أين وكيف ومتى تم اكتشاف النفط؟

النفط هو مادة طبيعية تتكون من خليط من الهيدروكربونات، عادةً يكون لون النفط أسود أو بني غامق، وقد يكون لونه برتقالي مخضر حسب التركيب. بشكلٍ عام، النفط هو مادة زيتية ولزجة شديدة الاشتعال. ودائمًا ما تكون الكثافة النسبية للخليط النفط أقل من واحد، أي أن وزنه أقل من وزن الماء مما يسمح له بالطفو عليه دون أن يذوب فيه لأنه مركب زيتي. هذا يفسر طفو بقع النفط في البحار والمحيطات عندما يحدث تسرب نفطي من السفن.

الرائحة التي تميز النفط هي في الغالب ناتجة عن المركبات العطرية التي تشكل جزءًا من خليط الهيدروكربون مع الألكانات والسيكلو ألكانات ومواد أخرى مثل البارافين والنفتالين ومركبات الكبريت ومركبات النيتروجين والتربينات والفينولات.

يوجد النفط في معظم الحالات في الرواسب الجوفية ولا تزال بعض الأماكن التي يوجد فيها النفط غير مكتشفة.

كيف يتكون النفط

يتكون النفط من تراكم المواد العضوية التي لم تتحل بشكلٍ كامل، أي من كتل كبيرة من الكائنات البحرية وحيدة الخلية، مثل العوالق النباتية والعوالق الحيوانية المدفونة في قاع المحيطات والبحار منذ ملايين السنين. هذه النظرية أول من افترضها هو العالم الروسي لومونوسوف خلال القرن الثامن عشر وأكدها العالم الروسي منديليف في عام 1877.

يبدأ تكون النفط من خلال تراكم المواد العضوية بكميات كبيرة مما يجعل الكائنات الحية الدقيقة غير قادرة على تحليلها. يمكن أن يحدث هذا في المناطق الساحلية الضحلة الغنية بالكائنات الحية والمغذيات، لكن مع ندرة الأكسجين في قاع البحر. وعلى مدار ملايين السنين، تتراكم الكائنات الميتة فوق بعضها في طبقات، مما يؤدي إلى زيادة الضغط ودرجة الحرارة اللذين يؤديان إلى تفاعلات كيميائية وفيزيائية تغير من حالة المادة.

لنكون واضحين، الكائنات الحية الكبيرة التي ماتت لا تساهم في تشكيل حقول النفط، يمكن أن تكون بعض الكائنات الحية المعقدة مثل الأسماك والطحالب جزءًا من عملية التحول الأحيائي هذه، ولكن نادرًا ما تشارك الكائنات الحية الكبيرة فيها.

في البداية يتكون الكيروجين من المادة العضوية المدفونة بواسطة البكتيريا اللاهوائية، ثم يتحول ببطء إلى مركبات سائلة وغازية تتكون من الكربون والهيدروجين (الهيدروكربونات). تحدث هذه العملية بشكلٍ سريع على عمق 2 – 3 كم تحت الأرض، لكننا حين نقول تحول سريع فإننا نعني فترة لا تقل عن 5 – 10 ملايين سنة في أفضل الظروف، وفي حال عدم توفر الظروف هذه، فإن العملية قد تستغرق 100 مليون سنة.

الوقت اللازم لتكوين النفط وكذلك الفحم وغاز الميثان يجعل هذا النوع من الموارد غير متجدد بالنسبة للإنسان، خاصةً بالنظر إلى السرعة التي تستهلك فيها.

متى تم اكتشاف النفط

الاعتقاد الشائع هو أن النفط تم اكتشافه في التاريخ الحديث، لكن الحقيقة أن النفط كان معروفًا منذ العصور القديمة باسم “زيت الصخر”. كلمة “البترول” أصبحت مستخدمة في منتصف القرن السادس عشر، وهي مشتقة من كلمتين لاتينيتين، كلمت بترا والتي تعني الصخر، وكلمة أوليوم التي تعني الزيت.

في البداية، كان النفط يستخرج من المناطق التي يظهر فيها دون حفر، تم استخدام هذا النفط لإشعال المصابيح أو كمادة لمنع تسرب المياه من السطوح، وتم ذكرها في الإلياذة (ملحمة شعرية تحكي قصة حرب طروادة) على أنها “نار دائمة” استخدمت لإشعال النار في السفن المعادية.

بالإضافة إلى ذلك، تم استخدام النفط للأغراض العلاج الطبي، حيث أصبحت بعض الأماكن التي يظهر فيها معروفة بالمنتجعات الصحية.

في منتصف القرن التاسع عشر، كان المجتمع الغربي يطالب بمادة للإضاءة بسعر رخيص. إدوين دريك هو أول من قام بإجراء تنقيب عن النفط تحت الأرض في شهر أغسطس من عام 1859 بالقرب من مدينة تيتوسفيل بولاية بنسلفانيا، ويقال إن العمال صدموا بفكرة مشروعه الغريب “حفر الأرض للبحث عن النفط” واعتقدوا أنها ضرب من الجنون. لكنها نجحت وتم حفر أو بئر نفط في العالم بولاية بنسلفانيا الأمريكية.

قبل ظهور البترول، كان البشر يصيدون الحيتان للحصول على الدهن منها بغرض استخدامه في إشعال مصابيح الإنارة، لكن بعد اكتشاف البترول، أصبح بالإمكان الاستغناء عن دهن الحوت، مما ساهم في تقليل صيدها. وفي عام 1861، تم نشر مقالة في مجلة فانيتي فير الأمريكية مع صورة تظهر حيتان العنبر تحتفل باكتشاف آبار النفط في ولاية بنسلفانيا، لأن النفط المستخرج من هذه الآبار ساهم في الحد من صيد الحيتان.

صورة تظهر حيتان العنبر تحتفل باكتشاف آبار النفط - مجلت فانتي فير عدد أبريل عام 1861
صورة تظهر حيتان العنبر تحتفل باكتشاف آبار النفط – مجلت فانتي فير عدد أبريل عام 1861

تحدث محامي من مدينة نيويورك الأمريكية اسمه جورج بيسيل عن الإمكانات النشطة للنفط الذي تم استخراجه في ولاية بنسلفانيا لتركيب أدوية لعلاج الصداع وآلام الأسنان وأمراض المعدة والروماتيزم وأمراض الجلد، كما كان بيسيل مقتنعًا بأنه يمكن استخدام “زيت الصخر” كزيت لإنارة بدلًا من دهن الحيتان أو الفحم.

بالتأكيد، لم يتوقع أحد النجاح الهائل والتأثير الكبير الذي قد يحدثه النفط على تطور المجتمع في كل أنحاء العالم. كانت الفكرة الأساسية للتنقيب عن النفط هي من أجل استخدامه لإضاءة شوارع المدن وربما كمادة تشحيم. لكن لم يكن أحد يتخيل أن استغلال هذه المادة سيغير الثروات الاقتصاد والمجتمع والبيئة على كوكب الأرض.

شارك المعلومة؛ فالدال على الخير كفاعله