الاستشارة – سنة نبوية ترافق الاستخارة (أحكام وشروط وتفاصيل مهمة)

يلجأ الإنسان إلى الاستخارة والاستشارة إذا أهمه أمر أو تردد في اتخاذ قرار، فيطلب من الله عز وجل هدايته إلى الخير وصرف الشر عنه، ويستشير أهل العلم، وعليه أولًا أن يقوم باستشارة أهل العلم والخبرة ومن ثم الاستخارة.

قال الله تعالى: “وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ” – سورة آل عمران 159، وقال: “وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ” – سورة الشورة 38

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: “ما رأيتُ أحدًا قطُّ كان أكثرَ مشورةً لأصحابهِ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم” [1]

الفرق بين الاستخارة والمشورة

الاستخارة: تعني لجوء الإنسان إلى ربه وتفويض أمره لله تعالى في أمر ما للوصول إلى قرار سليم والحكمة منها تسليم الأمر لله تعالى والالتجاء إليه.

الاستشارة: تعني لجوء الإنسان إلى شخص آخر من أهل العلم والصلاح في طلب الرأي والنصيحة لاستشارته في موضوع معين.

ما هو المقدم الاستخارة أم المشورة؟

اختلف العلماء في هذا الموضوع فمنهم من قدم الاستخارة على الاستشارة مثل:

الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرح رياض الصالحين حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “إذَا هَمَّ أحدُكُم بالأَمْرِ… ” فإذا كررتها 3 مرات ولم يتبين لك الأمر فاستشر ثم ما أشير عليك به فخذ به.

أما النووي فقد قدم الاستشارة على الاستخارة فقال يستحب أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم من حاله النصيحة والشفقة والخبرة ويثق بدينه ومعرفته وإذا استشار وظهر أنه مصلحة استخار الله تعالى في ذلك.

أما ابن حجر الهيثمي قال: “حتى عند المعارض (أي تقدم الاستشارة) لأن الطمأنينة إلى قول المستشار أقوى منها إلى النفس لغلبة حظوظها وفساد خواطرها، وأما لو كانت نفسه مطمئنة صادقة إرادتها متخلية عن حظوظها، قدّم الاستخارة”.

أمور تتقدم فيها الاستشارة وأمور تتأخر

هناك أمور تتقدم فيها الاستشارة على الاستخارة، مثلًا لا بد من استشارة الطبيب للحصول على علاج معين، ففي حال قام بتحديد علاجين أو طبيبين مثلًا، هنا تكون الاستخارة بعد الاستشارة.

فالأصل هو تقديم الاستشارة على الاستخارة، ولكن هناك أمور أخرى تتأخر فيها الاستشارة على الاستخارة، وأمور كلا الوجهين صحيح سواء كان المقدم هو الاستخارة أو الاستشارة. [2]

أمور تستدعي المشورة وأمور لا يستشار بها

كما هو الحال مع تقديم الاستشارة على الاستخارة أو العكس، فهناك أيضًا أمور تستدعي الاستشارة وأمور لا تستدعي ذلك. وفي الأمور التي تستدعي الاستشارة فهي مفضلة، ويستحب أن تتقدم على الاستخارة.

شروط المشورة – شروط في الشخص الذي تستشيره

  • أن يتقي الله فيما أشار فيه ولا تأخذه العاطفة في مراعاة المستشير.
  • أن يكون ذو رأي حكيم وعنده خبرة في الأمر.
  • غير متسرع.
  • أن يكون صالحًا في دينه.
  • من أهل العلم والعقل.
  • الأمانة.

كيف تختار من تستشيره؟

يجب أن تختار الشخص الذي ستستشيره بحكمة، بحيث يحقق شروط المشورة، أما عن طريقة اختيار هذا الشخص فهي تتمثل بالحاجة التي تستشير لأجلها.

فيختلف الشخص المناسبة للاستشارة في أمور العمل عن أمور الطب، أو في أمور الحياة الزوجية عن أمور المال والمشاريع، وشراء السيارة عن السفر أو الهجرة…. إلا أنهم كلهم يتفقون في الشروط!

فمثلًا إذا كان الأمر هو الزواج، فلا بد من استشارة الأشخاص الذين يعرفون الشخص المتقدم، ويعرفون عائلته، حتى يتمكنوا من إرشادك إلى ما يجب فعله سواء كان شخص مناسب فلتمضي في الأمر أو أنه شخص غير مناسب فتتركه.

أما بالنسبة للاستشارة في أمور الدراسة، فيفضل أن يكون الشخص ذو خبرة في هذا المجال، فلو كنت محتار بين مجالين، يمكنك البحث عن معلومات عن المجالين، وسؤال أشخاص قاموا بالفعل بدراسة هذه المجالات أو العمل فيها.

طريقة الاستشارة

على الإنسان أن يقوم أولًا بالاستشارة، ومن ثم الاستخارة (إلا في الحالات التي يجب أن تتأخر بها الاستشارة عن الاستخارة). ويجب أن يستشير الشخص المناسب الآمين التقي، أما عن طريقة الاستشارة فهي:

  • ذكر الأمر وشرحه بشكل كامل للمستشار، بدون حذف، أو تغيير، أو التركيز، أو تحريف… أي جزء أو أي أمر، فكل تفصيل صغيرة يمكن أن يغير الأمر برمته، وعلى المستشار أن يكون على علم بالصورة كاملة حتى يتمكن من إعطاءك المشورة.
  • الاستشارة لا تعني أنه على الشخص اتباع المستشار حرفيًا، وإنما المناقشة جزء منها، بحيث تتم مناقشة مواضع الاختلاف والنقاط الأساسية… حتى تصل إلى الحكم المناسب والموضعي على الأمور.

الاستشارة ونتيجة الاستخارة

إذا استشار الشخص وعزم على أمر ما بعد الاستشارة، فعليه أن يستخير فيه والاستخارة تكون بصلاة ركعتين (صلاة الاستخارة)، ومن ثم دعاء الاستخارة. كذلك يمكن الاستخارة بالدعاء بدون صلاة.

بعد الاستخارة يجب أن يتوكل على الله عز وجل، وأن يمضي في الأمر وفق ما قرره بالاستشارة، ونتيجة الاستخارة تتمثل:

  • توفيق وتيسير للأمور، وهذا يعني أن هذا الأمر فيه الخير الكثير.
  • تعسر وصعوبة في الأمور، مع عدم تعلق القلب، وهذا يعني أن على الشخص ترك هذا الأمر.

على الشخص أن يتمسك بالأمر حتى يصرفه الله عنه بطريقة ما أو بصرف ما، والتعسر والصعوبة واحدة من هذه الصوارف.

أهمية الاستشارة

  • الاستشارة سنة نبوية، كما أنها وردت في القرآن الكريم، قال الله تعالى: “وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ” – سورة آل عمران 159، وقال: “وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ” – سورة الشورة 38
  • الاستشارة تحفز الإنسان لينمي مهاراته الاجتماعية ويتواصل مع الآخرين، ما يجعله اجتماعي بمستوى أفضل.
  • إن كان الأمر متعلق بأكثر من شخص، فالأفضل أن تتم المشاورة بينهم، للوصول إلى اتفاق وتوافق، بدلًا من أن يعزم شخص ما على رأيه الذي قد يكون خطأ أو أبعد عن الصواب.
  • عندما تستشير أهل العلم والمعرفة والخبرة… فأنت تستفيد من خبرتهم، وتجاربهم، وعلمهم، هذا الأمر سوف يزيد من مداركك ويرفع من معارفك.
  • الاستشارة تدفع الإنسان للتريث والتمهل في القرارات التي يأخذها، وتدفعه للتفكير بها بشكل منطقي، بدلًا من التسرع والعجلة واتباع الهوى.

أهم الأسئلة حول الاستشارة والاستخارة

ماذا لو أخطأ الشخص الذي تمت استشارته؟

على الإنسان أن يستخير الله تعالى في كل أموره، فلا يكتفى بالاستشارة، ويجب أن يتبعها بالاستخارة أو يسبقها.

وبالتالي في حال كان الإنسان صادق في استخارة الله عز وجل، فيجب أن يكون على ثقة بأن الأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى، وحتى لو أن الشخص الذي قام باستشارته أخطأ، فالله عز وجل سوف يهديه إلى الخير ويصرف عنه الشر.

هل الاستشارة لازمة ويجب اتباعها؟

الاستشارة سنة نبوية، وهي من الأمور المستحبة، وترافق الاستخارة سواء كان ذلك قبلها أو بعدها. ولكن مع هذا بالنسبة للأمور الخاصة التي لا يمكن مناقشة أحد فيها، فيمكن تخطي الاستشارة والاكتفاء باستخارة الله عز وجل حق استخارة.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله