أهمية السحور في رمضان … لا تتجاهل هذه السُّنة الشريفة

أقبل رمضان، وأقبلت معه منح وعطايا الله سبحانه وتعالى للناس، ومن بينها أداء سنّة من سنن الرسول الكريم التي كان يُداوم عليها وهي السحور.

يعتبر السحور من الأمور المنسية عند أغلب الناس، والسبب هو عدم قدرتهم على الاستيقاظ فجرًا، وتحضير الطعام، إلا أن رسولنا الكريم دعانا لعدم تجاهل هذه السُّنة والقيام بها لما لها من فوائد عديدة سواء من الناحية النفسية أو الجسدية.

ما هو السحور وما هو الوقت الصحيح للسحور؟

السحور هو طعام يتناوله المسلم في وقت محدد يسمى (وقت السَحَرْ) ليتقوّى فيه على صيام النهار في شهر رمضان المبارك، حيث يبدأ من منتصف الليل وحتى أذان الفجر، قال الشافعي: “وقت السحور بين نصف الليل وطلوع الفجر”.

وقد حث الرسول ﷺ على القيام بهذه السُّنة لما لها من فوائد وأهمية للصائم بشكلٍ خاص في شهر رمضان، ولمن يرغب في صيام النوافل (كصيام يومي الاثنين والخميس من كل شهر) بشكلٍ عام.

فضائل وبركات وأهمية السحور في رمضان

مع أن هناك بعضًا من الأشخاص الذين لا يُعيرون هذه السُّنة الكثير من الأهمية، إلا أن معرفة فضائل السحور سوف تغير لديهم هذه المفاهيم، ومن هذه الفضائل:

الزيادة في الخير والصحة والوقت

في حديث عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي ﷺ أنه قال: “تسحَّروا فإن في السَّحور بركة”.

إنها بركة للمسلم في صحته التي يجب ألا يستهين بالعناية بها، وبركة في الوقت، وبركة في اجتماع العائلة على طاولة واحدة قبل أداء فريضة صلاة الفجر، وبركة في أن جميع أفراد العائلة سيصلون الفجر حاضرًا وجماعة، مما يزيد من رحمات الله وبركاته وغفرانه على أهل هذا البيت.

يساعد السحور على تقوية المرء لأداء فريضة الصوم

في حديث عن ابن عباس (رضي الله عنه)، عن الرسول (ﷺ) أنه قال: “اسْتَعِينُوا بِطعام السَّحَر على صِيام النَّهار، وبالقَيلولة على قيام اللَّيْل”. أخرجه ابن ماجه.

يعمل السحور على تهيئة الجسم لتحمل مشقة الصوم الطويل ويزيد من نشاطه، فضلًا عن أهميته في تقوية العبد المسلم على طاعة الله جل جلاله.

السحور استحضار لرحمة الله عزّ وجلّ بعباده

استنادًا إلى الحديث النبوي الشريف: عن عبد الله بن عمر (رضى الله عنه) أن النبي (ﷺ) قال: ” إن الله وملائكته يُصلّون على المتسحّرين”. المحدث ابن حبان، والحديث صحيح.

من رحمة الله عزّ وجلّ بعباده، أنه في وقت السحور والهدوء الذي يملأ هذا الوقت، يستطيع العبد التقرب من الله والدعاء له.

حيث أن الله سبحانه وتعالى وملائكته يُصَلّون في وقت السحور على العباد، كما ويتفاخر سبحانه وتعالى أمام ملائكته بهؤلاء العباد الذين يَدعون نومهم وراحتهم ليقوموا ويتواصلوا بعبادتهم مع الله عزّ وجلّ، ويؤدوا أوامر رسوله ﷺ، وبالتالي يعتبر السحور من أفضل الأوقات للتقرب لله والتجلي بحضرته.

السحور وقت إجابة الدعاء

ففي فترة السحور ينزل الله عزّ وجلّ (بقدسيّته وجلاله نزولًا يليق بعظمته فليس كمثله شيء) إلى السماء الدنيا حتى طلوع الفجر، ويقول عزّ من قائل: ” هل من سائلٍ فأُعطيَه هل من داعي فأستجيبَ له هل من تائبٍ فأتوبُ عليه هل من مستغفِرٍ فأغفرَ له”.

فوقت السحور هو ساعات قليلة يجب أن يستغلها العبد في الذكر والاستغفار والتسبيح، إضافة لتناول هذه الوجبة الخفيفة، والدعاء لله عزّ وجلّ بكل ما يحتاجه من أمور الدنيا أو الآخرة، قهي من الأوقات التي يُستحب فيها الدعاء وبإذن الله تعالى كلها مستجابة.

السحور مخالفة لأهل الكتاب من النصارى واليهود:

من أكثر بركات وفضائل السحور أن المسلم باتباعه هذه السنة، يُخالف اليهود والنصارى الذين لم يكن عندهم هذه المنحة، فقد كان الرسول ﷺ يحرص على الاختلاف والتميز عن أهل الكتب السماوية الأخرى في العبادات المشتركة بيننا وبينهم.

روى عمرو بن العاص (رضي الله عنه) عن النبي (ﷺ) أنه قال: “إن فَصْلُ ما بيْنَ صيامِنا وصيام أَهل الكتاب أَكْلَةُ السَّحَر”. المحدث: مسلم، في صحيح مسلم وهو حديث صحيح. ومعنى (أَكْلَةُ السَّحَر) أي تناول الطعام وقت السَّحَر.

حيث ثبت أن أهل الكتاب (من يهود ونصارى) كانوا إن أفطروا بعد صيامهم ثم ناموا لا يحل لهم معاودة تناول الطعام أو الشراب، أما الدين الاسلامي فقد أعطى للمسلم الرخصة في تناول الطعام والشراب منذ الإفطار حتى آذان الفجر، بدليل قوله سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية (187): {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}.

فوائد تناول وجبة السحور

إضافة للفضائل الكبيرة التي ذكرناها سابقًا عن السحور وبركاته، هناك فوائد كثيرة لتناول وجبة السحور من الناحية الصحية والتي يمكن أن نذكر أبرزها:

  • السحور يخفف الإحساس بالجوع والعطش خلال نهار الصيام، وخاصة عندما يكون الصيام في الجو الحار.
  • هذه الوجبة التي حثنا الرسول ﷺ على تناولها تمنع الشعور بالصداع، والتعب وما يرافقه من إعياء خلال النهار.
  • تخفف من الشعور بالخمول والنعاس والكسل.
  • تعمل وجبة السحور على إبقاء الجهاز الهضمي نشيطًا، صحيًا، ويتهيأ لاستقبال وجبة الفطور بقوة.

هل يجوز تأخير السحور؟

لقد شرّع الرسول ﷺ في حديثه التالي تأخير السحور وذلك ليعطي للنفس الفرصة في أخذ القوة والنشاط والتزود لمواصلة عبادة من عبادات الله عز وجل (وهي الصوم) خلال النهار.

وكان صحابة الرسول يؤخرون السحور ويُعجلون في الإفطار، فقد كان الصحابي عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) يقول: “هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع”.

وفي حديث لأبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) قال: أن النبي (ﷺ) قال: “لا تزال أمتي بخير ما أَخَّروا السّحور وعجَّلوا الفطر”. رواه أحمد، والحديث صحيح.

أحاديث الرسول ﷺ عن السحور وأهميته

لقد وردت عدة أحاديث نبوية عن فضائل السحور وأهميته للمسلم استعدادًا لخوض يوم من الصيام لله عزّ وجلّ في هذا الشهر الكريم، منها:

  • روى أحد أصحاب النبي ﷺ وقال: دخلتُ على النَّبيِّ (ﷺ) وهو يتسحَّر فقال: “إنَّها بركةٌ أعطاكم اللهُ إيَّاها فلا تدَعوه”. المحدث: الألباني وهو صحيح.
  • وروى سلمان الفارسي أن النبي (ﷺ) قال: “البرَكةُ في ثلاثة: في الجماعة، والثَّريد، والسُّحُور” المحدث الالباني، وهو صحيح.
  • حدثنا زيد بن ثابت (رضي الله عنه) أنه قال: تسحرنا مع النبي (ﷺ) ثم قام إلى الصلاة” فقيل له: كم كان بين الأذان والسحور؟ فقال: “قدر خمسين آية” رواه البخاري، بمعنى أنَّ رسول اللَّه ﷺ وزيد بن ثابت: تَسَحَّرَا فلما انتهيا من تناول السحور، قام عليه الصلاة والسلام للصلاة، وكانت الفترة بين السحور والصلاة قدْرُ ما يقرأُ الرَّجل خمْسين آيةً.
  • روى أبو سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (ﷺ) أنه قال: “السَّحورُ أُكْلةُ بَرَكةٍ، فلا تَدَعوه، ولو أنْ يَجرَعَ أَحَدُكم جُرْعةً من ماءٍ، فإنَّ اللهَ وملائكتَه يُصلُّونَ على المُتَسَحِّرينَ”. المحدث: شعيب الأرناؤوط، وهو صحيح.
  • ومن شدة حرص النبي ﷺ على هذه العبادة كان كثيرًا ما يُذكّر أصحابه بها، ويدعوهم إلى فعلها، ويشير عليهم بين الحين والآخر ببركاتها وفضلها حتى لا يدعونها، وهذا ما نراه في حديث العرباض بن سارية (رضي الله عنه) حيث قال: دعاني رسول الله ﷺ إلى السحور في رمضان، فقال: “هَلُمّ إلى الغداء المبارك”. رواه أبو داود والنسائي.

لي كلمة…

إن تناول وجبة السحور في وقتها واتباع أوامر ونواهي الرسول الكريم ﷺ في أدائها إنما تعطي للصائم قوة في عبادته، وتعينه على أداء فريضة الصيام بكل قناعة وخضوع، وتقوي طاعته لله عزّ وجلّ خلال نهار الصيام، ويكون عبدًا مطيعًا، يُرزق حب الرسول الكريم ﷺ باتباع أوامره.

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “نِعْمَ سحور المؤمن التمر”. رواه أبو هريرة (رضي الله عنه)، والمصدر سنن أبي داود، فالتمر له قيمة غذائية كبيرة تساعد على تقوية الجسم، وتحمل أعباء صيام النهار، فلا تهمل تناوله عند السحور والفطور أيضًا.

المصادر:

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله