دليلك الشامل عن الصدمة النفسية التي يمكن أن تعاني منها ولا تدري!

هناك القليل فقط من يعرف ما هي الصدمة النفسية، في حين أن الكثيرين لا يعرفونها رغم أنهم يرددون هذه العبارة على كل فعل أو رد فعل يحصل لشخص ما نتيجة حدث مرهق يحصل له.

وقد يكون أحدنا مصابًا بالصدمة النفسية ولا يدري بذلك، لذلك سنبين لكم في هذا المقال ما المقصود بالصدمة النفسية وأسبابها وأعراضها، مع التعرف على أنواعها وتأثيرها على الجسم والدماغ والأطفال، والطرق التي يمكن أن تساعد في التغلب عليها وتجاوزها فتعالوا معنا:

ما المقصود بالصدمة النفسية؟

الصدمة وتاثيرها

يمكن أن نُعرّف الصدمة النفسية باللغة الإنكليزية (psychological shock) أو يُمكن أن نسميها بالجرح النفسي، وهي عبارة عن رد فعل لا إرادي أو استجابة لا إرادية لأمر مرهق لا يستطيع الشخص أن يستوعب حصوله، كفقدان شخص مقرب وعزيز، أو التواجد في منطقة نشب فيها الحرب أو زلزال، أو تحدث الصدمة النفسية نتيجة أمر معين مثل التعرض لموقف مخجل أو عاطفي وقاسي أو اعتداء أو تهديد.

أما من الناحية الطبية فالصدمة النفسية هي خلل يصيب الجهاز العصبي في مراكزه الحيوية وبشكل مفاجئ نتيجة فعل أو رد فعل لا إرادي من توتر وكرب شديد لتجربة تحدث للشخص أدى لحدوث ضرر شديد.

ملاحظة:

من الضروري أن نعرف أنه ليس كل حدث من الممكن أن يسبب للشخص صدمة نفسية، لذلك تختلف ردود فعل الأشخاص تجاه المواقف التي تعترض حياتهم من شخص لآخر وشدة الكرب والتوتر الذي يشعر به، إضافة إلى أن هناك صدمات نفسية متنوعة.

كما أن الصدمة النفسية لها أعراض قد تختفي بعد فترة، ولكن لدى بعض الأشخاص قد تكون آثارها طويلة المدى، وتأثيرها يسبب العديد من المشاكل لأعضاء الجسم المختلفة.

أنواع الصدمات النفسية

مرض نفسي

هناك عدة أنواع من الصدمات حيث تختلف أنواعها باختلاف الحالات التي تعرض لها الشخص أو باختلاف المواقف، وإن معرفة أنواع الصدمة النفسية أمر مهم حتى يتفادى الشخص الصدمات المشابهة لها في المستقبل، وهذه الأنواع هي:

الصدمة الحادة:

وتحدث نتيجة لوقوع أمر واحد مرهق وخطير هدد سلامة حياة الشخص النفسية أو الجسدية، (مثل الحوادث المرورية أو الاعتداء)، وهي تؤثر على الشخص لأنه لم يتوقع حدوثها أو أنها وقعت في فترة الطفولة.

الصدمة المزمنة أو المتكررة:

والتي تحدث بسبب التعرض لأحداث مؤلمة متكررة ومرهقة وطويلة الأمد، والتي تحدث نتيجة استمرار الحدث الذي أدى لحدوثها مما تؤثر على شخصية الشخص المصاب بها، ومثال عليها (التعرض للعنف المنزلي أو التنمر المستمر، أو وجود جار بجانب منزل الشخص وهو من الأشخاص السيئين والمزعجين، الإهمال في فترة الطفولة، التعرض للعنف). 

الصدمة المعقدة:

والتي تكون نتيجة التعرض لعدة أحداث صادمة.

الصدمة الثانوية أو غير المباشرة:

وهي التي يُصاب بها الشخص بسبب اتصاله المباشر والوثيق بشخص تعرض لحادث مؤلم.

الصدمة النفسية التي تحدث نتيجة التغاضي عن بعض المواقف:

هناك بعض الصدمات النفسية التي تظهر نتيجة التغاضي عن موقف سابق، ولم يكن لك في ذلك الوقت أي رد فعل ثم تتذكره في وقت لاحق فيسبب لك صدمة نفسية، ومثال ذلك (وفاة أحد المقربين الأعزاء في طفولتك، قطع العلاقة مع شخص مهم بشكل قاسي) مما يسبب للشخص الصدمة النفسية وينعكس على جهازه العصبي.

أسباب الصدمة النفسية

من أكثر أسباب حدوث الصدمة النفسية:

  • معاناة الشخص من انفصال والديه في سن مبكرة.
  • اهمال الطفل في مرحلة الطفولة.
  • تعرض الشخص للتنمر.
  • الاعتداء الجسدي أو النفسي أو الجنسي على الشخص.
  • الحوادث بمختلف أنواعها وخاصة المرورية.
  • الخيانة الزوجية.
  • تجربة الإجهاض المؤلمة.
  • التعرض للعنف المدرسي.
  • موت أحد المقربين المهمين في حياة الشخص.
  • الإصابة بأحد الأمراض المزمنة مثل السرطان أو التهاب الكبد الفيروسي.
  • التواجد في مناطق حربية.
  • حدوث كوارث طبيعية مدمرة كالزلازل والبراكين والأعاصير المدمرة ومواجهة هذه الكوارث.

ويشعر المصاب بالصدمة بمجموعة من المشاعر بعد الحدث وعلى المدى الطويل، مثل التوتر والكرب والإرهاق والعجز وصعوبة التصالح مع التجربة أو تقبلها.

أعراض الصدمة النفسية

كما قلنا سابقًا أن الصدمة النفسية لها عدة أنواع، ولكل نوع أسبابه، لذلك فإن أعراض الصدمة النفسية تختلف باختلاف أنواعها والأسباب التي أدت لحدوثها، كما تتراوح أعراض الصدمة من خفيفة إلى شديدة، وهذه الأعراض هي:

الأعراض النفسية للصدمة النفسية:

من أبرز الأعراض النفسية عند إصابة الشخص بالصدمة:

أنه يشعر بعدم القدرة على استيعاب ما حدث، مع إنكار هذا الحدث المؤلم والمرهق وهذا الأمر يأتي نتيجة رد فعل أولي للحدث.

بعد ذلك يُصاب الشخص بمزيج من المشاعر القاسية التي تتطور، من الشعور بالغضب والتوتر مع الحزن والخوف الذي يمتزج مع إحساس الشخص بالخجل والذنب والخزي يتبعه الاكتئاب والقلق.

إضافة لشعور الشخص باليأس والانطواء، واضطراب في النوم، ورؤية الأحلام المزعجة، والصعوبة في التركيز والتذكر.

الأعراض الجسدية للصدمة النفسية:

من أكثر الأعراض الجسدية للصدمة النفسية:

  • الشعور بالاضطرابات الهضمية مثل الألم في المعدة، مع تشنج في القولون.
  • تسارع دقات القلب، والشعور بالإرهاق والتعب.
  • الشعور بالصداع.
  • إعياء.
  • التعرق.
  • تغير في المزاج والمشاعر المتقلبة.
  • الشعور بفرط النشاط واليقظة التامة مما يسبب اضطرابات في النوم.

ومثل الأعراض النفسية يمكن لهذه الأعراض الجسدية أن تتطور لتصبح نفسية مثل الشعور بالقلق والاكتئاب والحزن الشديد، وتعاطي المخدرات للهروب منها.

الأعراض الأخرى للصدمة النفسية :

تنعكس الصدمة النفسية على حياة الشخص فتظهر أعراض تتسبب في تعطيل حياته اليومية، وعدم الاهتمام بالأنشطة التي كان يمارسها من قبل، مع فقدان الاهتمام بأي شيء كان يحبه، والشعور بالألم عند تذكر الأحداث المؤلمة.

ملاحظة:

إذا لم تخف هذه الأعراض أو تعالج وتفاقمت، فيمكن أن تؤثر على الشخص ويصبح غير قادر على التعايش مما يتطور الأمر ويصبح الشخص مريضًا نفسيًا.

وينتقل الأمر من الصدمة النفسية إلى اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والذي ينعكس على الجهاز العصبي فيصبح الشخص ليس لديه القدرة على معالجة مشاعره أو فهم ما يحدث له.

الأمراض العقلية التي تسببها الصدمة النفسية

  • الكآبة.
  • المخاوف، واضطراب الهلع.
  • الرهاب الاجتماعي.
  • اضطراب ما بعد الصدمة.
  • مرض الهوس.
  • الأمراض النفسية الجسدية (الطفح الجلدي، أمراض الجهاز الهضمي، الآلام، إلخ)
  • اضطرابات القلق.

تأثير الصدمة النفسية على الدماغ

الصدمة النفسية والدماغ

من الآثار التي يمكن أن تنعكس على أعضاء الجسم من الصدمة النفسية هو تأثيرها على دماغنا، والتغييرات التي تحدث نتيجة الإصابة بها من الشعور بالإرهاق والتعب وصعوبة التأقلم مع الوضع، حيث تنعكس آثار الصدمة النفسية على عدة مناطق مهمة من الدماغ وهي: القشرة الجبهية والحُصين وجذع الدماغ وأخيرًا اللوزة.

وتفسير ذلك يكون كالتالي:

  • عندما يشعر الشخص بالتهديد أو بالتوتر الشديد نتيجة موقف معين فإن دماغه يوجه جسمه لإفراز هرمونات الإجهاد أو التوتر ومن بينها هرمون الأدرينالين والكورتيزول،
  • عندما يُفرز هرمون الكورتيزول نتيجة الشعور بالتهديد يحدث تلف الخلايا في الحصين والذي هو جزء من الدماغ والمسؤول عن الذاكرة، مما يسبب بعض المشاكل في التعلم والتركيز وخاصة للأطفال الذين يعانون من صدمة مزمنة (سوء معاملتهم).
  • أما الأدرينالين: فهو عندما يُفرز هذا الهرمون فهو يؤثر على جزء آخر من الدماغ وهو (اللوزة) والمسؤولة عن الذاكرة العاطفية في الدماغ، فيبقى الشخص بين فترة وأخرى يعيش اللحظات المؤلمة، ويطفو الماضي على الحاضر مما يزيد من الصدمة النفسية.
  • أما ما يحدث للقشرة الجبهية: والمسؤولة عن التفكير في المشاكل وتحليلها وإيجاد الخطط لحلها، هنا يقل نشاط هذا الجزء نتيجة الصدمة النفسية ويصعب التركيز في حل المشاكل.
  • وأما تأثير الصدمة على جذع الدماغ: والمسؤول عن ردود الأفعال، فالصدمة النفسية ونتيجة الضغط على الدماغ تسبب جمود في رد الفعل المناسب للحظة التوتر أو الإجهاد.

لذلك يمكن أن تظهر أعراض لتأثير الصدمة النفسية على الدماغ ومنها:

  • أعراض العاطفية: مثل الاكتئاب، والخجل، ونوبة الهلع والقلق، والخوف مع الخجل، إضافة للكوابيس والغضب والوساوس.
  • أعراض نفسية: وتتجلى في اضطراب في الأكل، وفي النوم، وقلة النشاط أو الطاقة، مع صعوبة في التركيز والتعلم وفقدان الذاكرة والصداع.

تأثير الصدمة النفسية على الأطفال

الصدمة النفسية عند الطفل

يمكن أن يتعرض الأطفال للصدمة النفسية كالبالغين بناء على مواقف أو أحداث مرهقة تحصل معهم تسبب لهم اضطرابًا نفسيًا، مما يستوجب على الآباء الانتباه لها وطلب المساعدة من الأطباء المختصين أو النفسيين ليستطيع الطفل تجاوزها خلال فترة قصيرة.

فقد يتعرض الطفل لمواقف مخيفة أو خطيرة، ومنها الإصابة البليغة أو حوادث الطرق أو التحرش أو جريمة ما وغيرها من المواقف المرهقة له.

ونتيجة للصدمة النفسية نجد تأثيرها في ظهور أعراض على الأطفال منها:

مص الإصبع، التبول الليلي، صعوبة في النوم، أو رؤية الكوابيس والأحلام المخيفة، الخوف والتوتر والقلق، وضعف التركيز.

ملاحظة:

من خلال انتباه الأهل لهذه الأعراض من الممكن أن يتجاوز الطفل تأثير الصدمة النفسية خلال فترة قصيرة.

وقد يكون للصدمة النفسية تأثير على المدى البعيد وخاصة إن لم ينتبه الأهل لهذه المشكلة، فيصاب الطفل بالقلق النفسي مع الصعوبة في استمتاعه بالأشياء التي يحبها، كما يُصاب بالكآبة والرعب مع استمرار هذه الأعراض لفترة طويلة حتى يكبر، وقد ترافقه في شبابه.

العلاج من الصدمة النفسية

عندما تشعر بالصدمة النفسية حاول أن تخرج منها حتى لا تسيطر على جسمك، وتعطل توازنك، وتحبسك في حالة من العزلة والخوف مع التوتر والقلق، كما يمكن أن تكون معالجة السبب الجذري للصدمة النفسية طريقة فعالة لإدارة الأعراض الجسدية والعاطفية. لذلك يجب عليك القيام بما يلي:

الرياضة:

تمرين المشي

مارس التمارين الرياضية التي تحرق إفراز هرمون التوتر، مع تحفيز إفراز هرمون الإندورفين مما يساعد على إعادة التوازن لجسمك ولجهازك العصبي، وتعطيك الطاقة والنشاط لعودتك لممارسة نشاطاتك اليومية بشكل صحيح.

لذلك عليك بممارس الرياضة المنتظمة لمدة 30 دقيقة بشكل يومي قدر المستطاع، وركز بما هو إيجابي أثناء التمرين وابتعد عن كل ما هو سلبي واستمتع بالرياضة.

لا تبتعد عن الحياة الاجتماعية:

التواصل مع الاخرين

إن أكثر ما يزيد أعراض الصدمة النفسية سوءًا هو الانعزال والانطواء الذي له دور سلبي على كل نشاطك وطاقتك، لذلك تواصل مع الأشخاص المقربين أو الذين تفضلهم، واقضي وقتك معهم ولا تجلس بمفردك.

اعمل على تهدئة أعصابك:

إن ما يزيد من الشعور بالخوف والقلق هو الاضطراب في جهازك العصبي، لذلك عليك تغيير نظامك وتهدئة أعصابك حتى تخفف القلق، وتبعد عنك الاكتئاب ويمنحك الشعور بالسيطرة على ذاتك.

يمكن أن تساعد نفسك بتهدئة أعصابك عن طريق:

  • ممارسة تمارين التأمل أو اليوغا التي تساعد على الاسترخاء.
  • ممارسة تمرين التنفس.
  • يمكنك أن تعزز من المداخلات الحسية في نفسك من خلال تناول الطعام المفضل لديك أو اللعب مع حيوانك الأليف (قطة أو كلب) أو ممارسة هواية تفضلها كالعزف على آلة موسيقية أو الرسم أو الطبخ.

العناية بصحتك:

ويمكن أن يتم ذلك من خلال:

  • الحصول على فترة نوم كافية ومنتظمة وخاصة في الليل.
  • اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
  • تجنب تناول الأطعمة السريعة التحضير أو الجاهزة، والابتعاد عن تناول السكريات والأطعمة المقلية.
  • استشارة الطبب المتخصص ليشرف على وضعك ويعطيك كافة التعليمات التي تساعدك في العناية بصحتك.

استشر الطبيب:

استشارة الدكتور

يمكن أن يستمر تأثير الصدمة النفسية لفترة طويلة رغم أنك اتخذت كافة العوامل التي تساعدك للعلاج، لذلك لا بد لك في هذه الحالة من استشارة الطبيب المتخصص أو الطبيب النفسي ليساعدك في تخطي هذه الصدمة.

واعلم أن تأخرك في استشارة الطبيب أو المتخصص النفسي يمكن أن يكون له تأثير مؤلم وقد يؤدي إلى صدمات أخرى ويؤخر الشفاء.

أخيرًا …

يمكن أن تكون هناك أحداث مرهقة تسبب الصدمة النفسية للبعض، في حين أن البعض الآخر لا يتأثرون مطلقًا وهذا يعود لنفسية الشخص والسمات الأساسية فيها، والكثير من العوامل المؤثرة (كالمعاناة من مرض نفسي) وكذلك الخبرات السابقة في مواجهة الأحداث، إضافة للاستجابة العاطفية للمشاعر التي تختلف من شخص لآخر.

عند استشارتك للطبيب المتخصص يجب أن تتحلى بالصبر، وأن تعلم بأن النتائج لن تأتي بسرعة بل لا بد لك من الهدوء، والتقيد بتعاليم الطبيب حتى تتخلص من هذه الأزمة التي تعاني منها بهدوء وسلام.

هذه المقالة هي عبارة عن معلومات ثقافية لا يمكن أن تكون بديلًا عن استشارة الطبيب المختص للتشخيص والعلاج، ولا تعتبر مشورة طبية متخصصة أبدًا.

المصدر:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله