التصلّب الجانبي الضموري – مرض عصبي عضلي احذر تطوره

التصلّب الجانبي الضموري Amyotrophic Lateral Sclerosis (ALS) هو مرض عصبي تقدمي يصيب الخلايا العصبية الموجودة في النخاع الشوكي والدماغ مسببًا خسارة القدرة على التحكم بعضلات الجسم، مما يسبب إعاقات جسدية من الممكن تجنبها من خلال الكشف المبكر للمرض وأخذ الإجرائات العلاجية المناسبة.

ما هو التصلب الجانبي الضموري؟

التصلب الجانبي الضموري يتم تعريفه كمرض تنكسي تقدمي (أي يزيد سوءًا مع مرور الوقت)، يصيب الخلايا العصبية الحركية الموجودة في الدماغ والنخاع الشوكي، مؤديًا لعدم قدرة الخلايا العصبية على إرسال إشارات التنبيه الكهربائية (السيّالة العصبية) لعضلات الجسم وبالتالي ضمور هذه العضلات، ويؤدي ذلك لفقدان تدريجي في القدرة على الكلام والحركة وتناول الطعام أو حتى التنفس.

يُعرف التصلب الجانبي الضموري أيضًا باسم مرض لو غريغ Lou Gehrig’s نسبةً للاعب البيسبول الذي أٌصيب بالمرض وتم تشخيصه به في عام 1930.

أكدت الدراسات أنّ حوالي 50% من المرضى المصابين بالتصلب الجانبي الضموري يمكنهم العيش لمدة سنتين أو ثلاث بعد التشخيص، و 20% من المرضى يمكنهم العيش لمدة خمس سنين أو أكثر، و 10% من المصابين يمكنهم العيش لمدة تزيد عن الـ 10 أعوام.

التصلب الجانبي الضموري والخلايا العصبية الحركية

يوجد لدى الإنسان نوعان رئيسيان من العصبونات الحركية:

  • عصبونات حركية علوية: تتواجد في الدماغ.
  • عصبونات حركية سفلية: تتواجد في النخاع الشوكي وتتجه أوامرها للعضلات.

تتحكم هذه العصبونات في جميع الحركات الإرادية لدى الإنسان، حيث تتحكم بالعضلات الموجودة في الطرف العلوي والسفلي وعضلات الوجه، وتقوم بأمر العضلات بالتقلص كي يستطيع الشخص المشي أو الركض أو مضغ الطعام أو التنفس.

ويعد التصلب الجانبي الضموري من أحد الأمراض التي تصيب هذه العصبونات الحركية وتفقدها قدرتها على نقل الإشارات.

أنواع التصلّب الجانبي الضموري

يوجد تصنيفين رئيسيين للتصلب الجانبي الضموري:

التصنيف الأول

يتم التصنيف حسب مسبب المرض إلى:

التصلّب الجانبي الضموري العفوي Sporadic ALS

وهو الشكل الشائع حيث يكون متواجد لدى 95% من الأشخاص المصابين بالتصلّب الجانبي الضموري، ويكون فيه السبب غير معروف.

التصلّب الجانبي الضموري الوراثي Familial ALS (FALS)

ويكون وراثيًا وينتقل عبر أبناء العائلة الواحدة، ويتواجد عند حوالي 5-10% من الأشخاص المصابين بالتصلّب الجانبي الضموري.

يكون سبب المرض في هذه الحالة هو تغييرات مرضية في الجينات، وتنتقل هذه التغييرات للأبناء، حيث إذا كان الأب مصابًا توجد فرصة إصابة 50% عند كل فرد من الأبناء.

التصنيف الثاني

يتم التصنيف حسب موقع الإصابة إلى:

التصلّب الجانبي الضموري الكلاسيكي

وهو مرض عصبي تنكسي يصيب العصبون الحركي العلوي والعصبون الحركي السفلي.

تنتشر هذه الحالة لدى أكثر من ثلثي المصابين بالتصلّب الجانبي الضموري.

التصلّب الجانبي الضموري الأساسي (الأولي)

يصيب هذا النوع من التصلّب العصبون الحركي العلوي فقط، ولكنه قد يتطور ويصيب العصبون الحركي السفلي أيضًا، وفي حال عدم تطورها خلال سنتين ستبقى الإصابة محصورة في العصبون الحركي العلوي فقط.

يعد الشكل الأكثر ندرةً من التصلّب الجانبي الضموري.

الشلل البصلي التقدمي 

يصيب هذا النوع العصبون الحركي السفلي فقط، ويسبب مشاكل في الكلام والمضغ والبلع.

يوجد هذا النوع لدى 25% من المصابين بالتصلّب الجانبي الضموري.

ضمور العضلات التقدمي

في هذه الحالة تكون الإصابة محصورة بالعصبون الحركي السفلي فقط، ولكن قد تتطور وتصيب العصبون الحركي العلوي أيضًا، وفي حال عدم تطورها خلال سنتين ستبقى الإصابة محصورة في العصبون الحركي السفلي فقط.

الأسباب

التصلّب الجانبي الضموري هو مرض سببه غير واضح تمامًا، ولكن يوجد حوالي 5% من حالات الإصابة يكون فيها العامل الوراثي سببًا للإصابة.

من الممكن أن تلعب العوامل البيئية دورًا في الإصابة بالمرض، حيث وجد بعض العلماء أن التماس مع بعض المواد الكيميائية أو الجراثيم من الممكن أن تزيد فرص الإصابة بالمرض، فعلى سبيل المثال جميع الأشخاص المشاركين في حرب الخليج عام 1991 كانت معدل الإصابات بينهم أكثر من المعتاد.

كما يبحث العلماء حاليًا في احتمالية وجود بعض الأسباب الأخرى المتّهمة بحدوث التصلّب الجانبي الضموري، نذكر منها:

الغلوتامات Glutamate

الغلوتامات عبارة عن ناقل عصبي يرسل إشارات من وإلى الدماغ، وإن تراكمه في المسافات حول الخلايا العصبية يسبب أذية لها.

وجود خلل في الجهاز المناعي

يقوم الجهاز المناعي عادةً بحماية الجسم من العوامل الخارجية الممرضة ويقضي عليها، ولكن في بعض الحالات قد يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الخلايا السليمة نفسها والتسبب بأضرار، وهنا قد يصيب الخلايا العصبية الحركية.

مشاكل في المتقدرات

المتقدرات هي عضيّات موجودة ضمن الخلايا وتعتبر المصدر الرئيسي لطاقتها، لذلك فإن حدوث خلل فيها قد يكون سبب مُحتمل للإصابة بالتصلّب الجانبي الضموري.

عوامل الخطر

تتضمن عوامل الخطر الإصابة بالتصلّب الجانبي الضموري:

العمر

 يصيب التصلّب الجانبي الضموري الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 55 والـ 75 عامًا بشكل أكبر من غيرهم.

الجنس

يصيب التصلّب الجانبي الضموري الذكور بنسبة أكبر بقليل من الإناث، حيث تكون نسبة الإصابة لدى الذكور 60% ولدى الإناث 40%، ولكن مع التقدم بالعمر يختفي هذا الاختلاف الضئيل.

السلالة والعرق

الأشخاص القوقازيين وغير اللاتينيين معرضين بشكل أكبر للإصابة بالتصلب الجانبي الضموري.

التدخين

لوحظ أن التدخين يسبب زيادة خطر الإصابة بالتصلّب الجانبي الضموري ولا سيّما عند النساء بعد سن اليأس.

التعرض للسموم 

يوجد بعض الأدلة حول وجود علاقة بين التعرض للمواد السامة كالرصاص وغيره في مكان العمل وزيادة فرصة الإصابة بالتصلّب الجانبي الضموري.

الأعراض

تتنوع الأعراض بين المصابين بالتصلّب الجانبي الضموري، وتختلف بين شخص وآخر حسب نوع الخلايا العصبية الحركية المصابة، وبشكل عام تبدأ الأعراض كضعف عضلي مترقي يزداد وينتشر مع مرور الوقت، قد تتضمن الأعراض مايلي:

  • صعوبة في المشي وممارسة الأنشطة اليومية.
  • التعثر والوقوع.
  • الشعور بضعف وخمول في الأطراف.
  • تداخل وتلعثم في الكلام أو صعوبة في البلع.
  • تقلصات عضلية وارتعاش في الذراعين والكتفين واللسان.
  • بكاء أو ضحك أو تثاؤب في أوقات غير مناسبة بشكل لا إرادي.
  • تغيّرات معرفية وسلوكية.

المضاعفات

مع تطور التصلّب الجانبي الضموري وعدم القدرة على التحكم بالمرض تظهر المضاعفات التالية:

1 – مشاكل تنفسية

مع مرور الوقت قد ينتشر المرض إلى العضلات التنفسية ويسبب شللها.

2 – مشاكل في الكلام

معظم الأشخاص المصابين يحدث لديهم مشاكل في الكلام، ويبدأ ذلك بتعلثم بسيط سرعان ما يتطور ليصبح من الصعب أن يتكلم الشخص بشكل واضح ومفهوم.

3 – مشاكل في تناول الطعام

قد يحدث لدى الأشخاص المصابين بالتصلّب الجانبي الضموري تجفاف أو نقص تغذية نتيجة حدوث إصابة في العضلات التي تقوم بالبلع، كما يكون لدى الأشخاص المصابين فرصة أعلى لمرور الطعام والسوائل إلى الرئتين مما يؤدي إلى حدوث ذات رئة.

يمكن تجنّب ما سبق باستعمال أنبوب لتمرير الغذاء والسوائل.

4 – فقدان الذاكرة

بعض الأشخاص المصابين بالتصلّب الجانبي الضموري قد يحدث لديهم مشاكل في الذاكرة واتخاذ القرارات.

التشخيص

إن تشخيص الإصابة بالتصلّب الجانبي الضموري قد يكون تحديًا صعبًا للطبيب، وذلك لأن أعراضه تشبه العديد من الأمراض العصبية الأخرى، يمكن استعمال الطرق التشخيصية التالية لاستبعاد الأمراض الأخرى وتأكيد الإصابة بالتصلّب الجانبي الضموري:

التخطيط العضلي الكهربائي Electromyogram (EMG)

يقوم الطبيب خلال هذا الاختبار بغرز الكترود كهربائي عبر الجلد ليصل إلى العضلات ويقيس النشاط الكهربائي فيها. 

دراسة توصيل العصب

تقيس هذه الدراسة قدرة الأعصاب على إرسال إشارات التنبيه الكهربائية لأماكن مختلفة من الجسم، ويسمح هذا الاختبار بتحديد إذا كان لدى الشخص المُصاب إصابة عصبية أو مرض عضلي أو عصبي آخر.

التصوير بالرنين المغناطيسي MRI

يوفّر التصوير بالرنين المغناطيسي صورة مفصّلة عن الدماغ والنخاع الشوكي، كما يستعمل لاستبعاد الإصابة بأورام النخاع الشوكي أو وجود فتق في الأقراص الموجودة بين الفقرات في الرقبة والتي قد تختلط أعراضها مع التصلّب الضموري الجانبي.

اختبارات دموية وبولية

تستعمل عينات الدم والبول لاستبعاد أمراض أخرى مشتبه بها إلى جانب التصلب الجانبي الضموري.

بزل السائل الدماغي الشوكي (البزل القطني)

ويتضمن أخذ عينة من السائل النخاعي الشوكي عبر إدخال إبرة صغيرة بين فقرتين في الظهر.

خزعة عضلية

يتم أخذ عينة من النسيج العضلي لدى المريض، حيث تكون المنطقة التي تؤخذ منها الخزعة تحت التخدير الموضعي.

العلاج

إن التصلّب الجانبي الضموري يُحدث تنكس غير عكوس في العصبونات الحركية لا يمكن أن يتراجع بالعلاج، ولكن العلاج قادر على تخفيف أعراض المرض وتجنّب مضاعفاته الخطيرة وتسهيل التعايش معه.

تتضمن بعض أساليب العلاج:

الأدوية

وافقت المنظمة الأميركية للأغذية والأدوية FDA على الأدوية التالية لعلاج التصلّب الجانبي الضموري:

ريلوزول Riluzole (ريلوتيك Rilutek)

وهو دواء يؤخذ عن طريق الفم، تكون مهمته تخفيف الضرر على الخلايا العصبية الحركية عن طريق تخفيف مستوى الناقل العصبي الغلوتامات.

أكدّت التجارب السريرية فعالية هذا الدواء في زيادة عمر المريض لمدة عدة أشهر ولا سيّما في الشكل البصلي من المرض.

من الممكن أن يسبب هذا الدواء بعض الأعراض الجانبية كالدوار أو مشاكل معوية أو تغيّرات في وظائف الكبد، لذلك يجب مراقبة المريض ولا سيّما مراقبه وظائف كبده وإجراء تعدادات دم دورية أثناء أخذه للدواء.

إدارافون Edaravone (راديكافا Radicava)

يتم إعطاء هذا الدواء بالطريق الوريدي، وقد أثبت فعاليته في تحسين قدرة المريض على القيام بوظائفه ونشاطاته اليومية.

من الممكن أن تتضمن أعراضه الجانبية التورّم وآلام الرأس وضيق التنفس.

علاجات غير دوائية

تسهم في تحسين الأعراض وتحسين نوعية حياة المريض بشكل كبير، وتشمل:

العناية التنفسية 

عند مرضى التصلب الجانبي الضموري قد يصبح من الصعب التنفس نتيجة ضعف العضلات التنغسية، لذلك قد يعطي الطبيب للمريض بعض الأجهزة التي تساعده على التنفس ولا سيّما ليلًا.

إحدى السبل الأخرى لتحسين التنفس تتضمن إدخال أنبوب عبر شق في مقدمة الرقبة، ويدعى هذا الإجراء بخزع الرغامى.

العلاج الفيزيائي

ويقوم به معالج فيزيائي مُختص، ويفيد العلاج الفيزيائي في تخفيف الألم وتسهيل المشي ومنع تطور الأعراض.

 وقد ينصح المعالج بالفيزيائي بممارسة أنواع معيّنة من الرياضة والتمارين للمحافظة على نشاط العضلات وقوتها، ومن مهامه أيضًا مساعدة المريض على الاعتياد على بعض الأدوات كالكرسي المتحرك أو الدعامات الطبية.

العلاج بالممارسة

يقوم المُعالج هنا بمساعدة المريض على إيحاد طرق ليبقى مستقلًا وقادرًا على ممارسة نشاطاته اليومية كالأكل والشرب وارتداء الملابس رغم الضعف العضلي في الأطراف.

يساعد المُعالج أيضًا في تعديل وضع منزل الشخص المُصاب ليصبح أقل خطرًا عليه في حال تعثر أثناء المشي.

علاج النطق

يقوم المٌعالج بمساعدة المريض على النطق الصحيح وبشكل مفهوم، ومن الممكن أيضًا تعليم الشخص المصاب على وسائل أخرى للتواصل كاللوحة الأبجدية أو باستعمال ورقة وقلم.

العلاج الغذائي

يُساعد المعالج الغذائي على حصول المريض على الغذاء المناسب لوضعه، وذلك لمنع حدوث نقص تغذية لديه.

المراجع:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله