التنمر … أسباب غير مشروعة وانعكاسات على الضحية والجلّاد

يعتبر التنمر ظاهرة منتشرة في شتى مجالات الحياة، من البيت، إلى المدرسة، إلى العمل، وحتى الشارع. فالتنمر من إحدى العادات السيئة التي نتجت عن عدة عوامل اجتماعية، وتربوية، وحتى نفسية، حتى باتت عند البعض كالشهيق والزفير، لذلك أصبحت تلقب بالظاهرة، نظرًا لتزايد شدتها، وتسارع انتشارها، مع اختلاف صورها، وأسبابها، وآثارها.

إذًا ما هو التنمر؟ وما أنواعه، وأسبابه، وآثاره؟ وماهي الطرق التي يمكننا من خلالها إيقاف ظاهرة التنمر؟ هذا ما سوف نطلعكم عليه في مقالنا التالي، لذا ابقوا معنا.

تعريف التنمر

التنمر هو مرادفٌ للمصطلح الإنكليزي bullying، فهو سلوك عدواني، يمارس عادةً من قبل مجموعة اتجاه فرد، أو مجموعة أقوى اتجاه مجموعةً أضعف، باستخدام القوة للإيذاء والتخويف، من أجل فرض السيطرة على الآخرين، ويمكن لأي سلوك عدواني أن يصنف بأنه تنمر، عندما تحكمه ثلاثة معايير وهي:

  • أن يكون الاعتداء متعمدًا.
  • أن يكون الاعتداء مستمرًا ومتكررًا.
  • وأن يكون هناك تفاوت بين المعتدي، والضحية، في القوة الجسمانية والمعنوية.

التنمر في الإسلام

لقد حذر الإسلام من الأفعال، والسلوكيات العدوانية، المعروفة في وقتنا هذا بالتنمر، حيث نهانا الله سبحانه وتعالى عن ذلك في قوله: “وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ”، ولم يغفل الإسلام أبداً عن أثر ذلك السلوك النفسي والجسدي، لذلك قامت دار الإفتاء بتوضيح تحريم التنمر شرعاً.

أنواع التنمر

هناك العديد من أنواع التنمر التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال والبالغون على حدٍ سواء، وهي كالتالي:

التنمر الجسدي:

يشمل التنمر الجسدي الضرب، والركل، والتعثر، وشد الشعر، والدفع، أو إتلاف ممتلكات الشخص، قد يتسبب التنمر الجسدي في أضرار بدنية، ونفسية للذي يتعرض للتنمر.

التنمر اللفظي:

يشمل التنمر اللفظي استخدام الإهانات أو المضايقات أو التخويف، أو الإساءة بالألفاظ النابية، أو الاستهزاء، أو الشتم والمعايرة.

التنمر الاجتماعي:

غالبًا ما يصعب التعرف على التنمر الاجتماعي، الذي يشار إليه أحيانًا بالتنمر السري، أو التنمر العلائقي، ويمكن تنفيذه خفيةً عن الشخص الذي يتعرض للتنمر، يمكن أن يشمل التنمر الاجتماعي ما يلي:

  • الكذب، ونشر الشائعات.
  • إيماءات الوجه أو الإيماءات الجسدية، والتهديد أو الازدراء.
  • تشجيع الآخرين على استبعاد شخص ما اجتماعيًا.
  • الإضرار بالسمعة الاجتماعية للشخص المستهدف.

التنمر الإلكتروني:

التنمر الالكتروني

التنمر عبر الإنترنت يُعرف على أنه: الضرر المتعمد، والمتكرر الذي يحدث من خلال استخدام أجهزة الكمبيوتر، والهواتف، والأجهزة الإلكترونية الأخرى.

يمكن أن يكون التنمر عبر الإنترنت، سلوكيات تنمر علنية، أو خفية، ويمكن أن يشمل ما يلي:

النصوص، أو الرسائل الإلكترونية، أو المنشورات، أو الصور، أو مقاطع الفيديو المسيئة أو المؤذية، أو تقليد الآخرين عبر الإنترنت، أو استخدام معلومات تسجيل الدخول الخاصة بهم.

التنمر الجنسي:

وقد يتضمن بعض الأفعال المتكررة، والضارة، والمهينة، التي تستهدف الشخص جنسيًا، ومن الأمثلة على ذلك، التعليقات الفظة، والإيماءات المبتذلة، والمكالمات الجنسية، واللمس غير المرغوب فيه.

التنمر العنصري:

يستند التنمر العنصري إلى التحيزات التي لدى المراهقين تجاه الأشخاص الذين من أعراقٍ، أو دياناتٍ مختلفة، ويمكن أن يشمل هذا النوع من التنمر جميع أنواع التنمر الأخرى.

ما هي العوامل والأسباب التي تدفع إلى التنمر؟

هناك عوامل نفسية واجتماعية تدفع الشخص للقيام بسلوكيات غير مقبولة، ومن هذه الأسباب ما يلي ذكره:

  • إذا كان الفرد يعيش في محيط يعتمد على العنف والتسلط على الآخرين، أو إذا كان يتعرض للتنمر من قبل أحد أفراد الأسرة، كالأبوين أو الشقيق الأكبر، وهذا ما يجعل الفرد يبحث عن وسيلة لتفريغ شحنات العنف المخزنة بطرق خاطئة ومؤذية، انتقاماً لما يعانيه في محيط الأسرة.
  • عدم احساسه بالاهتمام، واهماله من قبل أحد أفراد أسرته، أو رفاقه، مما يولد لديه ردود فعل عنيفة تجاه الآخرين.
  • إذا كان لديه نزعة الغرور والاستعلاء على غيره، لما يملكه من صفات بدنية، أو مركز سلطة، أو حالة مادية جيدة، تمنحه القوة والتكبر، مما يخلق في نفسه حب التسلط والتنمر على الآخرين.
  • احساس الفرد بالغيرة الشديدة، والتي قد تكون غالبًا أسرية المنشأ، وذلك من خلال التمييز بين الأبناء، أو من خلال بعض المواقف المختلفة التي قد تحصل في المدرسة، كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى السلوكيات العدوانية، رغبة في الانتقام، ولفت النظر.
  • الألعاب الالكترونية المختلفة والتي في معظمها تعتمد على العنف، والقوة لتحقيق الهدف.
  • يمكن أن يكون التنمر نتيجة التربية السيئة للطفل، حيث أن بعض الآباء لم يهتموا بتعليم وتوجيه أبنائهم بأن يحترموا، ويقدّروا مشاعر الآخرين.

علامات أو أعراض التنمر

سوف نزودك فيما يلي ببعض المعلومات التي قد تساعدك في اكتشاف العلامات المختلفة للمتنمر، والذي يتعرّض للتنمر أيضًا، فالأعراض، والعلامات التي يمكن أن تنجم عن التنمر هي كالتالي:

الأعراض التي تظهر على الطفل الذي يتعرّض للتنمر:

  • تراجع المستوى التعليمي بشكل ملحوظ.
  • عدم المشاركة في الأنشطة المدرسية، والفعاليات المختلفة.
  • التخلي عن الممتلكات الشخصية بسهولة كوسيلة دفاع عن النفس، وردّ المتنمرين.
  • التغييرات في أنماط النوم.
  • التغييرات في أنماط الأكل.
  • كثرة الدموع، أو سرعة الغضب.
  • تقلب المزاج.
  • الانطواء، والابتعاد عن مجموعات الرفاق.
  • الشعور بالخوف الدائم.
  • الشعور بالضعف من خلال الاستجابة للتهديد.
  • كدمات وجروح وخدوش غير مبررة.
  • غالبًا ما يعود الطفل إلى المنزل بممتلكات، أو ملابس مفقودة أو تالفة.
  • يعود الطفل إلى المنزل جائعًا.
  • التمنع للذهاب إلى المدرسة.
  • هدف متكرر للمضايقة، أو التقليد، أو السخرية في المدرسة.
  • غير قادر على التحدث في الصف، ويبدو عليه الخوف، وعدم الأمان.
  • التلعثم أو التأتأة عند الكلام.
  • الهروب من المنزل أو إيذاء نفسه أو التحدث عن الانتحار بشكل متكرر.
  • كوابيس متكررة.
  • تجنب المواقف الاجتماعية.

الأعراض التي تظهر على المتنمِّر:

  • تظهر عليه سلوكيات عدوانية، والرغبة في التحكم وإدارة المواقف.
  • يلجأ إلى القوة والصوت العالي في حل المشاكل.
  • لا يراعي مشاعر الآخرين.
  • لا يسامح ولا يعفو حتى في أبسط الظروف والمواقف، أي بالمختصر أنه حقود لا يعرف الصفح ولا التسامح.
  • يلجأ إلى التهديد بأشكال مختلفة، للحصول على ما يريد.
  • يتشبث برأيه اعتقاداً منه أنه على حق دائماً، كما أنه يرفض الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة.
  • الاستهزاء والتقليل من قيمة الآخرين.
  • حب الظهور من خلال السلوكيات، والحركات التي تعكس القوة حتى ولو كانت قوة مزيفة.
  • عدم الاعتذار عند الخطأ.

من هو المعرّض لخطر التنمر؟

يتعرض الأطفال لخطر التنمر إذا كان:

  • يُنظر إليهم على أنهم مختلفون عن أقرانهم، على سبيل المثال إذا كانوا يعانون من زيادة الوزن، أو نقص الوزن، أو ارتداء ملابس مختلفة، أو من عرق أو دين مختلف.
  • إذا كان يُنظر إليهم على أنهم ضعفاء في البنية، أو الشخصية.
  • إذا كانوا يعانون من الاكتئاب، أو القلق، أو تدني احترام الذات.
  • إذا كان ليس لديهم الكثير من الأصدقاء، أو أقل شعبية من غيرهم.
  • إذا كانوا لا يتواصلون بشكل جيد مع الآخرين.
  • من لديهم إعاقة ذهنية أو جسدية.

ماهي آثار التنمر؟

يمكن أن يؤثر التنمر على جميع الأطراف، أولئك الذين يتعرضون للتنمر، ومن يتنمرون، والذين يشهدون التنمر. يرتبط التنمر بالعديد من النتائج السلبية، التي سوف نذكرها فيما يلي:

تأثير التنمر على الأطفال الذين يتعرّضون للتنمر:

اثار التنمر على المتنمر عليه

يمكن أن يعاني الأطفال أو حتى البالغين الذين يتعرضون للتنمر من مشاكل صحية جسدية، واجتماعية، وعاطفية، وأكاديمية، وعقلية سلبية، فالأشخاص الذين يتعرضون للتنمر هم أكثر عرضة للتأثيرات التالية:

  • فقدان الثقة في النفس.
  • صداع وآلام في المعدة.
  • القلق والاكتئاب، ومحاولة الانتحار.
  • زيادة الشعور بالحزن والوحدة.
  • تغيرات في أنماط النوم والأكل.
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة التي اعتادوا الاستمتاع بها.
  • انخفاض التحصيل الدراسي.
  • التغيب المتكرر عن المدرسة أو العمل.
  • التسرب من المدرسة.
  • الإدمان على السلوكيات العدوانية، ويصبح الضحية شخصاً عدوانيًا ومتنمرًا، أو على النقيض تمامًا، فقد يصبح شخصية انطوائية، وشخص ضعيف، كارهًا للمجتمع.

تأثير التنمر على الأشخاص أو (الأطفال) المتنمرين:

يمكن للأطفال الذين يتنمرون على الآخرين، الانخراط في سلوكيات عنيفة، وغيرها من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، وخاصةً في مرحلة البلوغ، أو حتى عندما يتقدمون أكثر في السِّن، فالأطفال الذين يمارسون التنمر هم أكثر عرضة لما يلي:

  • يتعاطون الكحول، والمخدرات الأخرى في مرحلة المراهقة والتقدم في العمر.
  • الأطفال الذين يتنمرون على الآخرين معرضون بشكل متزايد للخوض في الشجارات العنيفة، وتخريب الممتلكات، ومشاكل كثيرة في المدرسة.
  • يستخدم المتنمرون العنف، والتنمر في وقت لاحق من الحياة، وخاصةً على الأزواج والأبناء.

تأثير التنمر على الأطفال الذين يشهدون التنمر:

الأطفال الذين يشهدون التنمر هم أكثر عرضة لما يلي:

  • زيادة استخدام التبغ أو الكحول أو المخدرات الأخرى.
  • المعاناة من مشاكل صحية وعقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق.
  • التغيب عن المدرسة، أو الجامعة، أو مكان العمل بشكل مستمر.

مهارات التعامل مع الشخص المتنمر

كيفية التعامل مع المتنمر

في حال واجهك شخصًا متنمرًا يجب عليك اتباع الخطوات التالية:

  • يجب عليك تجنب المتنمر، أو الأمكنة التي يتواجد بها المتنمر قدر الإمكان.
  • كن واثقًا بنفسك وبأجوبتك وتصرفاتك، وحاول الرد عليه بطريقة محترمة ومهذبة، فهذا يجعل الشخص المتنمر يشعر أنك تستحق احترامه، ويفقد الأمل في تهديم ثقتك بنفسك.
  • كن هادئًا أثناء كلامك معه، ولا تدعه يشعر بأنه يستفزك أو يتحداك، لأنك إذا اتبعت ذات أسلوبه، سوف تصبح متنمرًا مثله.
  • يجب عليك اختيار وانتقاء الأصدقاء الذين يزيدون من قوتك وثقتك بنفسك، فعندما يكون لديك صداقات، وعلاقات اجتماعية قوية، يصعب على المتنمر التأثير عليك، ويشعر بالفشل.

كيفية الحد من انتشار ظاهرة التنمر؟

لا شك بأن التنمر هو سلوك ضار، وبالتالي يجب منعه وايقافه، لما له من آثار سلبية على جميع الأصعدة، ولكي يحدث هذا، يجب على الآباء، والكادر المدرسي، أن تشمر عن سواعدها، وتقوم بالخطوات التالية:

دور الآباء في علاج التنمر:

دور الاباء في محاربة التنمر

من أبرز أوجه التصدي لظاهرة التنمر ما يقع على عاتق الأسرة، حيث أن الوالدين يلعبان دوراً مهما للغاية في الحفاظ على سلامة الأبناء وتوفير الظروف التي تعمل على التوازن النفسي والاجتماعي لهم، لذلك فإن أول خطوة تجاه وقف التنمر تبدأ من البيت وتكون كالتالي:

  • تنشئة الأطفال تنشئة سليمة منذ الصغر، وتربيتهم على الأخلاق الحميدة وزرع المشاعر الإنسانيّة في نفوسهم كالاحترام والمحبة والتسامح والتواضع ومساعدة الآخرين.
  • إلحاق الأبناء بالأندية الرياضية أو الفنية من أجل قتل الفراغ الذي يؤدي إلى افتعال المشاكل، ويعمل على بناء العلاقات، وتقبل الآخرين.
  • إشعار الأبناء بالأمان والراحة وأن البيت الملجأ الآمن، ومكان تفريغ الشحنات السلبية، والعصبية من خلال حسن الاستماع، والهدوء في حل المشكلات المختلفة.
  • يجب على الأهل مراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال سواء كان ذلك على الأنترنت أو التلفاز، بالإضافة لتشجيعهم على مشاهدة البرامج الهادفة والتي لا تحتوي على مشاهد عنيفة.
  • على الأهل العمل على تكوين علاقة مريحة وقويّة قائمة على الثقة، والحب مع أبنائهم منذ الصغر، وفتح باب الحوار والتواصل معهم بشكلٍ دائم.
  • قيام الوالدين بتعزيز ثقة الأبناء بأنفسهم، وبما يملكون من سمات متفردة خاصة بهم.
  • توعية الأبناء وتثقيفهم حيال حركات العنف التي يمارسها البعض، وتدريبهم على كيفية ضبط النفس، وتجنب المواقف التي تثير الغضب، وذلك من خلال الوعظ الديني، والأخلاقي، وسرد القصص المختلفة عن آثار التنمر.
  • اللجوء إلى الاستشارة من قبل المتخصصين الاجتماعيين والنفسيين من وقت لأخر لضمان توجيه الأبناء بشكل صحيح وعلمي.

دور المدرسة في علاج التنمر:

ما يتوجب على المدرسة القيام به لمنع التنمر داخل المجتمع المدرسي، هو الدور الفعّال الذي تلعبه الإدارة المدرسية، ومجتمع المعلمين بالإضافة إلى دور الأخصائي الاجتماعي، الذي يلعب الدور الأكبر في نشر البرامج التوعوية من خلال استراتيجية العمل البنائي والوقائي، ومن أبرز ما يمكن للمدرسة القيام به للحد من ظاهرة التنمر، هو كالتالي:

  • أن يظهر المعلم كقدوة للطالب من خلال عدالة التعامل مع طلابه، وعدم التمييز بينهم.
  • إيجاد بيئة مدرسية أمنة، من خلال توفير الظروف التي تساعد على التعلم، ونبذ الخصام، والصراع بين الطلبة.
  • وضع القوانين واللافتات السلوكية، وتوعية الطلبة من خلالها، والتي تفرض عقوبات شديدة بحق من يخالفها، ولا سيما في البنود المتعلقة باستخدام العنف، أو الاستقواء داخل الحرم المدرسي.
  • تعزيز التعاون، والعمل الجماعي، والتسامح بين الطلبة، من أجل تقبل بعضهم البعض على اختلاف جنسياتهم وألوانهم ومعتقداتهم.
  • دعم ثقة الطالب بنفسه، من خلال تعزيز ما يقوم به من أنشطة وإنجازات داخل المدرسة.
  • وجود رقابة دائمة، وتتبع للسلوكيات غير المقبولة في المدرسة من قبل بعض الطلبة.
  • الحرص على تنظيم الأنشطة المختلفة التي تُظهر إبداعات وتميز الطلبة، ولاسيما الأنشطة الرياضية التي تساعد على تفريغ الطاقات الزائدة بشكل مفيد وسليم.

المصادر:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله