلى عدة أنواع:

الحداب الخلقي

يحدث هذا النوع من الحداب نتيجة فشل العمود الفقري بالنمو بشكل طبيعي أثناء وجود الجنين في الرحم، وتتفاقم أعراض هذا النوع من الحداب مع تقدم الطفل بالعمر، وتعد الجراحة أفضل خيار لعلاج الحداب الخلقي، ومنع زيادة الانحناء مع التقدم في العمر.

الحداب الوضعي

يعد الحداب الوضعي من أكثر أنواع الحداب شيوعًا، خاصة في فترة المراهقة، ولا يرافق هذا النوع الألم، كما أنه لا يزداد سوءًا مع التقدم في العمر، وفي الغالب لا يحتاج إلا علاج بل يتم تصحيحه من قبل المريض نفسه، عندما يطلب منه الوقوف بشكل مستقيم.

حداب شيرمان

قد يطرأ على فقرات العمود الفقري تغيرًا في الشكل، من الشكل المستطيل إلى الشكل المثلث، مما يسبب انحناء الجزء العلوي من الظهر إلى الأمام بشكل مبالغ فيه، وترتفع نسبة الإصابة بهذا النوع من الحداب عند الذكور أكثر من الإناث في سن المراهقة.

يسبب هذا النوع من الحداب الألم أعلى الظهر، ويزداد هذا الألم عند الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة، كذلك يعاني المريض من عدم القدرة على تصحيح استقامة الظهر عندما يطلب منه ذلك.

انحراف العمود الفقري جانبيًا (الجنف)

يحدث هذا النوع من انحراف العمود الفقري عندما تميل المفاصل التي تدعم الفقرات إلى الجنب، مما يؤدي إلى انحراف الفقرات معها، فيظهر انحراف في العمود الفقري إلى الجنب، وذلك خلال مرحلة النمو وقبل البلوغ مباشرةً، ويؤثر هذا النوع من انحراف العمود الفقري في الذكور والإناث بشكل متساوي، إلا أن الإناث تعد أكثر عرضة لزيادة الانحناء.

وتعد معظم حالات انحراف العمود الفقري جانبيًا بسيطة، لكن بعض الحالات النادرة قد تسبب تشوهًا في العمود الفقري، والتي تتفاقم مع التقدم في العمر، ويرافق انحراف العمود الفقري الشديد عدة أعراض منها:

  • تلف القلب والرئتين.
  • صعوبة في التنفس وضخ الدم، وذلك نتيجة ضغط القفص الصدري على القلب والرئتين.
  • الشعور بآلام مزمنة في الظهر.

متلازمة الظهر المسطح

تحدث متلازمة الظهر المسطح عندما يفقد الجزء السفلي من العمود الفقري جزءًا من انحناءه الطبيعي، مما يسبب صعوبة بالوقوف بشكل قائم، وصعوبة القيام بالأنشطة اليومية، وشعور بألم مزمن، حيث يضطر الشخص المصاب بمتلازمة الظهر المسطح أن يقوم بثني الوركين والركبتين، وشد عضلات الظهر، ليتمكن من الوقوف بشكل قائم.

متلازمة تدلي الرأس

تعد متلازمة تدلي الرأس نادرة الحدوث، تحدث نتيجة الحداب الشديد في منطقي العمود الفقري الصدري، وترتبط هذه الحالة بالعديد من الأمراض العصبية مثل: الاعتلال النخاعي العنقي، ومرض باركنسون، وخلل التوتر العنقي وغيرها من الأمراض.

انحراف العمود الفقري إلى الداخل

يتمثل هذا النوع من انحراف العمود الفقري بانحنائه إلى الداخل أسفل الظهر، ويرافقه ألم في العضلات الذي يمكن أن يمتد إلى الرقبة، والكتفين، وأعلى الظهر، بالإضافة إلى صعوبة تحريك الرقبة وأسفل الظهر، وعدم القدرة على التحكم بالمثانة.

انحراف العمود الفقري الناتج عن الأمراض العضلية والعصبية

من الممكن أن يتعرض العمود الفقري للانحراف نتيجة لإصابة الجسم ببعض الأمراض العصبية والعضلية، وكثير ما يحدث هذا الأمر عند الأطفال حديثي الولادة، وقد يصيب هذا النوع الكبار نتيجة التعرض للجفاف في مناطق الغضاريف، أو عدم الجلوس بالوضعية السليمة لفترة طويلة.

أعراض انحراف العمود الفقري

أعراض انحراف العمود الفقري

هناك الكثير من الأعراض التي ترافق انحراف العمود الفقري وتختلف باختلاف السبب الذي أدى إلى انحراف العمود الفقري، لكن بشكل عام هناك أعراض عامة يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من انحراف العمود الفقري، نذكر منها ما يلي:

  • ارتفاع ورك عن الآخر.
  • عدم تساوي الأكتاف.
  • الميل تجاه جهة معينة أكثر من الأخرى.
  • بروز أحد الكتفين بطريقة أوضح من الكتف الآخر.
  • بروز الأرداف بشكل واضح في حال الإصابة بانحراف العمود الفقري إلى الداخل.
  • الشعور بألم ووخز في الأقدام.
  • مواجهة صعوبة في القيام ببعض الوضعيات.
  • ألم في الظهر.
  • الشد في أوتار الركبة.
  • ألم وأعراض عصبية.
  • الشعور بالتعب والإجهاد بشكل مستمر.
  • فقدان القدرة على الحركة بشكل طبيعي، وعدم مارسة التمارين الرياضية بشكل طبيعي.

أسباب انحراف العمود الفقري

أسباب انحراف العمود الفقري

يوجد العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى انحراف العمود الفقري، نذكر منها ما يلي:

انزلاق الفقرات

حيث يتكون العمود الفقري من سلسلة من الفقرات المكدسة على بعضها البعض والتي تمتد من أعلى الظهر إلى أسفله، ومن الممكن أن يحدث انزلاق لهذه الفقرات بسبب الضغط الزائد على العضلات والأعصاب المحيطة به، وقد يمتد الانزلاق من العنق إلى أسفل الظهر، أو قد يتمركز في فقرات معينة.

وتعد منطقة الفقرات القطنية من أكثر المناطق عرضة للإصابة بالانزلاق الغضروفي، مما ينتج عنه انحراف في العمود الفقري.

القزامة

يحدث انحراف في العمود الفقري نتيجة عدم نمو العظام بشكل طبيعي في بعض الحالات نتيجة القزامة وقصر القامة.

البدانة

تتسبب البدانة بالضغط على فقرات العمود الفقري مما يسبب انحرافه.

العيب الخلقي

يمكن أن يولد الشخص مصاب بانحراف العمود الفقري مثل حالة الحداب.

هشاشة العظام

تؤدي هشاشة العظام إلى ترقق وهشاشة فقرات العمود الفقري، مما يزيد فرصة الإصابة بانحراف العمود الفقري، ويعود سبب هشاشة العظام إلى نقص حاد في مستوى الكالسيوم والفوسفور، أو النقص في معادن أخرى في العظام، وبالرغم من أن الاعتقاد السائد بأن هذا المرض يصيب في الغالب السيدات، إلا أن هشاشة العظام قد تصيب الرجال أيضًا.

داء القرص التنكسي

وهو مرض ينشأ مع التقدم في السن، بحيث يبدأ القرص الفاصل بين فقرات العمود الفقري بالتآكل، مما يزيد من صعوبة الانحناء بشكل طبيعي، وذلك نتيجة فقدان القرص للسوائل التي تكون الجزء الخارجي منه مع التقدم في العمر، الأمر الذي يسبب انزلاق في الفقرات نتيجة فقدان هذا القرص، وبالتالي انحراف العمود الفقري.

التهاب الفقار القسطي

وهو مرض التهابي قد يسبب مع مرور الوقت التحام بعض فقرات العمود الفقري، ويؤدي هذا الالتحام إلى جعل العمود الفقري أقل مرونة، وقد يؤدي إلى انحراف العمود الفقري، وفي حالة إصابة الضلوع يصبح التنفس العميق أمرًا صعبًا.

ويلاحظ أن التهاب الفقار القسطي يصيب الرجال أكثر من النساء، وتبدأ عادةً الأعراض في بداية مرحلة البلوغ، كما يمكن أن يصل الالتهاب إلى أجزاء أخرى من الجسم، وغالبًا تكون العينان.

التهاب الديسك

يتكون القرص الموجود بين الفقرات من جزء خارجي يحوي سوائل، يسمى الحلقة البطنية الأربية، وجزء داخلي يسمى النواة، يعمل على إتاحة مقياس معين من الحركة والثبات، وفي بعض الأحيان يحدث انزلاق غضروفي نتيجة لزيادة الضغط على هذا القرص بسبب حمل ميكانيكي مفاجئ أو مستمر، مما يزيد احتمالية الإصابة بانحراف العمود الفقري.

تكهف النخاع الشوكي

وهو حالة مرضية تتمثل بتكون كيس مليء بالسائل داخل النخاع الشوكي، الأمر الذي يتسبب بتلف النخاع الشوكي خاصةً عند ازدياد حجم هذا الكيس، مما يسبب انحراف العمود الفقري.

مازال سبب الإصابة بتكهف النخاع الشوكي غير معروف، لكن هناك بعض العوامل التي قد تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض، نذكر منها ما يلي:

  • التهاب السحايا: يتمثل التهاب السحايا بالتهاب الأغشية المحيطة بالنخاع الشوكي والدماغ.
  • أورام النخاع الشوكي.
  • الأمراض التي تظهر منذ الولادة مثل: ربط النخاع الشوكي.
  • تشوه خياري الذي يتمثل ببروز أنسجة الدماغ إلى داخل القناة الشوكية.
  • إصابات النخاع الشوكي.

أسباب أخرى قد تؤدي إلى انحراف العمود الفقري:

  • وجود تاريخ عائلي سابق لانحراف العمود الفقري.
  • حدوث خلل في الجينات الوراثية.
  • التعرض لعدوى أو إصابة ما أدت إلى انحراف العمود الفقري.
  • ضعف شديد في العضلات.
  • الجلوس أو الوقوف لفترات زمنية طويلة.
  • ارتداء أحذية الكعب العالي لفترات زمنية طويلة.

طرق تشخيص انحراف العمود الفقري

طرق تشخيص انحراف العمود الفقري

تتعدد طرق التشخيص المتبعة من قبل الطبيب المختص، حيث يتم بدايةً تحديد الأسباب التي أدت إلى انحراف العمود الفقري، وبناءًا عليها يتم تحديد طرق العلاج المناسبة لكل حالة، ومن ضمن طرق التشخيص مايلي:

  • إجراء الفحص السريري والكشف عن العمود الفقري ومدى شدة الحالة وطبيعتها.
  • القيام ببعض الفحوصات التصويرية مثل: الأشعة السينية العادية، لكي يتم الكشف عن مدى شدة انحراف العمود الفقري.
  • إجراء فحص التصوير عن طريق الرنين المغناطيسي MRI، أو الأشعة المقطعية وغيرها من الإجراءات التصويرية، للكشف عن درجة انحراف العمود الفقري.

علاج انحراف العمود الفقري

علاج انحراف العمود الفقري
  • قد يلجأ الطبيب إلى الاستعانة بدعامة للظهر، لتصحيح وضع العمود الفقري، وذلك للأشخاص ذوي التقوسات من الدرجة الأقل 25 إلى الدرجة 40 أثناء مرحلة النمو، والهدف من هذه الدعامات منع زيادة انحراف العمود الفقري.
  • من الممكن أن يتم القيام ببعض التمارين الرياضية التي تساعد على علاج انحراف العمود الفقري، وتعتبر هذه الطريقة من أنجح الطرق الفيزيائية في علاج انحناء الظهر.
  • من الممكن علاج انحراف العمود الفقري من خلال جلسات العلاج الطبيعي، والتمارين الفيزيائية.
  • يقوم الطبيب بوصف بعض الأدوية المسكنة في حال رافق انحراف العمود الفقري الألم والالتهاب، مثل: الإيبوبروفين، والنابروكسين.
  • قد لا يلجأ الطبيب إلى أي نوع علاج في بعض الحالات الطفيفة من انحراف العمود الفقري.
  • قد يلجأ الطبيب في بعض حالات انحراف العمود الفقري إلى الإجراء الجراحي للمرضى الذين لديهم تقوسات درجتها تفوق 40 وقد توقف النمو لديهم، والهدف من الجراحة هو منع استمرار تقوس العمود الفقري، وتعديل الانحراف للعمود الفقري.

وبشكل عام تختلف طرق علاج انحراف العمود الفقري باختلاف شدة الانحراف، لأن الانحراف له أنواع وعلى حسب كل نوع يكون العلاج، ومن خلال هذه الفقرة سنقدم لكم هذه الأنواع:

الانحراف من الدرجة 10 إلى الدرجة 20

لا تحتاج هذه الحالة من الانحراف الخضوع لأية إجراء جراحي، وذلك لأن زاوية الانحناء صغيرة جدًا، ولا تحتاج إلا للقيام ببعض التمارين الرياضية التي تساعد على تقوية عضلات الظهر.

الانحراف من الدرجة 20 إلى الدرجة 30

أيضًا هذه الحالة من الانحراف لا تحتاج إلى الجراحة، ويتم اللجوء إلى العلاج عن طريق ارتداء الأحزمة الطبية التي تساعد على تصحيح انحراف العمود الفقري.

الانحراف من الدرجة 25 إلى الدرجة 40

يلجأ الطبيب في هذه الحالة عادة إلى العلاج الطبيعي والابتعاد عن الجراحة، وذلك في حالة استقرار زاوية الانحراف، ويمكن العلاج أيضًا عن طريق الكيروبراكتيك، وهذه طريقة من الطرق المستخدمة في تقويم العمود الفقري الذي يعاني من انحراف بتلك الزاوية.

ومن الضروري أن تتم متابعة الحالة بشكل دوري، من خلال إجراء الفحوصات والأشعة، التي تتم كل 6 أشهر أو حسب إرشادات الطبيب، قد تتراوح مدة المتابعة في بعض الحالات بين 3 إلى 6 أشهر، وفي بعض الحالات قد تزيد شدة انحراف العمود الفقري مع الوقت، في هذه الحالة من المحتمل أن يطلب الطبيب التدخل الجراحي، تجنبًا لحدوث أي مضاعفات.

الانحراف من الدرجة 40 وما فوق

في هذه الحالة لابد من التدخل الجراحي، حتى يتم إحكام العمود الفقري وعودته إلى شكله الطبيعي، إلى جانب القيام ببعض جلسات العلاج الفيزيائي.

نصائح لتجنب انحراف العمود الفقري

  • اتباع برامج تمارين تمد وتقوي الظهر والعضلات المحيطة.
  • تجنب الوقوف أو الجلوس لساعات طويلة بوضعيات خاطئة.
  • تجنب رفع الأشياء الثقيلة.
  • اتباع نظام غذائي صحي غني بالفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة الجسم.
  • المرونة، حيث تساعد المرونة في الحفاظ على وظائف المفصل العادية، كما أنها تخفف من تصلب العضلات.
  • الحفاظ على وضعية نوم جيدة.
  • ارتداء أحذية مريحة ومناسبة.
  • تجنب ارتداء أحذية الكعب العالي لفترات طويلة.
  • الحصول على فحص منتظم، لأنه يساعد على فهم أفضل للحفاظ على عمود فقري صحي وقوي.

المصادر:

انحناء العمود الفقري – موقع Britannica

أنواع اضطرابات انحراف العمود الفقري – موقع webmd

كل ما تحتاج لمعرفته حول الجنف – موقع healthline

ما هو الحداب – موقع medicalnewstoday

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله