الطاقات المتجددة في الطبيعة … ماذا تعرف عنها؟

الطاقات المتجددة في الطبيعة هي مصادر طاقة طبيعية ومستدامة صديقة جدًا للبيئة، وقد اتجهت الكثير من البلدان لإستخدامها مؤخرًا حيث أن هناك ما لا يقل عن 30 دولة حول العالم توفر ما لا يقل عن 20٪ من طاقتها على المستوى الوطني من مصادر الطاقة المتجددة.

أدى الانتشار السريع للطاقة المتجددة وتقنياتها إلى تحقيق أمن كبير في الطاقة المتوفرة للإستخدام، والحد من تغير المناخ بالإضافة إلى فوائد اقتصادية أخرى، كما أن هناك دعم قوي لتعزيز المصادر المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المناطق الريفية والنائية والبلدان النامية من خلال استخدام تقنيات متجددة مناسبة لظروفهم.

ما هي الطاقات المتجددة في الطبيعة؟

الطاقات المتجددة، هي طاقات يتم الحصول عليها من مصادر طبيعية متوفرة في معظم الأماكن حولنا، ويكون معدل تجديدها أعلى من معدل استهلاكها، كالطاقة المشتقة من طاقة الرياح أو ضوء الشمس، وتتميز بأنها طاقة نظيفة لا تسبب أي تلوث للبيئة. لذا تعد طاقات أساسيًة تم اعتمادها في كثير من الدول لمعالجة أزمة تغيرات المناخ، كما أن مجالات الإستفادة منها أعلى بثلاث مرات من الوقود الأحفوري.

على عكس الوقود الأحفوري، الذي يشمل الفحم والنفط والغاز والتي تعد موارد غير متجددة تحتاج إلى مئات ملايين السنين حتى يتم تعويض استهلاكها، بالإضافة إلى أنها تمثل حصة الأسد من حجم الانبعاثات الضارة التي تسهم في تفاقم أزمة الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون عند حرقها، فإن الطاقات المتجددة صديقة للبيئة وللمناخ.

اقرأ أيضَا: تاريخ الطاقة المتجددة وأنواعها

مصادر الطاقة المتجددة في الطبيعة، كيف تعمل؟

تتنوع الطاقات المتجددة التي توفرها لنا الطبيعة والتي نستطيع استثمارها، بطرق بسيطة غير مكلفة، لحماية كوكبنا من ظاهرة الإحتباس الحراري التي أصبحت تهدد حياة الكائنات الحية على سطح هذا الكوكب. من أهم هذه المصادر:

1 – الطاقة الشمسية:

ضوء الشمس هو أحد موارد الطاقة الأكثر وفرة والمتاحة على كوكبنا من بين جميع موارد الطاقات الطبيعية، وتتميز بإمكانية استثمارها في جميع الظروف، حتى في الطقس الغائم، حيث أن معدل الطاقة الشمسية الواردة إلى الأرض يزيد بحوالي 10000 ضعف عن معدل استهلاك البشرية لها، وكمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى سطح الأرض في ساعة واحدة هي أكثر من إجمالي متطلبات الطاقة على كوكب الأرض لمدة عام كامل. وعلى الرغم من عدم تساوي الطاقة الشمسية التي تتلقاها جميع البلدان، فإن المساهمة الكبيرة للطاقة الشمسية المباشرة ممكنة لكل بلد، مع العلم أن كمية الطاقة الشمسية التي يمكننا استخدامها تختلف وفقًا للوقت من اليوم وموسم العام، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي.

يمكن أن توفر التقنيات التي تستخدم الطاقة الشمسية العديد من الإحتياجات للبشرية كالحرارة، التدفئة، التكييف، التبريد، الإضاءة الطبيعية، الكهرباء والوقود. تعمل هذه التقنيات على تحويل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية إما من خلال الألواح الكهروضوئية مباشرة، أو من خلال المرايا التي تركز الإشعاع الشمسي على المراجل البخارية ومن ثم تدوير التوربينات، لتوليد الكهرباء، بالبخار الناتج. في العقد الماضي انخفضت تكلفة تصنيع الألواح الشمسية الكهروضوئية بشكل كبير، مما جعلها في متناول الجميع تقريبًا. كما تتميز هذه الألواح بديمومة جيدة، حيث يبلغ عمرها حوالي التشغيلي التقريبي حوالي 30 عامًا، وتأتي بدرجات جودة مختلفة اعتمادًا على نوع المادة المستخدمة في تصنيعها.

2 – طاقة الرياح:

الرياح هي مصدر وفير للطاقة النظيفة، تم الإستفادة منها منذ آلاف السنين، حيث تتمتع أجزاء كثيرة من بلدان العالم بسرعات رياح قوية، لكن أفضل المواقع لتوليد طاقة الرياح تكون في بعض الأحيان بعيدة. وتعد طاقة الرياح البحرية هي الأفضل، حيث توفر إمكانات هائلة.

تعتمد طاقة الرياح على استثمار الطاقة الحركية للهواء من خلال استخدام العنفات الهوائية الكبيرة، لتشغيل المولدات وتوليد الكهرباء، والتي يتم تركيبها عادًة على شواطئ البحار أو في البحر أو في بحيرات المياه العذبة، كما تركب أيضًا في المناطق المفتوحة التي تتعرض لرياح شديدة السرعة. وعلى الرغم من أن متوسط ​​سرعات الرياح يختلف اختلافًا كبيرًا باختلاف الموقع، فإن الإمكانات التقنية العالمية لإستثمارها تتجاوز إنتاج الكهرباء العالمي. وتوجد إمكانات وافرة في معظم مناطق العالم لتمكين نشر توربينات الرياح واستثمار طاقتها بشكل كبير.

3 – الطاقة الحرارية الأرضية الجوفية:

تعتمد الطاقة الحرارية الأرضية الجوفية على استثمار الحرارة التي يمكن الحصول عليها من باطن الأرض، حيث يتم استخراجها من الخزانات الجوفية باستخدام الآبار أو بوسائل أخرى، تعد تقنية توليد الكهرباء من الخزانات الجوفية الحرارية المائية ناضجة وموثوقة، ويتم استخدامها منذ أكثر من 100 عام.

تتميز الخزانات الجوفية بحرارتها العالية بشكل طبيعي وقابليتها للنفاذ لذا تسمى بالخزانات الحرارية المائية، في حين أن الخزانات التي تكون ساخنة بدرجة كافية ولكنها محسّنة بالتحفيز الهيدروليكي تسمى أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية المحسّنة. في كلا الحالتين بمجرد الوصول إلى السطح، يمكن استخدام السوائل بدرجات حرارة مختلفة لتوليد الكهرباء.

4 – الطاقة المائية:

تعد الطاقة الكهرومائية حاليًا من أكبر مصادر الطاقات المتجددة في قطاع الكهرباء وأكثر الموارد تطوراً تجارياً. وتعتمد بشكل عام على أنماط هطول الأمطار المستقرة، لذا يمكن أن تتأثر سلبًا بحالات الجفاف التي يسببها المناخ، أو التغيرات في النظم البيئية التي تؤثر على أنماط هطول الأمطار. يعد الكثيرون أن الطاقة الكهرومائية خيارًا صديقًا للبيئة، ومناسبًا بشكل خاص للمجتمعات في المواقع النائية. ولكن يمكن للبنية التحتية اللازمة لتوليد الطاقة الكهرومائية أن تؤثر أيضًا على النظم البيئية بطرق معاكسة.

تستخدم الطاقة الكهرومائية طاقة المياه التي توفرها خزانات السدود والأنهار من خلال إنشاء تدفق مائي متحكم فيه، حيث تعتمد محطات الطاقة الكهرومائية على الطاقة الكامنة في المياه المخزنة في بحيرات السدود لتوليد الطاقة الكهربائية، من خلال عنفات خاصة تدور عند سقوط المياه عليها، بينما تستغل محطات الطاقة الكهرومائية طاقة المياه الجارية في النهر لتحويلها إلى طاقة كهربائية بالإعتماد على شدة التدفق المتاح لمياه النهر. غالبًا ما يكون مصدر الطاقة هذا أكثر موثوقية من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. كما تستخدم خزانات الطاقة الكهرومائية في توفير مياه الشرب ومياه الري أيضًا، بالإضافة إلى السيطرة على الفيضانات والجفاف، وخدمات الملاحة، الشحن والنقل، وكذلك إمدادات الطاقة.

5 – طاقة المحيطات- طاقة المد والجزر:

تُستثمر طاقة المحيطات، التي هي شكل آخر من أشكال الطاقة المائية، لإنتاج الكهرباء أو الحرارة بالإستفادة من الطاقة الحرارية والحركية (تيارات المد والجزر مرتين يوميًا لتشغيل المولدات العنفية) لـ مياه البحر، من خلال استخدام تقنيات يتم العمل على تطويرها، إذ لا تزال أنظمة طاقة المحيطات في مرحلة مبكرة من التطور، مع اختراع عدد من النماذج الأولية لأجهزة الموجات وتيارات المد والجزر. وعلى الرغم من أن تدفق المد والجزر على عكس بعض مصادر الطاقة المائية الأخرى ليس ثابتًا، إلا أنه يمكن التنبؤ به بدرجة كبيرة ويمكن بالتالي تعويض الفترات التي يكون فيها تيار المد منخفضًا

6 – طاقة الكتلة الحيوية:

هي أحد مصادر الطاقة المتجددة بتكلفة اقتصادية وبيئية أقل بكثير من مثيلتها الأحفورية. يتم الحصول عليها من حرق مجموعة متنوعة من المواد العضوية تسمى الكتلة الحيوية، مثل الخشب والفحم والروث وغيرها، من مصادر السماد الطبيعي، لإنتاج الحرارة والطاقة، بالإضافة إلى الوقود الحيوي السائل الذي يتم الحصول عليه من المحاصيل الزراعية كالذرة.

تُصدر الطاقة الناتجة عن حرق الكتلة الحيوية انبعاثات غازية تسهم في الاحتباس الحراري، ولكن بمستويات أقل من تلك الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم أو النفط أو الغاز. ومع ذلك، يجب استخدام الطاقة الحيوية فقط في تطبيقات محدودة، بالنظر إلى الآثار البيئية السلبية المحتملة المتعلقة بالزيادات الكبيرة في استخدام مزارع الغابات لإنتاج الطاقة الحيوية، وما ينتج عن ذلك من إزالة الغابات وتغير في استخدام الأراضي.

بشكل عام، تُستخدم معظم الكتلة الحيوية في المناطق الريفية لأغراض الطهي والإضاءة وتدفئة الأماكن، من قبل السكان الأفقر في البلدان النامية. وتشمل أنظمة الكتلة الحيوية الحديثة المحاصيل أو الأشجار، المخلفات الزراعية، الغابات، ومختلف أنواع النفايات العضوية.

هل الطاقة الخالية من الكربون مصدر للطاقة المتجددة؟

لا.. لا يمكن عد الكهرباء المولدة بالطاقة النووية مصدر طاقة متجددة، ولكن يمكن عدها خالية من انبعاثات الكربون، مما يعني أن توليدها يصدر مستويات منخفضة، أو يكاد لا ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون، تمامًا مثل مصادر الطاقة الطبيعية المتجددة. الطاقة النووية لها مصدر مستقر، مما يعني أنها لا تعتمد على الطقس وتلعب دورًا كبيرًا في جعل الدول في حالة الصفر الصافي من حيث كمية الإنبعاثات الناجمة عنها.

مستقبل الطاقات المتجددة

مع ارتفاع عدد سكان العالم، يزداد الطلب على الطاقة من أجل تزويد منازلنا وأعمالنا ومجتمعاتنا بالطاقة. لذا يعد الابتكار والتوسع في البحث عن مصادر الطاقات المتجددة أمرًا أساسًا للحفاظ على مستوًى مستدامًا من الطاقة، وحماية كوكبنا من تغير المناخ.

تشكل اليوم مصادر الطاقة المتجددة 26 ٪ من قطاع انتاج الكهرباء في العالم، ولكن وفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، من المتوقع أن تصل حصتها إلى 30 ٪ بحلول عام 2024. مما يعد مؤشرًا على أهمية الإعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في الطبيعة.

احتفلت مؤخرًا بعض الدول بالعمل على الطاقات المتجددة البحتة للمرة الأولى على الإطلاق.  وتعد هذه الخطوة خطوة رائعة في الاتجاه الصحيح لإستثمار مصادر الطاقات المتجددة في الطبيعة. أما في المستقبل فمن المتوقع أن يستمر عدد مصادر الطاقات المتجددة في الزيادة، ومن المتوقع أن ذلك سيؤدي ذلك إلى خفض أسعار مصادر الطاقة المتجددة، وهو أمر رائع لكوكبنا، ورائع لميزانياتنا.

اقرأ أيضًا:

مزايا استخدام الطاقات المتجددة الطبيعية

يتمتع استخدام الطاقات المتجددة الطبيعية بالعديد من المزايا الاقتصادية والبيئية الهامة حيث:

  • يعد خفض فواتير الكهرباء من أهم مزايا استخدام الطاقات المتجددة، فبمجرد دفع تكاليف تركيب أنظمة الطاقة هذه، يمكنك أن تصبح أقل ارتباطًا بالشبكة االكهربائية الوطنية، ويمكن خفض فواتير الطاقة الخاصة بك. كذلك يمكن أن تكون السخانات الشمسية بديلاً رائعًا لمرجل الغاز.
  • حصول المستثمر على أموال مقابل الكهرباء التي يولدها ويزود بها مرافق البعض أو منازلهم، حيث يتم دفع تعرفة التغذية له من قبلهم، وفق تعريفة التغذية المعمول بها.
  • إعادة بيع الكهرباء إلى الشبكة، في حال كان المستثمر يقوم بتوليد طاقة كافية لتصدير فائض إلى الشبكة الوطنية، فيمكنه الحصول على دفعة إضافية من الجهة المسؤولة عن التوليد مقابل الكهرباء التي يولدها ويغذي بها الشبكة العامة. طبعًا يطبق ذلك حاليًا في الدول الغربية.
  • استخدم الطاقة المتجددة لتشغيل السيارات الكهربائية مما يخفف انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بدرجة كبيرة.
  • تقليل البصمة الكربونية للدول المستخدمة لمصادر الطاقات المتجددة الطبيعية، حيث لا تطلق مصادر الطاقة الخضراء والمتجددة غاز ثاني أكسيد الكربون أو الملوثات الضارة الأخرى في الغلاف الجوي. حيث يمكن لنظام الطاقة الشمسية الكهروضوئية النموذجي توفير حوالي 1.5 – 2 طن من انبعاثات الكربون سنويًا.

في النهاية

لا بد لنا من العمل بشكل جدي وجماعي في جميع دول العالم للحد من العوامل التي تفاقم التغيرات المناخية التي أصبحت تعاني من نتائجها معظم دول العالم ويعد استخدام مصادر الطاقات المتجددة في الطبيعة الخطوة الأولى باتجاه تحقيق ذلك.

اقرأ أيضًا: أخطار التغيرات المناخية وأبرز الحلول المطروحة

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله