جعل الله الدعاء ملاذًا للإنسان عندما تنقطع به السبل، وتوصد دونه الأبواب، وأنزل في كتابه وسنة نبيه من الدعاء ما يتناسب مع حاجات الإنسان، فهناك دعاء للتيسير ودعاء للاستخارة وآخر للحاجة، وخصص أدعية للشفاء من الأمراض منها ما جاء في القرآن، ومنها ما ورد في السنة.

آيات الشفاء بالقرآن الكريم
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما أنزل الله داء إلا قد أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله” رواه الإمام أحمد، فمن سبل الشفاء، ما يلي:
الشفاء بآيات القرآن الكريم
إن القرآن كله شفاء للمؤمنين، ويصح التداوي به، قال الله تعالى: “وننزل من القرآن ما هو شفاء” (الإسراء 82).
هناك آيات مخصوصة ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم للشفاء من الأمراض ومنها:
حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ لِي أَخًا وَبِهِ وَجَعٌ، قَالَ: “وَمَا وَجَعُهُ؟” قَالَ: بِهِ لَمَمٌ، قَالَ: “فَأْتِنِي بِهِ “، فَأَتَاهُ بِهِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فعوّذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآيات التالية:
- فاتحة الكتاب (سورة الفاتحة).
- آخر أربع آيات من سورة البقرة.
- بهاتين الآيتين: “وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ”.
- آية الكرسي.
- آية “شهد الله أنه لا إله إلا هو” من سورة آل عمران.
- آية “إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ” من سورة الأعراف.
- أواخر سورة المؤمنون “فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ”.
- آية “وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا” من سورة الجن.
- أول عشر آيات من سورة الصافات.
- آخر ثلاث آيات من سورة الحشر.
- سورة الإخلاص، والمعوذتين.
فقام الرجل معافًا وكأنه لم يشك من شيء قط. (مصدر الحديث).
آيات للشفاء من القرآن الكريم
جاء في فتوى سماحة الدكتور نوح علي سلمان – رحمه الله – أن هناك آيات للشفاء في القرآن الكريم وهي ستة، ذكرت فيها كلمة (شفاء) وما اشتق منها، وتقرأ على المريض لعل الله يشفيه، وهي:
- “ويشف صدور قوم مؤمنين” (التوبة 14)
- “قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور” (يونس 57)
- “يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس” (النحل 69)
- “وإذا مرضت فهو يشفين” (الشعراء 80)
- “قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء” (فصلت 44)
- “وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين” (الإسراء 82)
أدعية من السنة للشفاء
وأما الأدعية من السنة فكثيرة نذكر منها:
عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: “اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا” رواه البخاري ومسلم
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: “خَرَجَ عَلَيَّ خُرَّاجٌ فِي عُنُقِي، فَتَخَوَّفْتُ مَعَهُ، فَأَخْبَرْتُ بِهِ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: سَلِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: “ضَعِي يَدَكِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُولِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمْ أَذْهِبْ عَنِّي شَرَّ مَا أَجِدُ بِدَعْوَةِ نَبِيِّكَ الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ الْمَكِينِ عِنْدَكَ، بِسْمِ اللَّهِ”، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَانْخَمَصَ.”
عنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ أَبِي حَسِيبَةَ: “أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جَرْشَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعِيرٍ، فَنَادَتْ: يَا عَائِشَةُ، أَعِينِينِي بِدَعْوَةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُسَكِّنِينِي، أَوْ تُطَيِّبِينِي بِهَا، وَإِنَّهُ قَالَ لَهَا: “ضَعِي يَدَكِ الْيُمْنَى عَلَى فُؤَادِكِ فَامْسَحِيهِ، وَقُولِي: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ دَاوِنِي بِدَوَائِكَ ، وَاشْفِنِي بِشِفَائِكَ، وَأَغْنِنِي بِغِنَاكَ بِفَضْلِكَ عَنْ مَنْ سِوَاكَ، وَأَحْدِرْ عَنِّي أَذَاكَ” .قَالَتْ رَبِيعَةُ: فَدَعَوْتُ بِهِ فَوَجَدْتُهُ جَيِّدًا”.
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: “مَرِضْتُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَعُودُنِي فَعَوَّذَنِي يَوْمًا فَقَالَ: “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ الأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ مِنْ شَرِّ مَا تَجِدُ”. فَلَمَّا اسْتَقَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا قَالَ: “يَا عُثْمَانُ، تَعَوَّذْ بِهَا فَمَا تَعَوَّذْتُمْ بِمِثْلِهَا”.
وقوله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص لما اشتكى إليه وجعًا يجده في جسده: “ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاث مرات وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر”.
وما رواه أبو داوود عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من اشتكى منكم شيئًا أو اشتكاه أخ له فليقل: “ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء، اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ”.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ: “اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ”.
عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، قَال: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ”.
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: ” أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ”.
عنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَنْ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَأَمْرِ الْآخِرَةِ صَادِقًا كَانَ بِهَا أَوْ كَاذِبًا”.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: “مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَيَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عُوفِيَ”.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين رضي الله عنهما: “أعوذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامّة” ويقول: “إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق”.
الرقية الشرعية
– ويطلق مسمّى الرقية الشرعيّة على الدعاء الذي يستشفي به المريض سواء أكان هذا الدعاء من الكتاب أو من السنة، وهذه هي طريقة الرقية الشرعية:
- يبدأ المسلم بالوضوء.
- استقبال القبلة.
- يتوجه الراقي إلى الله بقلبه.
- الاستعاذة من الشيطان.
- ثم يقرأ الآيات والأدعية السابقة بنية الشفاء مما أصابه.
- ينفث بيده ويمسح موضع الألم.
- لا بأس في أن يقرأ المريض أدعية الرقية على ماء ثم يشرب منه، ويصب ما تبقى من الماء على نفسه، أو يقرأ على زيت ليدهن به نفسه.
شروط الرقية الشرعيّة
ولا تصح الرقية إلا بشروط منها:
- ألا تكون شركيّة: “ففي صحيح مسلم أن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله: كيف ترى في ذلك؟ فقال: “اعرضوا على رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا”.
- أن تكون بكلام الله أو أسمائه وصفاته أو بالأدعية والأذكار النبوية، ولا يصح أن يذكر فيها العبارات المحرمة كالسب واللعن.
- أن تكون باللسان العربي أو بما يفهم معناه.
- الاعتقاد بأن الرقية لا تؤثر بنفسها، وأن الشفاء بيد الله وحده.
- أن تكون بصوت واضح دون أي تمتمة أو همهمة.
- ألا تكون الرقية بهيئة محرمة: كأن تكون في مقبرة، أو في الحمام، أو بالتلطخ بالدماء والنجاسات، أو بكتابة الطلاسم.
- ألا يلمس الراقي المريضة بأي شكل.
- عدم سؤال الراقي للمريض عن اسمه أو تاريخ ميلاده.
- ألا يكون الراقي عرافًا أو كاهنًا، بل يجب أن يكون من أهل التقى والصلاح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ”.
- الدعاء بقلب حاضر، مخلص، موقن بالإجابة: لما رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه”.
- ألا يستبطئ الشفاء، لأن الرقية دعاء وإذا استعجل الإنسان الإجابة قد لا يستجاب له، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي”.
أبحاث علمية تؤكد التداوي بالرّقية
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر التداوي بالبسملة من خلال لفظ “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم”
واليوم نجد الأبحاث العلمية تؤكد أمر التداوي بالبسملة وبإمكانكم أن تعرفوا تفاصيل البحث من خلال متابعة هذا الفيديو
التداوي بالصلاة على النبي
إن للصلاة على النبي ثمار كثيرة، ولذلك حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإكثار من هذا الذكر بالحديث الشريف، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: “قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ صَلَاتِي كُلَّهَا صَلَاةً عَلَيْكَ؟ قَالَ: ” إِذًا يَكْفِيكَ اللَّهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ”.
فالصلاة على النبي ذكر يستخدم للاستشفاء من الأمراض العضوية أو النفسية، وها هي القصص الواقعية تؤكد ذلك، ومن هذه القصص ما رواه الشيخ صالح المغامسي عن تجربته الشخصية وبإمكانكم متابعتها من خلال الفيديو التالي
التداوي بماء زمزم
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة القرآن على الماء وشربه، فكيف إذا كان هذا الماء هو ماء زمزم، فعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ”.
وكم سمعنا من قصص واقعية عن أناس أصيبوا بمرض عضال كالسرطان وبفضل الله وشرب ماء زمزم والدعاء عليه تم لهم الشفاء.
هذه أدعية الشفاء وشروط وطرق التداوي بها، وهي أحاديث مأثورة وموثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ بها أخي القارئ بالإضافة إلى الأدوية الطبية، ولا تنس أن الشافي هو الله.