الفرق بين النبي والرسول في الاسلام … مفهومين مهمين لا بد من توضيحه!

الأنبياء والرسل، هم أفضل خلق الله وخيرتهم، وهم مصدر الهداية والإرشاد للناس أجمعين، لكن هناك فرق بين النبي والرسول، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول. وفي هذا التفريق مسألة خلافية لكن القول الأرجح والله أعلم أن الرسول جاء لتبيليغ الرسالة إلى قوم كافرين، أما النبي جاء مكملًا لدعوة الرسول الذي سبقه.

 فكلاهما يشتركان في أنهما يُوحى إليه؛ ويدل على ذلك قوله تعالى: “إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا“. وكذلك يشتركان في أن كليهما مأمور بالبلاغ؛ كما في قوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ“.

الفرق بين النبي والرسول لغة واصطلاحًا

الرسول

لغة: مشتق من الإرسال أي التوجيه.

اصطلاحًا: عبد اصطفاه الله تعالى بالوحي إليه وأرسله إلى قوم كافرين.

النبي

لغة: مشتق من النبأ وهو الخبر وسمي نبي لأنه مخبر عن الله تعالى. أو مشتق من النَّبْوَة وهي ما ارتفع من الأرض، فالنبيّ أشرف الخلق وأرفعهم منزلة.

اصطلاحًا: فهو إنسان حرّ، ذكر، اختاره الله وخصّه بتبليغ الوحي إليه.

الفرق بين النبي والرسول عند أهل العلم

يرى أهل العلم أن النبي يتميز عن الرسول بأن النبي هو الذي نزل عليه الوحي من الله ليدعو إلى عبادة الله وفق إحدى الطرق أو الشرائع التي سبق أن أنزلها الله على رسله. أما الرسول فقد أرسله الله برسالة وشريعة جديدة…

بعضهم يرى أن النبي هو الذي ينبئه الله، وهو يُنبئ بما أنبأ الله به؛ فإن أُرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله، ليبلغه رسالة من الله إليه؛ فهو رسول قال ابن تيمية: «النبي هو المبلغ عن الله، والرسول هو المرسل من الله عز وجل».

يرى بعضهم أن الرسول أعلى درجة من النبي وبعضهم يرى أن الرسول جاء بشرع جديد أما النبي تابع للرسل أي لشرع من سبقه من الرسل. الرسول بعث إلى قوم كافرين أما النبي بعث إلى قوم مؤمنين.

منهم من يقول أن النبي أوحي إليه ولم يؤمر بتبيليغ الرسالة أما الرسول كلاهما. لكن هذا غير صحيح فكلاهما مأمور بتبليغ الرسالة. لكن تكون نفس الرسالة التي جاء من قبله من الرسل بها. لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّته.. إلى نهاية الْآيَةَ، يَدُلُّ عَلَى أَنْ كُلًّا مِنْهُمَا مُرْسَلٌ، وقد خص أحدهما بأنّه رسول؛ فإنّ هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله تعالى؛ كنوح عليه السلام فهو أول رسول بُعث إلى أهل الأرض، وقد كان قبله أنبياء؛ كشيث، وإدريس عليهما السلام، وقبلهما آدم عليه السلام كان نبيّاً مكلّماً.

عن ابن حبان في صحيحه عَنْ أبي ذر الغفاري، قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الأَنْبِيَاءِ أَوَّلُ؟ قَالَ: «آدَمُ» قُلْتُ: وَكَانَ نَبِيًّا؟ قَالَ: نَعَمْ، نَبِيُّ مُكَلَّمٌ. فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله ليفعلوه، ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم؛ لكونهم مؤمنين بهم؛ كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلّغه العلماء عن الرسول.

من رأي الشيخ الدكتورالبوطي رحمه الله تعالى أن كل رسول نبي لأن الرسالة فوق النبوة لكن ليس كل نبي رسول… وأن النبي مأخوذة من النبأ أي الخبر. فالله سبحانه أنبأ بعض العباد بأخبارعن طريق سيدنا جبريل عليه السلام أعلمهم بها فأصبح اسمهم أنبياء وهو جمع نبي. والرسول هو الرجل ذاته عندما يلتفت إلى الناس ليخبرهم بالرسالة التي حمله الله إياه. فالعلاقة بينه وبين الله نبي، وبينه وبين الناس رسالة. فالنبوة أرفع مكانة لأنها صلة وصل بينه وبين ربه.

والدليل على ذلك الحديث الصحيح:

عن البراء بن عازب: إذا أخَذْتَ مَضجَعَك فتوضَّأْ وضوءَك للصَّلاةِ ثمَّ اضطجِعْ على شِقِّكَ الأيمنِ ثمَّ قُلِ: اللَّهمَّ أسلَمْتُ وجهي إليك وفوَّضْتُ أمري إليك وألجَأْتُ ظهري إليك رغبةً ورهبةً إليك لا ملجأَ ولا منجا منك إلّا إليكَ آمَنتُ بكتابِك الَّذي أنزَلْتَ وبنبيِّكَ الَّذي أرسَلْتَ واجعَلْه آخِرَ ما تقولُ فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفطرةِ) فقُلْتُ أستذكِرُهنَّ: وبرسولِك الَّذي أرسَلْتَ فقال: (وبنبيِّكَ الَّذي أرسَلْتَ).

وبعضهم يرى أن النبي لم يأت بشرع جديد وإنما يكون مبلغًا بشرع من قبله أي دون وحي جديد يوحى إليه. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: “العلماء ورثة الأنبياء”،

يرى بعضهم أنه ليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة؛ فإنّ يوسف كان على ملة إبراهيم، وداود وسليمان كانا رسولين، وكانا على شريعة التوراة، قال تعالى عن مؤمن آل فرعون: “وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ في شَكّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً” غافر/34

والبعض فسرها أَن النبي الذي هو رسول، أُنزل إليه كتاب وشرع مستقل، مع المعجزة التي ثبتت بها نبوته، وأَن النبي، الذي هو غير الرسول، هو من لم ينزل عليه كتاب، وإنما أُوحي إليه أَن يدعو الناس إلى شريعة رسول قبله، كأَنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يرسلون ويؤمرون بالعمل بما في التوراة; والدليل قوله تعالى:

إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ

فالناس محكومون بما أنرل بالتوراة، كما وضحت الآية السابقة، فسيدنا موسى عليه السلام نبي ورسول. والأنبياء بعده يحكمون بالتوراة لم يأتوا بشيء جديد. أما عيسى عليه السلام فهو نبي ورسول لأنه جاء بشرعة جديدة. قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام:  “ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم”.

قال تعالى: “كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُون”. الذاريات/52، وقال: “مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ”  فصلت/43؛ فإنّ الرسل تُرسَل إلى مخالفين؛ فيكذّبهم بعضهم، وقال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ يوسف/109- 110، وقال: “إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا والَّذِينَ آمَنُوا في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ” غافر/51 .

ما الفرق بين النبي والرسول ؟ الشيخ صالح الفوزان

إذًا الرسول أخص من النبي، فكل رسولٍ نبي، وليس كل نبي رسول، فالرسول يؤمر بتبيلغ الشرع إلى من خالف دين الله، أو لا يعلم دين الله، وأما النبي فيبعث بالدعوة لشرع من قبله.

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله