النبي الذي تمنى الموت – “توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين”

لم يتمنى أحد من الأنبياء الموت إلا يوسف عليه السلام، وكان ذلك بعد أن رأى نعم الله عليه، فقد لم شمله مع أبيه وأهله بعد أن كانوا قد افترقوا، وفتح عليه الله من خزائن رحمته بعد أن كان قد عانى الكثير.

فبعد كل ذلك الخير والرحمة من الله سبحانه وتعالى، اشتاق يوسف عليه السلام إلى لقاء ربه فدعا أن يتوفاه مسلم، وأن يلحقه بالصالحين.

وورد ذلك في قوله تعالى: “تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ” سورة يوسف الآية 101[ref]توفني مسلما وألحقني بالصالحين | سورة يوسف الآية 101[/ref]

وذلك وفق تفسير الطبري، في المقابل فسر آخرون الآية بأن يوسف عليه السلام دعا أن يتوفاه الله مسلمًا وأن يلحقه مرتبة الصالحين والأولياء، بمعنى أن يوسف لم يتمنى الموت ولم يدعوا باستعجال موته وإنما تمنى الموت على الإسلام وأن يكون من الصالحين.

فقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يتمنى المسلم الموت أو أن يدعو به، لأن الإنسان لا يعرف أين الخير، وفي حال أراد أن يدو بالموت، فليمتنه عن ذلك وليدعو ويسأل الله تعالى أن يهديه إلى ما هو خير له.

عن لبابة بنت الحارث أم الفضل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تتمن الموت، إن كنت محسنًا تزداد إحسانًا إلى إحسانك خير لك، وإن كنت مسيئًا فإن تؤخر تستعتب من إساءتك خير لك، لا تتمن الموت

وفي روايات، أنه على المسلم أن يدعو فيقول: “واجعَلِ الحياةَ زيادةً لي في كُلِّ خيرٍ، واجعَلِ الموتَ راحةً لي من كُلِّ شَرٍّ” أو أن يدعو فيقول: “اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي“[ref]حديث “لا تتمن الموت…” | درر سنية[/ref]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ولا يتمنين أحدكم الموت: إما محسنًا، فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مسيئًا، فلعله أن يستعتب“[ref]حديث “ولا يتمنين أحدكم الموت…” | درر سنية[/ref]

ولكن أوضح القرطبي أن تمني الموت قد يكون جائزًا في وقت يوسف عليه السلام، وبالتالي لم يكن ذلك منهي عنه حينها، كذلك فإن يوسف لم يدعو لنفسه بالموت بسبب ضر حل به، وإنما اشتياقًا للقاء ربه عز وجل، واستدل الإمام أحمد من ذلك بجواز تمني الموت من غير وقوع ضرر أو مصيبة.[ref]جواز تمني الموت وقت يوسف عليه السلام حسب القرطبي | إسلام ويب[/ref][ref]تفسير “تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وألْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ” | ابن رجب الحنبلي[/ref][ref]جوازِ الدعاءِ بالموتِ من غيرِ ضرٍّ نزلَ به | الإمام أحمد[/ref]

أما عن دعائه بـ “ألحقني بالصالحين” والصالحين تحديدًا وأنه لم يدعو باللحاق بالنبيين، فالسر هنا يكمن في أن النبيين هم من جملة الصالح، بل هم سادة الصالحين، لذا فدعاء يوسف باللحاق بالصالحين يشتمل على النبيين أيضًا. وفسر بعض أهل العلم ذلك بأنه نوع من أنواع التواضع فهو لم يطلب اللحاق بالنبيين وإنما بالصالحين.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله