الفرق بين متلازمة توريت والوسواس القهري والتوحد

يعاني العديد من الأشخاص المصابين بمتلازمة توريت من مشاكل سلوكية عصبية إضافية غالبًا ما تسبب ضررًا (حتى أكثر من التشنجات اللاإرادية الخاصة بهم)، إضافة إلى أنه عند التشخيص قد يمكن ربط هذه الأعراض مع بعض الاضطرابات الأخرى.

تعالوا معنا في هذا المقال لنتعرف على الفرق بين متلازمة توريت والوسواس القهري والتوحد وفيما إن كان هناك ارتباط أو تشابه أو اختلاف بين متلازمة توريت وهذه الاضطرابات:

ما هي متلازمة توريت؟

متلازمة توريت، أو (TS) هي مشكلة أو خلل في الجهاز العصبي تجعل المصاب بها يعاني من “التشنج اللاإرادي”، بحيث لا يستطيع المصاب منع جسده من القيام بهذه التشنجات، لأنها تحدث عن غير قصد منه.

اقرأ أيضًا: متلازمة توريت (Tourette syndrome) … دليلك الشامل

الفرق بين متلازمة توريت واضطراب التوحد

التوحد أو ما يسمى بالحركات النمطية التي هي أحد أعراض اضطراب طيف التوحد، والتي تشمل المصافحة النمطية، والاهتزاز، والأصوات المتكررة، إضافة لبعض السلوكيات مثل الضرب على الرأس التي يمكن أن تكون ضارة للطفل المصاب، والتي يعمل على تجنبها في برامج العلاج. فلنتعرف على الفرق بين متلازمة توريت والتوحد:

أولاً:

يتشابه اضطراب التوحد مع متلازمة توريت على أنه يصيب الأطفال في سن مبكرة حيث:

  • في متلازمة توريت تظهر التشنجات اللاإرادية (صوتية وحركية) في سن مبكرة يمكن أن يبدأ في سن الثانية وحتى الثامنة عشر، وقد تتجاوز لعمر الـ “21”.
  • أما في اضطراب التوحد فإن السلوكيات موجودة بالتأكيد في السنة الأولى للطفل المصاب بالتوحد، لكنها تصبح واضحة لنا في وقت معين بعد النمو.

ثانيًا:

  • يُظهر الأطفال المصابون بالتوحد حركات أكثر تكرارية ونمطية في اليدين والذراعين، قد تكون السلوكيات المتكررة بسبب الحالات الداخلية مثل القلق أو الملل أو الإثارة.
  • إن إصابة الطفل بالتوحد وظهور أعراض في سلوكياته المتكررة والنمطية، يمكن أن تؤدي هذه الزيادة في وتيرة ومدة مثل هذه السلوكيات إلى تعطيل الأداء اليومي للشخص المصاب بالتوحد.
  • يمكن أن تؤثر هذه الحركات النمطية على درجة ذكاء الطفل.

أما في متلازمة توريت:

  • إن الفرق بين إصابة المريض بمتلازمة توريت أو إصابته بالتوحد إنما يختلف من ناحية الحركات التكرارية، ففي متلازمة توريت يصاب المريض بتشنجات لا إرادية (سواء حركة في الأكتاف أو الوجه أو غير عضو في الجسم، وتشنجات لاإرادية صوتية كإصدار صوت كالشخير أو النباح أو الصفير)، وتكون هذه التشنجات اللاإرادية بدون سبب، حيث تظهر فجأة، حتى أن المصاب لا يعرف متى تظهر؟ أو كيف؟ أو حتى أنه لا يستطيع أن يمنعها من الحدوث، وهذا ما لا نجده في اضطراب التوحد الذي يحدث ظهور حركات نمطية ومتكررة بسبب بعض الحالات الداخلية الأكثر شيوعًا مثل القلق أو الملل أو الإثارة.
  • ومن ناحية أخرى فإن متلازمة توريت وظهور التشنجات اللاإرادية لا يمكنها أن تعطل الأداء اليومي للشخص المصاب إلا في فترة حدوثها فقط، يعني لا يحتاج المصاب بمتلازمة توريت لأي مساندة من أحد في أدائه للنشاط اليومي، بينما مريض التوحد يحتاج وبشدة.
  • وأخيرًا فإن الإصابة بمتلازمة توريت لا تؤثر على نسبة ذكاء الطفل المصاب أبدًا.

ثالثًا:

  • يقوم مريض التوحد بالسلوكيات النمطية من أجل جذب الانتباه إليه، أو في محاولة للهروب من موقف ما، أو في محاولة لتقليل الحساسية الحسية أو القلق.
  • بينما في متلازمة توريت فإن هذا الاضطراب العصبي الذي يحدث للمريض من تشنجات لا إرادية إنما تحدث دون إرادة منه مطلقًا وبشكل مفاجئ.

رابعًا:

من خلال حدوث الأعراض لدى الطفل المصاب بالتوحد ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام به، نظرًا لأنه يقوم بتجديد هذه الحركات، وتجديد النشاط مجددًا وتكراره، مما يتطلب المزيد من الاهتمام والتعب، لأن الاهتمام به مرهق من ناحية مراقبته أو تعليمه، ويمكن أن تكون السلوكيات المتكررة عند الأطفال المصابين بالتوحد مشكلة لعائلاتهم في التعليم والتعلم، وسببًا لضغط الأسرة، حيث يقول الأهل أن سلوكيات أطفالهم المتكررة هي واحدة من أصعب جوانب التوحد للتعامل معها بشكل يومي.

أما في متلازمة توريت فالمصاب بأعراض التشنجات اللاإرادية تجعله يتوقف عاجزًا عن فهمها، وفهم حدوثها، بالإضافة إلى أنه حين تنتهي هذه التشنجات يعود المصاب لطبيعته العادية، ولا يتطلب ممن حوله سوى فهم مرضه، ومساعدته على التأقلم والتعايش مع هذه الأعراض التي تنتابه.

خامسًا:

  • يشعر الآباء أو المقربين من الطفل المصاب بالتوحد بالقلق عندما يرون أطفالهم يلعبون باستمرار بالألعاب أو الأشياء أو الخزانات أو الأدراج.
  • أما في متلازمة توريت فإن التشنجات اللاإرادية التي تحدث للطفل لا يشعر بموعد وقوعها الآباء فهي تحدث فجأة ولكنها مقلقة.

سادسًا:

الطفل المصاب بالتوحد يدور ويدور بدون البعد الاجتماعي الموجود لدى الأطفال غير المصابين بالتوحد، ويستخدم اللعبة بشكل ثابت بغض النظر عن النتيجة من هذه اللعبة، حيث لا يزال يهز ويهز اللعبة دون الالتفات إلى النتيجة، أو البحث عن العواقب بحركات وإجراءات متكررة لكنها ثابتة وغير متغيرة، ويقوم بنفس الفعل أو الوظيفة، بحيث يقف من يراه دون أن يستطيع أن يفسر هذه الحركات، وخاصة إن كان لا يفهم ما المرض المصاب به الطفل.

التشنجات اللاإرادية تحدث للطفل المصاب بمتلازمة توريت كما قلنا دون أي تفسير لماذا حدثت؟ ودون أن يكون للطفل المصاب أي دور في حدوثها أبدًا، فهي لا إرادية.

سابعًا:

  • يقوم الطفل المصاب بالتوحد بتكرار الكلام أو الألفاظ التي تم سماعها بالفعل بعد تأخير لبضع دقائق أو ساعات أو حتى أسابيع، أو ترديد الكلمات والجمل والأقوال أو طرح الأسئلة.
  • أما الطفل المصاب بمتلازمة توريت فإن يقوم بإصدار كلمات أو ألفاظ دون أن يكون هو بالفعل يريد ذلك حيث تحدث رغمًا عنه كتشنجات تظهر لا إراديًا.

ثامنًا:

  • هناك دليل على أن الذكور قد يكونوا أكثر عرضة من الإناث لظهور سلوك التوحد رغم أن هذا الدليل في أن جنس الشخص له دور في إصابته بالتوحد يحتاج إلى مزيد من البحث.
  • أيضًا يمكن أن تصيب متلازمة توريت الأشخاص من جميع الأعراق، إضافة إلى أن الذكور أكثر عرضة للإصابة من ثلاث إلى خمس مرات من الفتيات.

تاسعًا:

إضافة إلى الأعراض التي تظهر على الطفل المصاب بالتوحد في مرحلة الطفولة المبكرة يصعب تحديدها، لأن سلوكيات الطفل في هذه المرحلة تكون غير واضحة تمامًا، أو أنه يمكن ربطها بأنها جزءًا من التطور الطبيعي للطفولة، أو أنها يمكن أن تكون حيوية في عملية نمو الطفل.

عاشرًا:

  • في معظم حالات متلازمة توريت، تهدأ التشنجات اللاإرادية خلال فترة البلوغ والبلوغ المبكر، وفي بعض الأحيان تختفي تمامًا، ومع ذلك يمكن أن يعاني العديد من المصابين بمتلازمة تورت من التشنجات اللاإرادية في مرحلة البلوغ، وفي بعض الحالات تزداد التشنجات اللاإرادية سوءًا في مرحلة البلوغ.
  • بينما في التوحد: وحتى نعرف أن الطفل مصاب بالتوحد نجد أن المهارات السلوكية المتدنية، وانخفاض المرونة، والقلق ترتبط بالإصابة بالتوحد، ولكنها تنخفض مع تقدم العمر لدى الأطفال المصابين بالتوحد.

اقرأ أيضًا: هل من مضاعفات متلازمة توريت الإصابة بالتوحد؟

الفرق بين متلازمة توريت واضطراب الوسواس القهري

في اضطراب الوسواس القهري تأتي الأفكار المجهدة وغير السارة وغير ذات الصلة إلى الشخص باستمرار، ونتيجة للألم الناجم عن هذا التفكير وعدم القدرة على التعبير عن هذه المعاناة، يشعر الشخص بالحاجة إلى تكرار سلوك معين باستمرار، والتي تسمى “هواجس”.

الأسباب:

قد يكون لاضطراب الوسواس القهري أساس وراثي، كما يمكن أيضًا أن تؤدي الأحداث غير السارة أو العلاقات الأسرية غير الصحية إلى حدوث اضطراب الوسواس القهري أو تفاقمه.

بينما في متلازمة توريت لا يعرف الأطباء والعلماء السبب الدقيق لمتلازمة توريت، ولكن تُظهر الأبحاث أن هذه المشكلة يمكن أن تكون مرض وراثي، وهذا يعني أنه ينتقل من الآباء إلى الأبناء من خلال الجينات.

ظهور الأعراض:

يمكن أن يظهر اضطراب الوسواس القهري (OCD) في مرحلة الطفولة، وغالبًا تظهر أعراضه في سن العاشرة تقريبًا، إضافة إلى أنه من غير المحتمل أن يبدأ اضطراب الوسواس القهري بعد سن الثلاثين.

بينما كما قلنا في السابق فإن أعراض متلازمة توريت تظهر في الطفولة المبكرة جدًا.

أنواع أعراض الاضطراب لكل من الوسواس القهري ومتلازمة توريت:

لاضطراب الوسواس القهري فئتان من الأعراض:

  • الأعراض الناتجة عن اضطراب الوسواس القهري.
  • والأعراض التالية لاضطراب الوسواس القهري، هذه الأعراض مؤلمة وتضيع الكثير من الوقت، وقد تضعف الوظيفة.

كما أن اضطراب الوسواس القهري متنوع ويرتبط بالخوف وأكثر أنواعه شيوعًا:

  • الخوف من التلوث والقذارة.
  • الخوف من الحوادث وأفعال الآخرين العنيفة.
  • الخوف من العنف أو الاعتداء الجنسي.
  • الخوف من اضطراب وعدم تناسق الأشياء والمعدات.

بينما في متلازمة توريت:

هناك نوعان من الأعراض:

نتائج الإصابة بالاضطراب:

  • يعرف معظم المصابين باضطراب الوسواس القهري أن مخاوفهم وقلقهم غير منطقي ويحاولون تجاهلها وقمعها، وفي بعض الأحيان يقومون بسلوك متكرر للتخلص منها مؤقتًا، مما يجعلهم مرهقون للغاية ويعانون من فرط الحساسية، ويضيعون الكثير من الوقت في سلوك الوسواس القهري، ولديهم مشاكل في المنزل أو في العمل أو في العلاقات، وقد يكون لديهم سلوك متكرر من تلقاء أنفسهم، إضافة إلى الأذى.
  • في متلازمة توريت يعاني الشخص المصاب بهذه التشنجات المفاجئة من الإحراج، وعدم الثقة بالنفس، إضافة إلى محاولته العزلة الاجتماعية وعدم التواصل مع الآخرين حتى لا يضطر لشرح ما يحدث، الذي هو أصلًا لا يعرف سببًا لحدوثه.

شكل المرض: 

  • يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري كثيرًا، بسبب الأفكار غير المرغوب فيها والمزعجة التي تتبادر إلى أذهانهم باستمرار، وللتحكم في هذه المعاناة، فإنهم يُظهرون سلوكيات متكررة دون الحديث عنها، (على سبيل المثال المرأة التي يتسبب اضطراب الوسواس القهري في تهيج يدها باستمرار من الداخل، دون التعبير عن معاناتها، قد تغسل يدها خمسين مرة في اليوم).
  • أما في متلازمة توريت فيعاني المصاب بها من تشنجات لاإرادية حركية أو صوتية، دون أن يفهمها الشخص أو أن يمنعها أو يوقفها.

اختفاء الاضطراب:

  • من غير المرجح أن يختفي اضطراب الوسواس القهري من تلقاء نفسه، إذا ترك دون علاج، بحيث يمكن أن تستمر الأعراض لسنوات، وعادة ما يتحمل الشخص المصاب باضطراب الوسواس القهري الأعراض لمدة 5 إلى 10 سنوات ثم يذهب إلى طبيب أعصاب (طبيب نفسي).
  • أما في متلازمة توريت، فإن التشنجات اللاإرادية لا تختفي أبدًا، ولكن يمكن أن تختفي في سن المراهقة لتعاود من جديد في سن البلوغ.

العلاج:

من أنحج العلاجات لاضطراب الوسواس القهري هو استخدام مزيج من الأدوية جنبًا إلى جنب مع العلاج النفسي، رغم أن العثور على العلاج المثالي لكل شخص مصاب باضطراب الوسواس القهري ليس بالأمر السهل دائمًا، وفي بعض الأحيان يتعين علي المصاب الذهاب إلى طبيب الأعصاب نفسه عدة مرات وتجربة علاجات مختلفة للتحسن.

في المرحلة الأولى من علاج اضطراب الوسواس القهري، من المهم أن يتلقى المريض التثقيف اللازم حول طبيعة الهوس والتعرف على العلاجات الهامة في هذا الموضوع، وأن يتلقى الدعم اللازم من العائلة والأصدقاء ومجموعات الدعم.

أما في متلازمة توريت فالعلاج الأنجح هو تخفيف هذه التشنجات من قبل الطبيب النفسي، بوصف الأدوية المناسبة لذلك، مع ضرورة التأقلم مع هذه التشنجات، ومساندة الأهل والمقربين له ليستطيع المصاب أن يتعايش مع المرض.

اقرأ أيضًا: هل من مضاعفات متلازمة توريت الإصابة بالوسواس القهري؟

أخيرًا …

في نهاية التحدث عن الفرق بين متلازمة توريت والوسواس القهري والتوحد يرى خبراء المعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH) أن السلوكيات المتكررة في متلازمة توريت، واضطراب الوسواس القهري (OCD) والتوحد قد تكون مرتبطة ببعضها البعض.

  • وفي بعض الأحيان قد يتم الخلط بين السلوكيات المتكررة للطفل المصاب بالتوحد ومتلازمة توريت. لكن التشنجات اللاإرادية لمتلازمة تورت تبدأ عادة في سن السادسة أو السابعة، مع حركات متكررة عند الأطفال المصابين بالتوحد التي تبدأ قبل سن الثانية.
  • لا بد من الإشارة في مجال التحدث عن الفرق بين متلازمة توريت والوسواس القهري والتوحد أنه في كل من الإصابة بمتلازمة توريت أو اضطراب الوسواس القهري أو التوحد فإن التثقيف الصحي حول طبيعة المرض وطرق العلاج، والدعم من المقربين، له أهمية بالغة في التعايش مع المرض، والتأقلم معه، والوصول لقهره لا لأن يقهرنا المرض.
  • وأهم فرق بين متلازمة توريت والوسواس القهري والتوحد أنه على الرغم من عدم وجود علاج لمتلازمة توريت، إلا أن هناك علاجات متاحة للمساعدة في السيطرة على التشنج اللاإرادي، حيث يعاني العديد من الأشخاص المصابين بمتلازمة توريت من التشنجات اللاإرادية التي لا تتدخل في حياتهم اليومية وبالتالي لا تتطلب أي علاج، ومع ذلك إذا تسببت التشنجات اللاإرادية في الألم أو الإصابة، أو تتداخل مع المدرسة أو العمل أو الحياة الاجتماعية، أو تسبب الإجهاد فهناك أدوية وعلاجات سلوكية لذلك.
  • لاحظ أنه لا يوجد وقاية من اضطراب الوسواس القهري أو متلازمة توريت أو اضطراب التوحد.

المصادر:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله