تعد مشكلة نقص الحديد في الدم من المشاكل الصحية الخطيرة، التي يتوجب تشخيصها وعلاجها بأسرع وقت ممكن، حيث يلعب الحديد دورًا أساسيًا في صنع هيموغلوبين الدم، وهو نوع من البروتين يسمح بحمل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم بوساطة خلايا الدم الحمراء.
يعد فقر الدم الناجم عن نقص الحديد هو الأكثر شيوعًا بين أنواع فقر الدم المختلفة في جميع أنحاء العالم. حيث تسبب مشكلة انخفاض الهيموغلوبين في الدم فقدان كفاءة الأنسجة والعضلات نتيجة لعدم تلقيها ما يكفي من الأكسجين، وبالتالي انخفاض أداء الجسم. لذا لابد من معرفة أعراض نقص الحديد في الجسم بهدف علاج أسبابه.
ما هو نقص الحديد في الجسم؟
يحدث فقر الدم، الناجم عن نقص الحديد، بسبب نقص الحديد في النظام الغذائي، أو بسبب عدم امتصاصه في الجسم، مما يؤدي إلى مستويات غير طبيعية من خلايا الدم الحمراء في الدم ناتجة عن نقص الهيموغلوبين. وعلى الرغم من انتشار هذا المرض، فإن معظم الأشخاص الذين يعانون من نقص الحديد، أو فقر الدم الخفيف، عادة لا يلاحظون الأعراض حتى يتفاقم المرض عندهم.
أعراض نقص الحديد في الجسم
تختلف أعراض نقص الحديد في الجسم حسب شدته، وسبب الإصابة به، ومدى سرعة تطوره، بالإضافة إلى العمر والحالة الصحية الحالية. إلا أن أبرز الأعراض تتلخص كما يلي:
1 – التعب غير المعتاد:
الشعور بالتعب، هو أحد أكثر أعراض نقص الحديد شيوعًا، و يصيب أكثر من نصف المصابين بفقر الدم، حيث يترافق مع صعوبة في التركيز، أو ضعف الإنتاجية في العمل، بالإضافة إلى انخفاض مستويات الطاقة.
فعندما يعاني الجسم من نقص الهيموغلوبين، يحدث ضعف في توصيل الأكسجين إلى أنسجة الجسم، بالتالي حرمانها من الطاقة الضرورية لأداء وظائفها الحيوية، كما ويعمل القلب بجهد أكبر لنقل الدم الغني بالأكسجين، الأمر الذي يسبب الشعور بالتعب.
2 – الشحوب:
يعد الشحوب أكثر الأعراض شيوعًا لفقر الدم، المتوسط إلى الشديد. يمكن أن يظهر هذا الشحوب في جميع أنحاء الجسم أو يقتصر على منطقة واحدة، مثل الوجه واللثة وداخل الشفاه، أو الجفون السفلية وحتى الأظافر. ترجع هذه المشكلة إلى انخفاض نسبة الهيموغلوبين في الدم، والتي تعطي الدم لونه الأحمر.
3 – ضيق التنفس:
يعد ضيق التنفس أحد أعراض نقص الحديد، لأن انخفاض مستوى الهيموغلوبين يعني أن الجسم غير قادر على إيصال الأكسجين الذي تحتاجه العضلات والأنسجة. نتيجة لذلك، يزداد معدل التنفس عندما يحاول الجسم الحصول على المزيد من الأكسجين. لذا يمكن أن يكون نقص الحديد هو السبب، إذا كنت تعاني من ضيق في التنفس أثناء القيام بالمهام اليومية العادية التي كانت سهلة بالنسبة لك ذات يوم، مثل المشي أو صعود السلالم أو ممارسة الرياضة.
4 – الصداع والدوخة:
على الرغم من وجود العديد من أسباب الصداع، إلا أن نوبات الصداع المتكررة والدوخة يمكن أن تكون علامات على نقص الحديد. حيث يرتبط نقص الحديد في الجسم بانخفاض مستويات الهيموغلوبين في خلايا الدم الحمراء، مما يعني عدم وصول كمية كافية من الأكسجين إلى الدماغ. ونتيجة لذلك، تنتفخ الأوعية الدموية في الدماغ، مما يسبب الضغط والصداع.
5 – خفقان القلب:
يمكن أن يكون معدل ضربات القلب المرتفع، علامة أخرى على فقر الدم أو نقص الحديد. ففي حالة نقص الحديد، و انخفاض مستويات الهيموغلوبين في الدم، يبذل القلب جهد أكبر لضخ الأكسجين إلى أنحاء الجسم. يمكن أن تتسبب هذه الحالة في عدم انتظام ضربات القلب، أو الشعور بنبض سريع وغير طبيعي. وفي حالات فقر الدم الحاد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تضخم القلب أو قصوره.
6 – جفاف الجلد والشعر:
من الطبيعي تمامًا أن يتساقط بعض الشعر يوميًا عند الغسيل والتمشيط، ولكن إذا كان معدل تساقط الشعر أكثر من المعتاد، فقد يكون ذلك بسبب نقص الحديد، الذي يسبب الجفاف وتلف الجلد والشعر كنتيجة لنقص الأكسجين الوارد إليها، حيث يتم توجيه الأكسجين في الجسم في هذه الحالة إلى أعضاء أكثر أهمية كالعضلات.
7 – تورم وألم في اللسان والفم:
يمكن أن يسبب نقص الحديد جفاف الفم، أو تشققات حمراء في زواياه، أو حتى تقرحات في الفم. ففي بعض الأحيان، ومجرد النظر في فمك أو حوله، يمكن أن يعطيك فكرة عما إذا كنت مصابًا بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد أم لا. بما أن الهيموغلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء يدعم العضلات التي يتكون منها اللسان أيضًا، لذا فإن نقصه يسبب تورم اللسان، أو التهابه أو شحوبه أو مظهره الأملس بشكل غريب.
8 – تململ الساقين:
لا تزال أسباب متلازمة تململ الساقين غير معروفة. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 25 ٪ من المصابين بمتلازمة تململ الساقين يعانون من فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، وتزداد حدة الأعراض كلما انخفض مستوى الحديد. تتلخص أعراض متلازمة تململ الساقين، بالشعور بالحاجة القوية لهز ساقيك عند الراحة، بالإضافة إلى إحساسًا بحكة غير سارة وغريبة في الساقين، وخاصةً في الليل، مما يسبب صعوبة في النوم لدى لأشخاص المصابين.
9 – الأظافر الهشة أو الأظافر على شكل الملعقة:
أحد أكثر أعراض نقص الحديد في الجسم شيوعًا هو تقصف الأظافر، تبدأ هذه المشكلة غالبًا بأظافر هشة تتكسر بسهولة وتترك تشققات. و تصبح الأظافر على شكل ملعقة في مراحل لاحقة من نقص الحديد. ومع ذلك، يعد هذا عرضًا جانبيًا نادرًا ولا يظهر إلا في الحالات الشديدة من فقر الدم الناجم عن نقص الحديد.
10 – برودة اليدين والقدمين:
يسبب نقص الحديد ضعف في إمداد اليدين والقدمين بالأكسجين، مما يعطي الإحساس بالبرودة في الأطراف بشكل عام.
أعراض أخرى لنقص الحديد في الجسم
هناك أعراض أخرى لنقص الحديد في الجسم، وهي أقل شيوعًا ويمكن أن ترتبط بالعديد من المسببات غير نقص الحديد، أبرزها:
- الرغبة الشديدة في تناول أطعمة غريبة أو غير غذائية، كالرغبة في تناول الثلج، الطين، الأوساخ، الجبس، أو حتى الورق، هي علامات على نقص الحديد. و يمكن أن تحدث هذه الحالة أثناء الحمل أيضًا.
- الشعور بالقلق والتوتر، قد يسبب نقص الأكسجين في أنسجة الجسم، الناتج عن نقص الحديد، شعورًا بالقلق. يمكن أن تتحسن هذه المشكلة أو تحل إذا ارتفعت مستويات الحديد في الدم.
- الالتهابات المتكررة، يقوي الحديد جهاز المناعة ويحميه من الأمراض، لذا فإن نقصه قد يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والالتهابات أكثر من المعتاد.
أسباب نقص الحديد في الجسم
تتعدد أسباب نقص الحديد، التي تسبب الأعراض السابقة، في الجسم إلا أن أكثرها شيوعًا:
1 – عدم الحصول على ما يكفي من الحديد في نظامك الغذائي:
يمكن لجسمك تخزين الحديد ولكن لا يمكنه إنتاجه. لذلك، يجب تزويد الجسم بالحديد من خلال التغذية. لذا ينصح باختيار الأطعمة التي تحتوي على فيتامين سي لزيادة امتصاص الحديد. كما يمكنك شرب عصائر الفاكهة، أو تناول الأطعمة الأخرى الغنية بفيتامين سي في نفس الوقت مع تناول الأطعمة الغنية بالحديد.
2- صعوبة امتصاص الحديد:
يتم امتصاص الحديد الموجود في الطعام عن طريق المعدة والأمعاء، لذا يمكن أن تؤثر الاضطرابات الهضمية و جراحة المعدة على كمية الحديد التي يتم امتصاصها.
3- فقدان الدم بسبب النزيف:
عندما تفقد بعض الدم، بسبب أي نوع من أنواع النزيف، فإنك تفقد بعض الحديد بالفعل. يمكن أن يكون سبب هذا النزيف مجموعة متنوعة من الأسباب، مثل غزارة الدورة الشهرية، والنزيف في المعدة أو الأمعاء.
4 – أسباب أخرى لفقر الدم:
قد يرتبط نقص الحديد في الدم بأسباب أخرى كتناول أدوية مثل الأسبرين، أو غيره من الأدوية المضادة للالتهابات، أو القرحة، أو الأورام الحميدة المعوية أو السرطان. إضافًة إلى عوامل أخرى مثل التبرع المفرط بالدم، وفقدان الدم الجراحي.
أمراض تسبب نقص الحديد في الجسم
تشمل الأمراض الأخرى التي قد تسبب أعراض نقص الحديد في الجسم ما يلي:
- مشاكل في الكلى.
- فشل القلب الاحتقاني.
- السمنة المفرطة.
- بعض الأمراض المعوية مثل مرض التهاب الأمعاء.
- العدوى بالطفيليات، مثل الديدان الخطافية.
عوامل الخطر ومضاعفات نقص الحديد:
قد تكون هذه الفئات من الأشخاص، هم الأكثر عرضة للإصابة بنقص الحديد ومضاعفاته.
النساء في مختلف المراحل العمرية:
المراهقات والنساء في سن الإنجاب أكثر عرضة للإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد بسبب نزيف الحيض والحمل والولادة والرضاعة الطبيعية. أظهرت الأبحاث أن ما يقرب من نصف النساء يحملن مع نقص مخزون الحديد، مما قد يسبب مشاكل خطيرة للأم والجنين.
النساء الحوامل:
تم ربط فقر الدم الناجم عن نقص الحديد الحاد بالولادة المبكرة عند الحوامل، وانخفاض وزن الأطفال عند الولادة، ولكن يمكن منع هذه الحالة عند النساء الحوامل اللائي يتلقين مكملات الحديد كجزء من رعاية ما قبل الولادة.
الرضع والأطفال:
قد يكون الأطفال الخدج أو الذين يعانون من نقص الوزن، دون الحصول على ما يكفي من الحديد من حليب الأم، معرضين لخطر الإصابة بنقص الحديد. لذا يحتاج هؤلاء الأطفال إلى حديد إضافي بمرور الوقت. من خلال إعطائهم الحليب الصناعي المدعم بالحديد، حتى يبلغوا من العمر عامًا واحدًا. حيث تبين أن الرضع الذين يتغذون على حليب البقر والذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا هم أكثر عرضة للإصابة بنقص الحديد وبالتالي انخفاض المناعة.
نقص الحديد لدى النباتيين:
قد يكون الأشخاص الذين لا يأكلون اللحوم أكثر عرضة للإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد إذا لم يتناولوا الأطعمة الغنية بالحديد.
المتبرعون بالدم بانتظام:
قد يزيد خطر الإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد لدى الأشخاص الذين يتبرعون بالدم بانتظام، حيث يمكن أن يؤدي التبرع بالدم إلى استنفاد مخزون الحديد.
نصيحة أخيرة
في حال كان لديك أحد أعراض نقص الحديد في الجسم، التي ذكرناها سابقًا، لا بد من استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة، وتحديد طريقة العلاج المناسبة، حسب شدة فقر الدم إن وجد، وذلك إما بوصفة طبية لمكملات الحديد أو باتباع نظام غذائي يحدده لك الطبيب.
المصادر
