التهاب عنق الرحم – ما هي أعراضه وهل هو خطير أو معدٍ؟

التهاب عنق الرحم Cervicitis هو التهاب شائع يصيب القسم السفلي من الرحم (العنق) وينجم عن طيف واسع من الأسباب كالعدوى والحساسية من مهيّجات كيميائية وفيزيائية، وبالرغم من أنّه في غالب الأحيان لا يسبب أي علامات وأعراض، إلا أنّه قد يسبب عند حالات أخرى أعراضًا مزعجة وموتّرة للمُصابة، وتعدّ معرفة سبب الالتهاب بالغة الأهمية، وذلك بغية تجنّب حدوث مضاعفات قد تكون مهددة للحياة.

وسنتناول في هذا المقال التهاب عنق الرحم من حيث التعريف والأعراض والأسباب، بالإضافة إلى تقديم إجابات كافية ووافية عن أكثر الأسئلة الشائعة حول هذه الحالة.

ما هو التهاب عنق الرحم؟

في البداية يُعرف الرحم بأنّه هيكل عضلي إجاصي الشكل، مؤلّف من عدّة أجزاء وهي قاع الرحم، أنبوبا الرحم (نفيرا فالوب)، جسم الرحم، وعنق الرحم وهو القسم السفلي من الرحم ومكان اتصاله مع المهبل.

ويُعرف التهاب عنق الرحم بأنّه التهاب يصيب العنق (نهاية الرحم) نتيجة لعدّة أسباب سنرد على ذكرها في المقال.

صورة توضّح منطقة عنق الرحم وأجزاءه الأخرى تشريحيًا

ما مدى انتشار هذه الحالة؟

التهاب عنق الرحم حالة شائعة جدًا، وتشير التقديرات إلى أنّ أكثر من نصف النساء البالغات سوف يُصَبن به في مرحلة ما.

ما هي أسباب الإصابة؟

تشمل أسباب الإصابة ما يلي:

العدوى

تعدّ العدوى هي السبب الرئيسي للإصابة بالتهاب عنق الرحم الحاد، ويمكن أن يحدث ذلك عند دخول البكتيريا إلى الرحم، عادةً ما تنتقل العدوى أثناء النشاط الجنسي وتشمل الأسباب الشائعة لالتهاب عنق الرحم بالعدوى أمراضًا منقولة بالجنس (STDs) أهمها ما يلي:

  1. الكلاميديا (40% من حالات التهاب عنق الرحم مرتبطة بالكلاميديا).
  2. السيلان.
  3. الهربس التناسلي (HSV-2).
  4. داء المشعرات.
  5. المفطورة التناسلية.

كما يمكن أن يحدث الالتهاب إذا لامست بكتيريا المكوّرات العنقودية أو العقدية الرحم.

العديد من النساء المصابات لا تظهر نتائج إيجابية لأي نوع من العدوى، وبالتالي تشمل الأسباب الأخرى للالتهاب ما يلي:

التهيّج والحساسية من المواد الكيميائية

يمكن أن يحدث التهيّج الكيميائي إما بسبب مبيدات النطاف (مادة تقوم بقتل الحيوانات المنوية ويتم إدخالها في المهبل قبل ممارسة العملية الجنسية لمنع الحمل)، الغسول المهبلي، أو مطاط اللاتكس المستخدم في الواقي الذكري.

رد فعل لأغشية وأغطية عنق الرحم

يحدث رد الفعل بسبب التهيّج أو الإصابة الناجمة عن السدادات القطنية (تامبون)، الدعامات، أو غطاء عنق الرحم (أحد وسائل منع الحمل).

العلاج الإشعاعي للسرطان

في حالات نادرة قد يكون العلاج الإشعاعي أو السرطان سببًا في حدوث تغييرات في عنق الرحم بما يتوافق مع التهاب عنق الرحم.

اختلال التوازن البكتيري

يحدث الاختلال عند زيادة أعداد وفرط نمو البكتيريا الموجودة بشكل طبيعي في المهبل، وتدعى هذه الحالة بالتهاب المهبل الجرثومي.

اختلال التوازن الهرموني

يؤدي الانخفاض النسبي في هرمون الأستروجين، أو الارتفاع في هرمون البروجسترون إلى إعاقة قدرة الجسم على الحفاظ على أنسجة عنق رحم سليمة.

الأمراض الالتهابية الجهازية.

عوامل خطر الإصابة

تشمل عوامل خطر الإصابة ما يلي:

  • ممارسة سلوكيات جنسية خطيرة، مثل ممارسة الجنس دون وقاية، أو ممارسة الجنس مع شركاء متعددين، أو حتى مع شركاء لديهم تاريخ من السلوكيات الخطيرة وغيرها.
  • بدء الجماع في سن مبكرة.
  • وجود تاريخ إصابة سابق بالتهاب عنق الرحم، حيث تشير الدراسات إلى أنّ الحالة ستتكرر عند 8% إلى 25% من النساء المصابات به.
  • وجود تاريخ إصابة سابق بالأمراض المنقولة جنسيًا.

وأخيرًا ننوه إلى أنّ الممارسات الجنسية ليست السبب الوحيد للإصابة، بل من الممكن أن تحدث إصابة بسبب تهيّج أو تحسس من غسول معيّن أو السدادات القطنية أو أغشية عنق الرحم.

ما هي أعراض الإصابة بالتهاب عنق الرحم؟

لا تظهر أي أعراض على العديد من المُصابات، وقد لا تكتشف الحالة إلا صدفةً أثناء إجراء فحص أو اختبار روتيني ما، مما يشير إلى أهمية الفحوصات المنتظمة والدورية للأمراض النسائية.

وقد تتضمن العلامات والأعراض (إن وُجِدَت) ما يلي:

  • إفرازات مهبلية غير عادية، صفراء أو رمادية اللون، وكريهة الرائحة.
  • نزيف مهبلي غير طبيعي وغير متوقع (غير مرتبط بالدورة الشهرية)، مثل النزيف بعد الجماع أو بين فترات الحيض.
  • ألم أثناء الجماع.
  • تهيّج المهبل أو الفرج.
  • ألم وصعوبة في التبوّل، بالإضافة إلى تكرار التبوّل.
  • في حالات نادرة تعاني المُصابة من آلام الحوض أو البطن، والحُمى.

المضاعفات الناتجة عن الإصابة

تتمثل وظيفة عنق الرحم الطبيعية بأنّه حاجز يمنع دخول الجراثيم والبكتيريا والفيروسات إلى الرحم، وبالتالي عندما يُصاب عنق الرحم بالتهاب ما، ستزداد الفرصة بانتقال العدوى إلى الرحم.

يمكن أن ينتشر التهاب عنق الرحم الناجم عن الكلاميديا أو السيلان إلى بطانة الرحم وقناتي فالوب (نفير فالوب)، مما يؤدي إلى مرض التهاب الحوض PID، وهو عدوى تُصيب الأعضاء التناسلية الأنثوية ومن الممكن أن تُسبب مشاكل في الخصوبة عند إهمالها وتركها دون علاج.

كما يمكن أن يزيد التهاب عنق الرحم من خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية HIV من شريك جنسي مُصاب.

تشخيص التهاب عنق الرحم

تتضمن خطوات تشخيص الإصابة إجراء فحص الحوض، حيث يبحث الطبيب خلال هذا الفحص عن وجود مناطق تورّم أو ألم، كما يمكن استخدام منظار يُوضَع في المهبل بغية عرض جدرانه العلوية والسفلية والجانبية وعنق الرحم.

جمع عيّنات وفحصها، يستخدم الطبيب مسحة قطنية صغيرة أو فرشاة لإزالة عيّنة من السائل المهبلي وعنق الرحم، ويتم إرسال هذه العيّنة إلى المختبر بحثًا عن وجود عدوى (أمراض منقولة جنسيًا، جراثيم، فيروسات)، كما يمكن إجراء الاختبارات على عيّنات البول.

قد يطرح الطبيب أسئلة حول السلوكيات والتاريخ الجنسي الخاص بالمريضة بالإضافة إلى وسائل منع الحمل التي استخدمَتها.

كيف يتم علاج التهاب عنق الرحم؟

لا تحتاج المريضة إلى علاج إذا لم تكن العدوى المنقولة جنسيًا هي السبب، وعندها تكون الإصابة ناتجة عن تهيّج أو حساسية.

أما في حال الاشتباه بوجود عدوى، فيجب العلاج من أجل القضاء على هذه العدوى ومنع انتشارها إلى الرحم وقناتي فالوب، أو حتى للطفل في حال كانت المرأة المُصابة حامل، ويمكن علاج الأشخاص تحت عمر ال25 عامًا أو الذين يمارسون سلوكيات جنسية معينة بالمضادات حتى لو لم يتم اكتشاف البكتيريا لديهم (بسبب صعوبة الكشف الدائم عن البكتيريا).

وتبعًا لنوع العدوى الموجودة، قد يصف الطبيب ما يلي:

  • مضادات حيوية.
  • أدوية مضادة للفطريات.
  • أدوية مضادة للفيروسات، مع وجوب التنويه إلى أنّ بعض الحالات المزمنة كالهربس لا علاج لها، ونسعى عندها لتخفيف أعراض الإصابة فقط.

لا يقتصر العلاج فقط على المُصابة، بل يوصي الطبيب أيضًا بعلاج الشريك الجنسي، كما يوصي بعدم ممارسة الجنس قبل نهاية فترة العلاج.

تعالج المضادات الحيوية الالتهاب بنجاح في معظم الحالات، ولكن في حال استمرار الأعراض بالرغم من العلاج، يجب مراجعة الطبيب لتقييم الحالة.

ما هي المدة التي يستغرقها التهاب عنق الرحم حتى يُشفى؟

تستغرق مدة الشفاء حوالي الأسبوعين، ويجب الالتزام خلالهما بالمضادات الحيوية تمامًا كما وصف الطبيب.

هل العلاجات غير الدوائية مفيدة في علاج الحالة؟

تعد العلاجات غير الدوائية مثل الغسول المهبلي أو العلاج بالزبادي غير مفيدة وغير فعّالة في العلاج، وعلى العكس تمامًا، فقد تؤدي إلى تفاقم الأعراض، فلا يُنصَح بها.

سبل الوقاية من الإصابة

على الرغم من أنّه لا يمكن دائمًا منع حدوث الإصابة، إلا أنّ بعض سبل الوقاية قد تكون مفيدة في تقليل خطر الإصابة، وتتضمن ما يلي:

  • ممارسة الجنس الآمن، مثل استخدام واقي ذكري في كل مرة تتم فيها ممارسة الجنس لتجنّب الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا.
  • تجنّب استعمال الغسولات النسائية وغيرها من المواد المهيّجة.
  • تجنّب تعدد الشركاء الجنسيين.
  • التحكّم بنسبة سكر الدم في حال الإصابة بمرض السكري.
  • عدم ممارسة الجنس مع شريك مُصاب بعدوى أو تقرّحات تناسلية أو غيرها.

متى يجب زيارة الطبيب؟ 

يجب تحديد موعد مع الطبيب في أي وقت تلاحظ فيه المرأة أعراضًا غير طبيعية مثل النزيف خارج أوقات الحيض والجماع المؤلم والإفرازات المهبلية غير العادية.

وكما قد ذكرنا، تكون بعض الحالات لا عرضيّة مما يؤكد على أهمية إجراء الفحوصات بشكل دوري ومنتظم.

بعض الأسئلة الشائعة

هل التهاب عنق الرحم معدٍ؟

نعم، يمكن أن تنتقل العدوى إلى الشريك، ولذلك ينصح الأطباء بعدم ممارسة الجنس لمدة سبعة أيام على الأقل من بدء تلقّي العلاج وبعد تلاشي الأعراض.

هل يمكن الإصابة بالتهاب عنق الرحم دون الإصابة بأحد الأمراض المنقولة جنسيًا STDs؟

نعم، لا تحدث الحالة دائمًا بسبب الأمراض المنقولة جنسيًا وقد تكون ناتجة عن بعض حالات الحساسية أو الاختلالات البكتيرية.

هل يؤثر التهاب عنق الرحم على الدورة الشهرية؟

لا يؤثر التهاب عنق الرحم على الدورة الشهرية فيما عدا حدوث نزيف خارج أوقات الحيض.

هل يؤثر التهاب عنق الرحم على خصوبة المرأة؟

نعم، في بعض الحالات ينتشر الالتهاب الناجم عن السيلان أو الكلاميديا إلى قناتي فالوب وبطانة الرحم، مما يمكن أن يؤدي إلى مرض التهاب الحوض PID والذي سيسبب مشاكلًا في الخصوبة عند إهماله.

هل يمكن أن يسبب اللولب IUD التهاب عنق رحم؟

لا، لكن إذا تم إدخال اللولب أثناء إصابة المرأة بالتهاب عنق رحم بالكلاميديا أو السيلان، سوف تُصاب بمرض التهاب الحوض.

رغم أنّ هذه الحالة نادرة، إلا أنّه يجب إخبار الطبيب بجميع المعلومات التي قد يحتاجها قبل تركيب اللولب.

هل يمكن أن يسبب الانتباذ البطاني الرحمي التهاب عنق الرحم؟

لا يوجد دليل على أنّ الانتباذ البطاني الرحمي (وهو حالة ينمو فيها النسيج المُبطِّن للرحم عادةً خارج الرحم بدلًا من داخله) مرتبط بالتهاب عنق الرحم.

المصادر

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله