التهاب الحنجرة – مرض عابر أم خطير؟

التهاب الحنجرة هو حالة مرضية تسبب أعراضًا مزعجة لا سيّما لدى الأشخاص الذين هوايتهم أو عملهم يتطلب الغناء، فمن الممكن أن يمنعهم من ذلك بما يسببه من بحّة أو تغيّر في الصوت، ولكن يبقى السؤال الأهم: هل التهاب الحنجرة مرض عابر وقابل للعلاج، أم أنه مرض خطير قد يحمل صفة الإزمان؟

ما هو التهاب الحنجرة؟

التهاب الحنجرة هو مرض يصيب الحنجرة، التي هي العضو الصوتي الموجود في القسم العلوي من الرقبة، ويحدث هذا الالتهاب عند فرط استخدام الحنجرة أو نتيجة التهيّج الشديد أو العدوى.

يوجد داخل الحنجرة طيّتين مخاطيتين تغطّي العضلات والغضاريف وتدعى بالحبال الصوتية، وعادةً ما تفتح وتغلق هذه الحبال الصوتية بسهولة، وتشكّل الأصوات عبر حركتها واهتزازها، ولكن عند التهاب الحنجرة ستصبح الحبال الصوتية متهيّجة أو ملتهبة مما يسبب انتفاخها، فيؤدي ذلك إلى تشويه الصوت الصادر عنها (بحّة في الصوت).

في بعض حالات التهاب الحنجرة، قد يصبح الصوت غير مسموع تقريبًا.

قد يكون التهاب الحنجرة قصير الأمد (حاد) أو طويل الأمد (مزمن)، ولكن معظم الحالات تنتج عن عدوى فيروسية مؤقتة لا تتطور إلى الإزمان وليست خطيرة وتختفي لوحدها خلال أسبوع أو أسبوعين.

تشير البحّة المستمرة في بعض الأحيان إلى حالة أكثر خطرًا تحتاج لعناية طبية سريعة.

أسباب التهاب الحنجرة

تختلف الأسباب فيما إذا كان التهاب الحنجرة مزمنًا أو حادًا:

التهاب الحنجرة الحاد Acute Laryngitis

معظم حالات الالتهاب الحنجري الحاد تكون مؤقتة وتتحسن مع زوال السبب، ونذكر من الأسباب:

  • الالتهابات الفيروسية المشابهة للالتهابات التي تسبب الزكام.
  • الإجهاد الصوتي الناتج عن فرط استعمال الصوت أو الصراخ العالي، وقد يحدث ذلك عند الأطفال نتيجة البكاء المستمر أو المحاولة المستمرة لتقليد أصوات الحيوانات أو الشخصيات الكرتونية.
  • الالتهابات الجرثومية ولكنها ولا تكون شائعة الحدوث.
  • اضطرابات المناعة الذاتية، مثل الورم الحبيبي مع التهاب الأوعية (مرض فينغر) أو داء الفقاع الشائع.

التهاب الحنجرة المزمن Chronic Laryngitis

عندما تكون فترة الإصابة بالتهاب الحنجرة تزيد عن الثلاث أسابيع فنحن أمام التهاب حنجرة مزمن.

عمومًا يحدث هذا النوع من التهاب الحنجرة بسبب التعرض للمهيجات على مدار وقت طويل، ومن الممكن أن يسبب إجهادًا كبيرًا في الحبال الصوتية أو أذيات أو نمو سلائل وعقيدات عليه (بوليبات).

يمكن أن يحدث التهاب الحنجرة المزمن بسبب:

  • استنشاق المواد المخرّشة كالأبخرة الكيميائية أو المواد التي تسبب تحسس أو الدخان.
  • القلس الحامضي أو ما يدعى بالارتجاع (القلس) المعدي المريئي Gastroesophageal Reflux Disease.
  • التهاب الجيوب المزمن.
  • شرب كميات كبيرة من الكحول.
  • الاستخدام المفرط للصوت على مدار زمن طويل مثل المطربين أو المشجعات.
  • التدخين.
  • التهاب بكتيري أو طفيلي أو فطري، ولكنه سبب غير شائع.

قد لا يكون التهاب الحنجرة المزمن هو سبب بحّة الصوت فيختلط تشخيصه مع أمراض أخرى تسبب نفس هذا العرض، نذكر منها:

  • السرطان.
  • شلل الحبال الصوتية والذي قد يحدث نتيجة أذية عصب ما خلال إجراء عملية جراحية، أو نتيجة رض على الصدر أو الرقبة.
  • انحناء الحبال الصوتية.

عوامل الخطر

تزيد عوامل الخطر من فرص إصابة الشخص بالتهاب الحنجرة، وتشمل:

وجود التهاب في المجاري التنفسية

كالزكام أو التهاب القصبات أو التهاب الجيوب.

التعرّض المستمر للمواد المخرّشة

ويتم ذلك عن طريق التدخين أو تناول كميات كبيرة من الكحول أو حموضة المعدة (إذا وصلت للحنجرة عن طريق القلس) أو استنشاق مواد كيميائية بشكل روتيني في مكان العمل.

فرط استعمال الصوت

حيث أن المطربين أو الأشخاص الذين يصرخون كثيرًا أو يتكلمون بصوت عالي معرّضون بشكل أكبر للإصابة.

أعراض التهاب الحنجرة

تكون أعراض التهاب الحنجرة متشابهة جدًا بين الأطفال والبالغين، وتشمل:

  • بحّة في الصوت.
  • ضعف في الصوت أو اختفاء الصوت.
  • الإحساس بدغدغة أو خشونة في الحلق.
  • التهاب حلق.
  • جفاف الحلق.
  • سعال جاف.
  • ارتفاع حرارة طفيف.
  • شعور دائم بالحاجة إلى النحنحة.
  • تورّم الغدد.
  • صعوبة في الكلام.

ما هي مضاعفات الالتهاب الحنجري؟

في بعض الحالات التي يتم إهمال العلاج فيها أو يتأخر تشخيص المرض، قد ينتشر الالتهاب لأجزاء أخرى من الجهاز التنفسي مسببًا مشاكلًا وأعراضًا جديدة، وتختلف خطورة الوضع فيما إذا كان المُصاب طفلًا أم بالغًا:

المضاعفات عند الأطفال

تكون مضاعفات الالتهاب الحنجري عند الأطفال أكثر خطورةً منها عند البالغين، لذلك يجب مراقبتهم ولا سيّما مراقبة حرارة جسمهم، ويجب زيارة أقرب مركز طبي في الحالات التالية:

  • إذا كان طفلك عمره أقل من ثلاث أشهر ولديه حرارة 100 فهرنهايت أو أكثر، أو إذا كان عمره أكبر من 3 شهور وحرارته 102 فهرنهايت أو أكثر.
  • وجود مشاكل في البلع او التنفس، أو إصدار أصوات ذات لحن حالي عند الشهيق، أو وجود إلعاب وسيلانه خارج الفم بشكل زائد عن حدّه الطبيعي.

قد يؤدي التهاب الحنجرة عند الأطغال إلى حدوث خنّاق أو تضيّق في المسالك الهوائية أو التهاب لسان المزمار، للك قد تكون حالة الطفل مهددة للحياة وتستوجب المعالجة الطارئة ولا سيّما إذا بدأ الطفل باللهاث وواجه صعوبة في التنفس.

المضاعفات عند البالغين

لا يكون الوضع خطيرًا، ولكن يجب مراجعة الطبيب إذا استمرت بحّة الصوت أكثر من أسبوعين أو إذا كان لدى المريض سعال مترافق مع دماء أو إذا كانت حرارته 103 فهرنهايت أو أكثر أو إذا كانت لديه مشاكل في التنفس (ضيق في التنفس).

كيف يتم تشخيص التهاب الحنجرة؟

تعد بحّة الصوت العلامة الأكثر انتشارًا والتي تدل على الإصابة بالتهاب الحنجرة، وتختلف درجة البحّة حسب شدة الالتهاب أو التخريش، وتترواح من درجة خفيفة إلى درجة شديدة قد يفقد فيها المريض صوته.

إذا كان لدى المريض بحّة مزمنة سيقوم الطبيب بسؤاله عن تاريخه الطبي وأعراضه، وسيقوم بالاستماع لصوته وفحص حباله الصوتية.

قد يقوم الطبيب أيضًا بالإجراءات التالية لتأكيد الإصابة:

تنظير الحنجرة

وهو إجراء يسمح للطبيب بفحص الحبال الصوتية بصريًا باستخدام ضوء ومرآة صغيرة للنظر إلى الجزء الخلفي من الحلق، أو قد يستخدم الطبيب تنظير الحنجرة بالألياف الضوئية.

يتضمن التنظير الحنجري إدخال أنبوب رفيع ومرن (منظار داخلي) مزوّد بكاميرا صغيرة وضوء من خلال أنف أو فم المريض، ثم يمكنه مراقبة حركة الحبال الصوتية أثناء تحدّث المريض.

المسحة الحنجرية

يقوم الطبيب بأخذ مسحة من الحنجرة وزراعتها على أوساط زرع خاصة، حيث يتيح ذلك نمو الجراثيم في هذه الأوساط وبالتالي اكتشاف المرض والجرثوم أو الفيروس المسبب له.

الخزعة

الحزعة هي أخذ عينة من العضو المصاب، وقد يقوم الطبيب بأخذ خزعة في حال رأى منطقة ذات شكل غريب عن الطبيعي.

كيف يتم علاج الالتهاب الحنجري؟

التهاب الحنجرة الحاد عادةً ما يُشفى تلقائيًا خلال أسبوع أو أكثر من ذلك بقليل، ولكن يُفضل اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة العلاجية التي قد تسرّع الشفاء كالاعتناء بالصوت وإراحته، والإكثار من شرب السوائل.

أما الالتهاب المزمن فيتم علاجه عن طريق علاج السبب المؤدي إليه، كالقلس أو التدخين أو شرب كميات كبيرة من الكحول.

كما يوحد نوعان من الأساليب العلاجية:

العلاج الدوائي

وتكون الأدوية من الأنواع التالية:

الصادات الحيوية

تفيد الصادات الحيوية في علاج الالتهاب فقط عندما يكون سببه جرثومي، لأن الصادات لا تستطيع إلا التأثير على الجراثيم.

الستيروئيدات القشرية

في بعض الأحيان يمكن أن تساعد الستيروئيدات القشرية في تقليل التهاب الحبال الصوتية، ومع ذلك فإنها لا تُستعمل إلا عندما يكون هنالك حاجة ملحّة لعلاج الالتهاب الحنجري، كما هو الحال عندما يكون طفل مصابًا بالتهاب الحنجرة المرتبط بالخنّاق.

العلاج المنزلي

يوجد بعض الأساليب العلاجة المنزلية التي قد تساعد في تحسين أعراض التهاب الحنجرة وتخفف الإجهاد على الحبال الصوتية، نذكر منها:

تنفس هواء رطب

لتحقيق ذلك يمكنك استخدم جهاز ترطيب الهواء في منزلك أو مكان عملك، كما قد يساعد استنشاق البخار من وعاء به ماء ساخن في تحسين الأعراض.

دع صوتك يستريح

ويتم ذلك عن طريق تجنّب الكلام أو الغناء بصوتٍ عالٍ ولفترات طويلة، وإذا كنت مضطرًا للحديث أمام مجموعة كبيرة من الأشخاص فاستخدم مضخّم الصوت (المايكروفون).

الحفاظ عى رطوبة الحلق

يمكنك تحقيق ذلك من خلال الغرغرة بالماء والملح أو مضغ قطعة من اللبان (العلكة).

تجنّب مزيلات الاحتقان

وذلك لأن الأدوية المزيلة للاحتقان يمكنها أن تجفف حلقك.

تجنّب الهمس

يسبب الهمس جهدًا أكبر على حبالك الصوتية من الكلام العادي.

كيف نقي أنفسنا من التهاب الحنجرة؟

تتم الحماية من التهاب الحنجرة باتباع خطوات بسيطة للمحافظة على صحّة الصوت والوقاية من الجفاف والتخريش التي قد تؤدي لحدوث الالتهاب، تشمل هذه الخطوات:

  • عدم شرب القهوة أو الصودا أو أي مشروب يحتوى على الكافيين، الذي يسبب تجفيف الحلق.
  • الحفاظ على رطوبة الجسم بشرب كميات كبيرة من المياه خلال اليوم.
  • عدم التدخين وتجنّب التدخين السلبي، حيث يسبب التدخين أضرارًا كبيرة على الصحة العامة ويخرّش الحبال الصوتية.
  • لا تكثر من النحنحة، لأن ذلك يؤدي إلى حدوث اهتزازات غير طبيعية تؤدي إلى تهيّج وتورم الحبال الصوتية.
  • غسل اليدين والابتعاد قدر الإمكان عن الأشخاص المصابين بالتهابات الطرق التنفسية العلوية كالزكام.
  • تجنّب المواد الكيميائية في مكان العمل.
  • تجنّب الأطعمة التي قد تسبب عسر هضم أو حرقة.

المراجع:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله